"رحل... فجر النهار، هكذا قبل صياح الديك، رحلت، لن أرثيك اليوم ولن أبكيك، لا عبارات لدي تفيك بعض حقك، وأنت سيد القلم، تسقط الحروف وتعجز الكلمات"...بقلم ​نايلة تويني​ من جريدة "النهار"...يتبع.

رحل عملاق الصحافة العربيّة اللبناني ​غسان تويني​، ترك 86 عاما على طاولة مكتبه، وترك الاوراق والقلم، هجرنا عميد الصحافة وديك جريدة "النهار"، انصرف عنا مرتين، المرة الاولى حين توقّف عن كتابة افتتاحية "النهار" منذ ثلاث سنوات، والمرّة الثانية اليوم، حين استفتحنا على الخبر وتوقّفنا عن الكتابة، عاجزين، اسكتّنا يا غسان، ماذا نكتب، كيف نرثيك؟!.

لم يبق الجسد، لم يسلّم حتى مفتاح غرفة 929 التي نزل فيها 38 يوما، مصارعا المرض العضال، بمستشفى الجامعة الاميركيّة، محمّلا لحفيداته ميشال ونايلة مسؤولية صحيفة "النهار" التي ورثها بدوره عن ابيه جبران، كما اورثها في حياته لابنه جبران.

شغل غسان الذي سيرثى الى مثواه الاخير عند الثانية عشر من منتصف نهار يوم غد، في كاتدرائية القديس جاورجيوس بوسط بيروت، منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في لبنان كما تولّى منصب وزير الصناعة والنفط، ومهمّة وزير السياحة خلال الحرب الاهليّة بين عام 1975 و 1976.

كما استحوذ الاخير على صفة الممثل الشخصي لمدير الـ"يونيسيف"في الخليج العربي عام 1971و سفير لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة بين عامي 1977و 1982، فضلا عن انّ تويني كان قد عين عام 1967 سفيرا مطلق الصلاحية وممثل شخصي لرئيس الجمهورية اللبنانية في الولايات المتحدة، الى ذلك انتخب تويني عام 2006 نائباً عن بيروت للمقعد الذي شغر باستشهاد نجله جبران.

تولّى تويني رئاسة تحرير النهار عام 1949، واستلم وظيفة ناشر الجريدة وشريك مفوض لها بين عامي 1963-1999، فضلا عن ترئّسه لتحرير جريدة "Le Jour"  باللغة الفرنسية عام 1965، في حين اشترى الاخير  صحيفة "الأوريان" الفرنسية عام 1970 من جورج نقاش، ليعيّن في نفس الفترة وزيراً للتربية الوطنية والإعلام ونائباً لرئيس مجلس الوزراء في حكومة الشباب برئاسة صائب سلام.

اما على الصعيد الثقافي فعيّن غسان عضوا لبنانيا في مجلس أمناء الجامعة الأميركية بين 1988 و2002، ورئيسا لجامعة "البلمند" بين عامي 1993-1999، كما شارك في تأسيس الأكاديمية اللبنانية للحقوق والعلوم السياسية ودرّس فيها فلسفة القانون وتاريخ الفكر السياسي منذ 1951.

  الى ذلك حصل غسان على شهادة البكالوريوس في الفلسفة من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1945، ونال وسام الارز الوطني من رتبة ضابط أكبر عام 1948، محصّلا الدكتوراه الفخرية في الانسانيات من الجامعة اللبنانية عام 2010، كما حصل على وسام الاستحقاق الذهبي اللبناني في نفس العام، ووسام الاستحقاق المدني الاسباني من رتبة كومندور في العام الذي سبقه، فضلا عن استلامه لوسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس عام 2005.

نذكّر انّ ​عميد الصحافة اللبنانية​ كان متزوّجا من الشاعرة ناديا حمادة التي توفيت عام 1996، بعدما انجب منها جبران الذي قتل عام 2005 في اعتداء بسيارة مفخخة ونائلة التي توفيت بالمرض، ومكرم الذي توفي بحادث سير.

نشير الى اهم ما ترك الراحل غسان تويني من كتابات:

اتركوا شعبي يعيش.

لبنان في الامم المتحدة.

مقدمة الرئيس شارل حلو .

ملف الجنوب .

آراء في السياسة والحكم .

100 يوم في الحكم .

سر المهنة.. وأسرار أخرى.

كتاب الاستقلال بالصور والوثائق.

حوار مع الاستبداد.

الإرهاب والعراق قبل الحرب وبعدها.

الجمهورية في إجازة.

"...جدي، أحمّلك شوقي إليك، قل لجبران، عندما تلتقيان، اننا نفتقده، وإننا اشتقنا إليه، سأزوركما معاً، انا وجبراني الصغير، تأكد دوماً اننا سنكون معاً وسنبقى معاً موحدين، اخواتي وأنا وشاديا وخالي مروان وكل الأسرة، جدي غسان، سلم على جبران".