بعد البنوك اليونانية، والإيطاليا والاسبانية، ها هي  وكالة "موديز" تخفض التصنيف الائتماني لستة  بنوك ألمانية.

هل جاء دور ألمانيا؟

فرغم أن ألمانيا تقود الاتحاد الأوروبي كأكبر قوة اقتصادية فيه، وهي التي تدفع عمليات الاصلاح والانتعاش الاقتصادي والمالي فيه، وقد حققت مستويات نمو افضل في السنة الماضية 0,1، بالمقارنة مع نسب نمو سلبية لمعظم دول الاتحاد،  مع توقعات بتحقيق نسبة 0,9%  هذا العام، مع ذلك يبدو أن هناك ملامح أزمة جديدة بدأت تظهرفي البلاد، وهذا لا يعود لتأثرها بتراجع عمليات البنوك التي انخفض تصنيفها وحسب، بل لما يعكسه هذا التصنيف من مدلولات ووقائع..

فهذه البنوك الستة التي قامت وكالة "موديز" بتخفيض تصنيف ائتمانها بواقع درجة تميزت  بنشاطها الخارجي،  وبعملياتها مع الدول المصدرة للأزمة المالية او التي تأثرت بها بشكل مباشر، مثل بنك"دي.اكس. بنك" و"ديكا بنك" و"ديوتش هيبوتيكين بنك"، ومصرفي "لانديسبنكين"،  بالإضافة للفرع الألماني من بنك  أونيكريديت" الإيطالي، كما أن شركة التصنيف نفسها تقوم  بمراجعة لتصنيف البنك الالماني "دويتشه بنك".

وفي هذا المجال تعود لأذهاننا  المحاذير التي أطلقها خبراء منذ فترة وخصوصاً من معارضي سياسة المستشارة الألمانية " أنجيلا ماركل" في طرق مواجهتها للأزمة وخصوصاً لجهة دعم البنوك. فلقد اعتبرت "ميركل" خطة التقشف التي اعتمدتها  الحكومة العام الماضي خطة ناجحة وسبقت فيها دول الاتحاد وبالتالي عليهم أن يحذوا حذوها، فقد اعتمدت هذه الخطة على  توفير 110 مليارات يورو وضخها في الاقتصاد عبر البنوك حتى عام 2014، في عملية وصفت بالأكبر في تاريخ البلاد ، غير أن زعيم المعارضة الألمانية "غريغور غيزي" كان له رأي آخر في هذا المجال.

فقد قال حينها "غيزي" إن ألمانيا تسير في الاتجاه الخاطئ، وعليها أن تحد من سلطة البنوك وشركات التأمين الأوروبية والألمانية أو أن تعمد لتأميمها لاستغلال أموالها في حل الأزمة التي طال أمدها، معتبراً أن طول الأزمة واستمرار الخلاف حول سبل علاجها، فقد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد الألماني وهو ما سيدخل الأزمة الأوروبية في نفق أعمق وأخطر.

ومع ذلك فثمة من يقول أن الاقتصاد الألماني سوف يبقى الملاذ الآمن لكل الاقتصادات الأوروبية، فهو يتمتع بإيرادات جيدة من القطاع الصناعي، فقد ارتفعت إيراداته بنسبة 3% عام 2011 بفاتورة بلغت قيمتها نحو مليار يورو. إلا أن هناك من يعتقد أن الصورة ليست إيجابية بهذا الشكل على أسواق الأسهم والمال الألمانية التي تشهد انخفاضاَ منذ نهاية العام الماضي. فالصادرات الألمانية تتوجه بنسبة تتراوح بين 40% و60% الى الأسواق الأروبية ، وتلك الأسواق تعاني من أزمة ديون وانكماش اقتصادي، وبالتالي سوف ينعكس ذلك على الصناعة الألمانية التي تعتمد على إيراداتها الدولة، وهذه بدوره مؤشر أساسي، تتلقفه فوراً أسواق أسهم الشركات الصناعية الضخمة التي عاجلاً أم آجلاً سوف تتباطأ محركات مصانعها متأثرة بالعوامل الخارجية.

وينتقد هؤلاء خطط التقشف مبديين مخاوفهم من ازدياد حدة الأزمة الاقتصادية لأن برامج التقشف وضعت في كل أنحاء أوروبا، ما يعني أن هنالك أموالا ستسحب من الدورة الاقتصادية وهذا ما سينعكس أيضاً على ألمانيا، مع الإشارة الى أزمات كل من اليونان واسبانيا والبرتغال والتي لا تزال تتفاقم، ومع ارتفاع نسبة البطالة، ما يؤدي الى تخفيف حجم الاستيراد للبضائع الألمانية ، الأمر الذي يعكس مخاوفاً أخرى من إدخال الدول الأوروبية في نفق أشد قتامة من الحالي.

الآن وفي ظل هذه المعطيات الجديدة التي أضيفت الى واقع الأزمة، هل نتوقع خططاً قريبة المدى تأتي بالترياق للاقتصاد الألماني؟