لا شك أن الإندماج بين التكنولوجيا والعلوم الطبية هو أمر حتمي، ونكاد لا نتخيل حياتنا بدون هذا الاندماج، فلولاه لما رأينا أجهزة الآشعة المتطورة وأجهزة التحاليل الطبية المعقدة ولا سيما أجهزة الجراحات الميكروسكوبية.

ولكن هل فكرت يومًا ماذا سيحدث إذا تم هذا الاندماج بين أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا و أحدث ما توصل إليه الطب ؟

الإجابة عن هذا السؤال تتلخص بأنك سوف تستطيع أن تحصل على نسخة كاملة من عضلة قلبك التي أرهقتها طوال سنوات حياتك ويستبدلها لك الأطباء بأخرى لتعيش حياتك الطبيعية من جديد، كما أنه لا يجب عليك القلق كثيرا إذا فقدت يدك في حادث سير، لأن  العلماء طوروا يدا إلكترونية جديدة قادرة على فهم الإشارات الكهربية القادمة من الدماغ لتحاكي يدك الطبيعية بالضبط .

والإندماج بين التكنولوجيا والعلوم الطبية لا يقف عند هذا الحد، بل يمكن أن يصل الى أشياء لا يتصورها العقل ولا يمكن أن يتخيلها إنسان، إذ أن أصابة طيار بأزمة قلبية وعدم قدرته على الهبوط بالطائرة لن تكون كارثة بعد اليوم، لأن التطور الكبير في المجالات التكنولوجية جعل العلماء قادرين على الإتصال بدماغ أحد الركاب والتحكم به من خلال أجهزة معينة لمساعدته على قيادة الطائرة والهبوط بها بسلام.

كما أن معانات مرضى السكري ستنتهي مع التطور التكنولوجي حيث أصبح بإمكانهم الآن يمكن زرع جهاز صغير تحت الجلد لمدة عشر أو عشرين عامًا، يقوم خلالها بإطلاق جرعات الإنسولين المناسبة لاحتياجات جسدهم دون أن يحقنوا أنفسهم بالجرعات المعتادة، كما يمكن للمرضى التحكم في الجرعات التي يعطيها الجهاز عن طريق هواتفهم الذكية.

كل هذه الإنجازات حصلت بالفعل، بل إن هذا أقل شيء سوف نحصل عليه إذا حدث هذا الإندماج العظيم، وكل ما تم ذكره بالأعلى قد تم اختراعه أو اكتشافه بالفعل والبعض تم تطبيقه أيضًا.

- ونبدأ أولا بـ"ثورة الخلايا الجذعية والطباعة ثلاثية الأبعاد ":

كثيرا ما نسمع عن "الخلايا الجذعية" إلا أن القليل من الناس يعرفون ما هي، هذه الخلايا لديها القدرة على التحول إلى أنسجة الجسم المختلفة من قلب و مخ وكبد وغيره، إذا أتيحت لها الظروف المناسبة لذلك (مثل رحم الأم وأنت لا زلت صغيرًا).  

والجديد هنا أنه أصبح الآن من الممكن أن تتم طباعتها بواسطة طابعات الـ "3D" المنتشرة حديثًا،  والفضل في ذلك كما يقول المتخصص من جامعة "Heriot-Watt" البريطانيةWill Shuيعود إلى استخدام نوع معين من فتحات الطباعة "Printing nozzles" التي لديها القدرة والدقة على طباعة وتركيز كم معين من الخلايا في أماكن دقيقة للغاية، مما يساعد على طباعة نسيج خلوى يمكن فيما بعد أن ينمو إلى قلب أو كليه أو حتى جلد ليستخدم في جراحات التجميل وعلاج الجروح.

بمعنى آخر ينتج من الطباعة نسيج خلوي قادر على النمو ليصبح "كبد إنسان" نستخدمه في زرع الأعضاء بدلاً من انتظار قائمة التبرع بالأعضاء أو الوقوع في المشاكل "الدينية/الإنسانية" التي حيرت العالم في مجال التبرع بالأعضاء.

stem cells

- تانيا ثورة الـ "Neuroprosthetics" أو ما يسمى بالـ "الإستعاضة العصبية" :

توصل المهندسين الآن إلى نماذج متعددة من الأطراف الصناعية المتطورة الذكية التي تستطيع الإحساس بالذبذبات الكهربية الصادرة من المخ وتحليلها وفهمها وتحويلها إلى ذبذبات أخرى يفهمها ذلك المعالج المتطور في الطرف الصناعي ويحولها إلى حركة طبيعية جدًا لهذا الطرف الصناعي دون أي تدخل من الإنسان.

وما رأيناه هنا هو مثال جيد للربط بين المعالجات، والمقصود هو المعالج الذي يعمل في المخ والمعالج الذي يعمل في الطرف الصناعي، ففهم طبيعة عمل كلا المعالجين هو الذي ساعد على ظهور تلك الأطراف الذكية.

Neuro prosthetics

-  ثالثا: "اختراق الدماغ البشري"

يبدو أن هؤلاء  الباحثون المسمون بـ"Biomedical engineers" لم يكتفوا بفهم طريقة عمل الدماغ البشري وتحليل إشاراته والإستفادة منها، بل قرروا  اختراق هذا الدماغ، فلقد تمكن الباحث في جامعة واشنطنRajesh Raoمن التحكم عن بعد في ذراع زميله الباحثAndrea Stoccoوجعله يضغط على زر الـ"Space-bar" في لوحة المفاتيح مع العلم أنهم كانوا بمعزل عن بعضهم البعض.

وقد وضح الباحثين عن مدى الإستفادة من مثل هذا الاختراق في عمليات الإنقاذ العديدة مثل التحكم في ذراع طفلك المحبوس خلف هذا الباب المغلق عليه من الداخل، والهبوط بالطائرات لغير المتخصصين وغيرها.

human brain hacking

- رابعا أسطورة الـ "Microvalve" ومرضى السكري :

"Microvalve"هو عبارة عن جهاز صغير يزرع تحت الجلد ولا يحتوى على أي دوائر إلكترونية بينما في المقابل يحتوي على مجسات أو حساسات بيولوجية تستطيع التعرف على نسبة الغلوكوز في الدم، وعلى هذا الأساس يقوم باطلاق كميات محسوبة بدقة من الإنسولين ليعادل مستوى الغلوكوز في الدم ويعيده إلى مستواه الطبيعي مرة أخرى.

والميزة أن المستودع الذي يحتوي على هذا الإنسولين يقع خارج الجسم مما يسمح بعملية إعادة التعبئة من قبل المريض ودون الحاجة إلى أي جراحات من قبل مختصين، وأيضًا عدم وجود دوائر كهربائية أو بطاريات أدى إلى إطالة عمر هذا الجهاز المزروع وأصبحت الحاجة إلى تبديله تستغرق سنوات عديدة قد تصل إلى عشرين عامًا.

injecting-insulin