قضية النازحين السوريين في لبنان قنبلة موقوتة من المرشح ان تتفاقم وتتزايد في الاشهر القادمة بحيث من المتوقع ان يصل اعداد هؤلاء النازحين الى حوالي 2 مليون نازح في العام 2014 اي ما يشكل حوالي نصف عدد سكان لبنان وانه من المبكر الكلام بتفاؤل عن نتائج مؤتمر نيويورك ، ومن الصعب جدا على الحكومة اللبنانية اليوم احتواء ملف النازحين من دون الحصول على دعم من الدول الخارجية  بهذه الكلمات وصف الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني اثر وجود اعداد هائلة من النازحين السوريين على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ العام 2011 من تراجع ملحوظ في نسب النمو حيث بات من المتوقع ان لا يسجل هذا العام نسبة نمو تفوق الـ1.5%.

بداية كيف توصف الوضع الاقتصادي الذي يمر به لبنان اليوم ؟

يشهد  لبنان منذ العام 2011 تراجعا في القطاعات الاقتصادية كافة الامر الذي ادى الى تراجع معدل النمو هذا العام الى ما دون 1.5% نظرا لتردي الاوضاع الامنية والسياسية بالاضافة الى تداعيات الازمة السورية التي طالت بشكل اساسي الحركة السياحية التي تراجعت في عام 2013 جوالي 14% بسب المقاطعة الخليجية والشيئ الجديد الذي لمسناه اليوم هو ان السياحة الاوروبية باتت  تحتل المرتبة الاولى لتأتي السياحة الخليجية في المرتبة الثانية .

وعلى امتداد السنوات الثلاث اي 2011 و2012 و 2013 خسر لبنان حوالي 600 الف سائح مما يشكل خسارة حوالي 2 مليار دولار .

كما تضرر القطاع التجاري بشكل كبير من التراجع الذي يشهده لبنان حيث تراجعت المبيعات حوالي 25 الى 30% كما اغلق عدد كبير من المؤسسات والبعض الاخر بات يعاني من مشاكل في السيولة .

كذلك تراجع الاستثمار في القطاع العقاري منذ العام 2011 حيث من المتوقع ان يشهد هذا القطاع نسبة تراجع هذا العام 13% في تراخيص مساحات البناء، كما ان المبيعات العقارية ستتراجع اكثر من 8% واسعار العقارات تراجعت بشكل ملحوظ حيث تدنت اسعار الشقق الكبيرة والتي يتجاوز اسعارها مليون دولار حوالي 15  الى 20 % وشهد السوق العقاري مرونة في اسعار الشقق الصغيرة والعقارات وخاصة في مدينة بيروت كما تراجعت اسعار الاراضي في المناطق الجبلية .

ذكرت ان من احد اسباب الضائقة الاقتصادية التي يعيش بها لبنان اليوم هو الازمة السورية ولا سيما وجود اعداد هائلة من النازحين السوريين ، برأيك كيف اثر وجود هؤلاء  النازحين على الاقتصاد المحلي  ؟

ان هذه الاعداد الهائلة من النازحين اثر بالدرجة الاولى على النمو الاقتصادي في لبنان حيث من المتوقع ان تتراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة حوالي الـ20% في العام 2013 بعد ان بلغت حوالي 3.8 مليار دولار في العام 2012 وبشكل عام ان الحركة الاستثمارية تعتبر آمنة على عكس الحاصل في الدول العربية حيث لا يوجد فقاعة عقارية او مخاطر على القطاعات الاخرى .

وان النازحين السوريين قنبلة موقوتة من المرشح ان تتفاقم وتتزايد في الاشهر القادمة وهذا يعود الى ازدياد اعدادهم شهريا بحوالي الـ50 الف نازح حيث سيصل عددهم الى حوالي 1.5 مليون نازح في العام 2013 والى 2 مليون في العام 2014 مما يمثل اكثر من 50% من الشعب اللبناني ولكن بلدان اخرى مثل تركيا التي تفوق لبنان بعدد سكانها بحوالي الـ19 مرة عدد النازحين السورين فيها لا يتجاوز الـ600 الف نازح وذلك بسبب الضوابط والقوانين الصارمة.

كما ان الدولة اللبنانية ليس لديها القدرة على تحمل وتغطية احتياجات النازحين الامر الذي سيؤدي الى زيادة العجز في المالية العامة حوالي 6% خلال عامي 2013 - 2014 وذلك بحسب تقرير البنك الدولي.

كما ان وجود النازحين ادى الى ارتفاع حجم الانفاق وزيادة الضغط على الخدمات ولا سيما القطاع التعليمي حيث ان حوالي 400 الف نازح سوري تقل اعمارهم عن الـ14 عاما واغلبيتهم بحاجة الى التعليم بالاضافة الى الضغط الذي يشكله هؤلاء على القطاع الصحي حيث ان اعتمادات وزارة الصحة بشكل عام تبلغ حوالي الـ600 مليار ليرة وهذه الارقام تظهر في الموازنة العامة .

كما ان النازحين السوريين يزيدون الضغط على الكهرباء الامر الذي يؤدي الى ارتفاع العجز في هذا القطاع .

والعامل السوري اليوم بات ينافس اللبناني في سوق العمل بشكل غير منظم وغير مشروع  وفي جميع النشاطات والمهن الامر الذي ادى الى ارتفاع ملحوظ في نسبة البطالة في لبنان .

ولكن وجود النازحين له بعض الابعاد الايجابية من ناحية زيادة الاستهلاك الذي ادى الى تحسين شكلي في الاقتصاد لان حوالي 80% من النازحين اوضاعهم المعيشية صعبة وان 20 % منهم اوضاعهم نوعا ما ميسرة الامر الذي يؤدي الى استهلاك محدود .

كما ان النازحين قاموا بشراء حوالي 1200 وحدة سكنية في العام 2012 مما ساهم بتحريك عجلة القطاع العقاري في لبنان كما ازدياد الطلب على شقق الايجار أدى الى ارتفاع اسعارها  في مناطق معينة من بيروت الامر الذي ادى الى تفاقم ازمة سكن.

برايك هل سيستطيع المؤتمر الذي عقد في نيويورك من مساعدة لبنان على تحمل اعباء النازحين السوريين ؟

انا اعتقد انه من المبكر الكلام بتفاؤل عن مؤتمر نيويورك لان التجارب السابقة لا تبشر بالخير حيث كان يصل الى لبنان نتيجة المؤتمرات الدولية  مساعدات على شكل هبات او قروض مرتبطة بجوانب سياسية ولكن الوضع الذي نعيش فيه اليوم في ظل خكومة تصريف اعمال لا يوحي بالثقة وان اشك في ان يحصل لبنان على الاموال من مؤتمر نيويورك لان هذه الاموال تحتاج الى الشفافية في كيفية ادارتها وانفاقها .

برايك هل لبنان ما زال قادرا على استضافة هؤلاء النازحين ؟وما هي ابرز الحلول لمعالجة هذه الازمة ؟

ان لبنان لم يعد لديه القدرة المالية والاجتماعية ولا على صعيد البنى التحتية في تحمل اعباء النازحين السورين وكان من الخطأ منذ البداية ان لا تعمل الحكومة اللبنانية على ضبط تدفق النازحين السورين وحاليا من الصعب جدا على الحكومة احتواء هذا الملف ومن دون الحصول على دعم من الدول الخارجية .

ويجب على الدولة اللبنانية  اليوم ان تنظم تواجد النازحين السورين وخاصة ان الاعداد الكبيرة من هؤلاء متواجدين في منطقة البقاع وعكار فيجب ان يتم توزيعهم على المناطق اللبنانية الاخرى مثل جبل لبنان .

واليوم لا يمكن اغلاق الحدود بشكل كامل بوجه النازحين نظرا الى انه ملف انساني بل يجب وضع شروط على عملية استقبال النازحين .

كما على الحكومة اللبنانية اظهار الشفافية والوضوح في ادارة الاموال واعداد الدراسات بشكل دقيق واظهار الارقام الصحيحة والواضحة .

برأيك لماذا لم يستطع لبنان من الاستفادة من الازمات التي حصلت في الدول العربية وخاصة سوريا وجذب الرساميل التي هربت من هذه الدول ؟

ان لبنان لم يستطع من جذب الاموال التي هربت من الاسواق العربية وخاصة السورية لانه لم يتمكن من النأي بنفسه عن النزاعات الدائرة وتداعيات ذلك على لبنان بدات تظهر بالتتابع منذ العام 2011 .

وكان من الممكن ان يستفيد لبنان من التوترات الدائرة في الدول العربية ولا سيما على الصعيد السياحي مع هروب 20 مليون سائح، وعلى صعيد الاستثمارات الاجنبية مع خسارة  15 مليار دولار من الاستثمارات الاجنبية المباشرة بالاضافة الى خروج المليارات من الدولارات من الدول العربية كان يمكن  للبنان ان يستفيد منها ويستثمرها في السوق الداخلي.

برأيك هل  سيؤدي انعقاد مؤتمر جنيف  الى ارتياح على الصعيد الداخلي اللبناني والى تخفيف الضغط عن الاقتصاد اللبناني ؟

ان مؤتمر جنيف يعتبر خطوة طويلة المسار تلزمها سنوات طويلة لتطبيقها حيث ان الازمة السورية يلزمها فترة زمنية طويلة لحلها وعلى الداخل اللبناني اتخاذ اجراءات داخلية تساهم في تخفيف تداعيات الازمة السورية على لبنان.

برأيك ما هي متطلبات المرحلة الراهنة لكي نتدارك المزيد من التدهور الاقتصادي ؟

من المطلوب اليوم تخفيف اللهجة والخلافات السياسية الداخلية بالاضافة الى تخفيف من حدة التوتر الامني الامر الذي يؤدي الى احداث صدمة ايجابية كما من الواجب وضع نظم وقوانبن في الملف النفطي لايجاد نوع من التسوية التي ترضي الافرقاء والسياسين والقوى المتسارعة مما يعطي نظرة ايجابية عن لبنان .

بالاضافة الى سياسة مصرف لبنان التي تعمد الى ضخ سيولة واعطاء قروض مدعومة حيث نلاحظ انه منذ العام 2011 لعب مصرف لبنان دور في الجو الاقتصادي وخاصة في ظل غياب الموازنة العامة منذ العام 2006 ولبنان ما زال يحقق نموا اقتصاديا ايجابيا بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهه ويرجع ذلك الى السياسة الحكيمة التي يعتمدها مصرف لبنان وقدرته على الحفاظ على الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني .