تعيش اسواق المال في العالم حالة من الترقب الشديد بانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع بشأن ازمة الميزانية الاميركية والعالم يحبس انفاسه ترقبا للاربعاء المقبل الموافق في 17 تشرين الاول حيث ستواجه الولايات المتحدة تحدى إعلان إفلاسها، وبالتالى تدهور قيمة الدولار الأمريكي إذا لم تتمكن إدارة الرئيس باراك أوباما من رفع سقف الدين العام الذى يخول لها الاستدانة، لإعادة ترتيب عمليات السداد  وفى حال لم يتم إقناع الكونغرس الأمريكى برفع سقف الدين العام فإن أمريكا ستعلن إفلاسها للمرة الأولى فى التاريخ، وسوف تتكبد الدول التى تملك السندات الأمريكية الخسارة الأكبر، وأولها الصين تليها اليابان ثم بريطانيا، وكذا الدول العربية، وعلى رأسها السعودية ويبقى السؤال هل سيتاثر لبنان بهذه الازمة المالية وما هي تداعياتها على السوق المحلي بالاضافة الى غيرها من الملفات طرحتها النشرة الاقتصادية مع الخبير الاقتصادي الفرد رياشي .

بداية كيف توصف لنا ازمة الموازنة التي تعيشها الولايات المتحدة الاميركية اليوم وماذا ينتظرها في حال لم يتم الموافقة على رفع سقف الدين في  17 تشرين الاول؟

ان الازمة التي تشهدها الولايات المتحدة بدات في العام 2010  عندما قرر الرئيس أوباما طرح قانون يتعلق بتطوير الخدمات الصحية للمضمونين من قبل الضمان الصحي والذي عرف بالـ " Obama Care " وهذا  القانون الذي دخل حيز التنفيذ في الاول من شهر تشرين الاول الجاري أي عند توقف الادارات الفدرالية في البلاد عن العمل تطلب زيادة في المصاريف ويالتالي رفع سقف الدين والرئيس الاميركي لا يمكنه من اخذ القرار دون موافقة الكونغرس الاميركي  الذي يسيطر عليه الجمهورين .

وارتفعت حدة الازمة عند ربط الجمهوريين عملية رفع سقف استدانة البلاد من المستوى الحالي عند 16.7 تريليون دولار بالغاء مشروع الرعاية الصحية الذي قدمه الرئيس أوباما . وبالتالي ، عدم موافقة الجمهوريين على رفع سقف الاستدانة قبل 17 تشرين الاول الجاري موعد انتهاء السنة المالية الاميركية سيمنع الدولة الفدرالية من دفع مستحقاتها ما قد ينقل البلاد الى حالة التعثر المالي، وستدخل البلاد في مرحلة مالية دقيقة قد تضطرها الى رفع نسب الضرائب الامر الذي سيأخذ وقتا طويلا ليعطي ثماره وفي جهة موازية ستلجأ الحكومة الى تخفيض النفقات والمصاريف العامة والتي بدأت بتنفيذها سابقا عبر اغلاق عدد من المرافق الحكومية واعطاء اجازات مفتوحة لحوالى 800 الف موظف حكومي دون أجر، ولكن بالطبع هذا الامر سيحتاج الى وقت لكي يعطي نتائجه .

برايك هل  سيتأثر لبنان سلبيا بأزمة الموازنة الاميركية وما هي تداعيات هذه الازمة على السوق المحلي ، وعلى الاسواق العالمية ؟

بالطبع سيتأثر لبنان بأزمة الموازنة في الولايات المتحدة في حال وقعت حيث ان  المصرف المركزي يمتلك احتياطات أجنبية كبيرة حيث ان نسبتها تتخطى الخمسين بالمئة من احتياطاته الاجمالية وجزء كبير منها بالدولار الاميركي كما ويستثمر لبنان في سندات أميركية، ومن هنا فإنه في حال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها مع عدم رفع سقف دينها ، هذا الامر سيؤدي الى هبوط في قيمة هذه الاصول وبالتالي تراجع قيمتها ضمن موازنة مصرف لبنان.

كما ستؤثر هذه الازمة على الاسواق العالمية مما ستؤدي الى ارتفاع في فوائد الديون العامة على السندات الحكومية واوراق الخزينة الاميركية مما سيضطرها الى زيادة نسب الفوائد للمحافظة على الطلب وبالتالي هذا الامر سيؤدي الى انخفاض القيمة الفعلية لهذه الاوراق والسندات، كما ان الثقة في العملة الاميركية ستهتز عالمياً . ففي العالم، يوجد اليوم عدد من الاقتصادات والدول المصنعة والمصدرة الكبرى التي تعتمد على الدولار الاميركي في تجارتها كالصين مثلا الامر الذي سيدفع بها اما الى رفع اسعارها او الى  اللجوء الى عملات اخرى تشكل ملاذا امنا وبالتالي سيؤدي هذا الامر الى تراجع قدرتها التنافسية من ناحية وزيادة عامل التكلفة.

في سياق منفصل هل تعتقد ان المؤتمر الذي عقد في نيويورك سيتمكن  من مساعدة لبنان على تحمل اعباء النازحين السوريين ؟ وما اهمية هذا المؤتمر بالنسبة للبنان؟ وبرأيك ما هي الخطوات المستقبلية التي يجب وضعها لاستكمال مؤتمر نيويورك ؟

ان هذا المؤتمر يعتبر خطوة داعمة للبنان نظرا للمسؤولية الكبيرة التي تتحملها الدولة اللبنانية والشعب وكان له آثر ايجابي ولكن تبقى العبرة بالتنفيذ والخطوات التي ستتبع هذا المؤتمر، حيث ان التكاليف التي تتحملها الحكومة اللبنانية نتيجة وجود هذه الاعداد الهائلة من اللاجئين سترتفع وستبلغ حوالي 2 مليار دولار وانا اعتبر ان هناك توجه دولي لمساعدة لبنان على تحمل اعباء النازحين وتخفيف الضغط عن الحكومة اللبنانية .

ولكن هناك تخوف من ان لا تنفذ مقررات مؤتمر نيويورك وذلك بسبب غياب الثقة بالنظام اللبناني في مجال صرف الاموال في الاطار الصحيح وهناك تحفظات من الدول المانحة ولكن هذه الاموال برأي لن تكون مشروطة من الناحية السياسية .

وانا اؤكد ان الاقتصاد اللبناني لم يعد لديه القدرة على استيعاب واستقطاب اللاجئين السورين الذي زاد عددهم عن 1.2 مليون لاجئ ما يشكل حوالي 25% من عدد السكان اللبنانين وهذه الزيادة ستؤدي الى عواقب سلبية كبيرة .

وان من ابرز الخطوات المستقبلية التي يجب على الحكومة اللبنانية اتخاذها هي وضع شروط لاستقبال اللاجئين لمنع وجود هذا العدد الفائض منهم ومن الواضح انه لن يكون هناك تحرك دولي في الافق وان الانظار كلها تترقب ما سيؤول اليه مؤتمر جنيف والحلول التي سيتم التوصل اليها التي من شانها ان تخفف من عدد النازحين وتحفز الاشخاص على العودة الى بلادهم .

في موضوع السوق العقاري في لبنان  ما هي توقعاتك للفترة المتبقية من العام 2013 ؟

ان القطاع العقاري في لبنان يعتبر محركا اساسيا للاقتصاد وان النمو الذي تم تحقيقه في السنوات الماضية نتج عن السوق العقاري وانا اعتبر ان هذا القطاع سيشهد استقرارا في الفترة المتبقية من العام 2013 وهناك طلب مقبول على الشقق الصغيرة بسبب المحفزات ولا سيما القروض المدعومة وبفوائد متدنية  كما نشهد تراجع الطلب على الشقق الكبيرة الامر الذي يتطلب وضع محفزات جديدة على القروض نظرا لاهمية هذا القطاع على الاقتصاد .

كما ان التقرير الذي اصدره بنك بيبلوس اظهر تراجع في عمليات المبيع العقارية بحدود الـ4% عن الفترة المنتهية في آب 2013 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2012 كما ان نسبة المبيع تراجعت حوالي الـ3% .