يعاني النظام الاقتصادي في لبنان من مشاكل كثيرة ترجمت في التراجع الحاد الذي باتت تشهده جميع القطاعات والتي وصلت في بعض الاحيان الى حافة الانهيار، اضافة الى مشكلة النازحين السورين الذي وصل عددهم الى اكثر من مليون نازح ليأتي مؤتمر نيويورك الذي خصص لبحث إمكانات الدعم الدولية لحماية استقرار لبنان وقدرته على مواجهة أزمة النزوح السوري اليه بمثابة جرعة دعم للاوساط السياسية والاقتصادية لعله يستطيع مساعدة لبنان والتخفيف من ضغط النازحين السورين الذي يزداد عددهم يوما بعد يوم،  فالسؤال الذي يطرح اليوم بعد حوالي اقل من اسبوعين على انعقاد هذا المؤتمر ماذا حقق لبنان من وراء انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة  وكيف سيترجم قررات هذا المؤتمر على ارض الواقع والى متى سيتمكن لبنان من تحمل اعباء هؤلاء النازحين؟ هذه المواضيع وغيرها طرحتها النشرة الاقتصادية على ​وزير المال السابق ديميانوس قطّار​.

بداية كيف توصف الوضع الاقتصادي الذي يمر به لبنان اليوم ؟

ان الوضع الاقتصادي عادة يتفاوت بين العرض والطلب وفي لبنان هناك امور زاد الطلب عليها في مقابل تراجع الطلب على امور اخرى ولكن العرض لم يزداد الا عبر الاستيراد وهذا ما شكل ضعف على المستوى الاقتصادي، كما ان ترقب المعالجة السياسية للازمة ادت الى تراجع عامل الثقة من قبل المستهلك وعلى مستوى المستثمر وان تراجع هذا العامل يعتبر من اخطر العوامل في ظل غياب نية الفاعلين في السياسة للنهوض في العملية السياسية وفي حال لم يتم معالجة هذه الامور سيؤدي الى مزيد من تراجع العرض وتحقيق معدلات نمو ضئيلة ، وبالرغم من ذلك انا اتوقع ان المجموع العام  لمعدلات النمو للعام 2013 لن تكون سلبية ولكن ستكون قرابة الـ1% .

برأيك كيف اثر وجود هذه الاعداد الهائلة من النازحين السورين على الاقتصاد المحلي  ؟

ان هذه الاعداد الهائلة من النازحين السوريين اثر بشكل كبير على على القطاعات المدعومة اي على الامور التي لا نراها مثل الطحين والتي ادت الى خسائر على المالية العامة على المدى المتوسط وخاصة وان هؤلاء الاشخاص لا يتحملون اي اعباء ضريبية  .

كما كان للنازحين اثر فوري كبير او ما يعرف بالاعباء المباشرة مثل التلوث والضغط على مستوى الصحة والتعليم وعلى البنى التحتية بشكل عام وهناك صعوبة في تقدير الارقام بشكل دقيق ولكنه في بداية العام الجديد ستظهر الارقام الدقيقة .

برايك هل سيستطيع المؤتمر الذي عقد في نيويورك من مساعدة لبنان على تحمل اعباء النازحين السوريين ؟ وما اهمية هذا المؤتمر بالنسبة للبنان؟

ان مؤتمر نيويورك يعتبر التفاتة خاصة للبنان وهذه الالتفاتة كانت مهمة وفي وقت مناسب نظرا للوضع الصعب الذي نمر به ويجب ان يتم متابعة هذه المؤتمر بعقد مؤتمرات في بيروت وانا اعتبر ان هذه المساعدات التي ستقدمها الدول المانحة ستكون مشروطة اما سياسيا كتشكيل حكومة مثلا  او ستشترط آلية صرفها نظرا لارتفاع الهدر لان لبنان فشل في مكان ما في اظهار صورة متقدمة بالاضافة الى ارتفاع معدلات الفساد وتفشي اللامبالاة السياسية .

وان التحديات كبيرة امام الحكومة لان الاموال التي سيتلقاها لبنان ضئيلة امام الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقصاد اللبناني نتيجة وجود النازحين السورين والضغط الذي يشكله هؤلاء على الخدمات والبنى التحتية وانا اعتبر ان المؤشرات من مؤتمر نيويورك كانت رمزية اكثر منها فعلية .

واذا استمر هذا التراجع في القطاعات سيتاثر القطاع الخاص بشكل كبير كما ستتاثر المالية العامة وستلجا الى الاستدانة واذا قرر القطاع الخاص عدم الاستثمار سيؤدي ذلك الى ارتفاع معدلات البطالة والمؤسسات ستقفل ابوابها الامر الذي سيؤدي الى زيادة اعداد الفقراء على المستوى اللبناني .

برايك هل لبنان ما زال قادرا على استضافة هؤلاء النازحين ؟وما هي ابرز الحلول لمعالجة هذه الازمة ؟

نحن منذ البداية طالبنا بتحديد النسبة المئوية التي يستطيع ان يتحملها لبنان من النازحين السوريين لان لبنان كبلد جار لا يستطيع ان يغلق الحدود مثل ما فعلت دولا اخرى لذلك كان على المسؤولين منذ البداية تحديد القدرة الاستيعابية للبنان وان لا تترك الحدود مفتوحة كما حصل .

برايك لماذا لم يستطع لبنان من الاستفادة من الازمات التي حصلت في الدولة العربية وخاصة سوريا وجذب الرساميل التي هربت من هذه الدول ؟

ان لبنان لم يستطع من جذب الاموال التي هربت من الاسواق العربية وخاصة السورية لان طبيعة الاقتصاد المحلي متقلبة ومرتبطة جدا بالمخاطر الامنية والسياسية كما ان هناك تهويل على استقبال الودائع نظرا الى ان اعادة تحويل الاموال في الاقتصاد تمر عبر المصارف .

برايك وفي ضوء الصعوبات الكبيرة التي يعانيها لبنان هل الاقتصاد ما زال قادرا على الصمود ؟ وما هي مقومات هذا الصمود ؟

نعم انا اعتبر ان الاقتصاد اللبناني قادر على  الصمود نظرا الى ان الركائز الاساسية ما زالت موجودة والتي تتمثل بالطاقة الانتاجية والطاقة التمويلية اي القطاع المصرفي بالاضافة الى طاقة الاغتراب التي تسد قسما من العجز وهذه الطاقات ما زالت موجودة ولكنها تتعرض لمشاكل كثيرة واذا تم تدارك الامور والقيام بمبادرات جدية يمكننا الاستفادة من العام 2013 وتحقيق نمو في العام 2014 .

برأيك ما هي متطلبات المرحلة الراهنة لكي نتدارك المزيد من التدهور الاقتصادي ؟

ان من ابرز متطلبات المرحلة الراهنة هي تطوير وتحسين الطاقة الانتاجية والتي تتطلب تنشيط قطاعي الزراعة والصناعة والمحافظة على الالية المصرفية لكي تتمكن من القيام بدورها  بالنسبة للقطاعين العام والخاص  كما ان من اهم المتطلبات هو اعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني وهذا الامر يتطلب مبادرة على مستوى المصارف والحكومة كما ان تشكيل الحكومة من شأنه ان يعطي دفعا ايجابيا وعليها ان تعمل على وضع بعض السياسات التي تعود بالنفع على الاقتصاد وان تركز على استعادة عنصر الثقة وتعالج القضايا الاجتماعية الطارئة .