لطالما  دفع العامل في لبنان ثمن الاوضاع المعيشة الصعبة والحرمان، ولعل الفاحعة الكبيرة التي طالت محافظة عكار والتي ذهب ضحيتها عشرات الابرياء الذين  غادروا إلى ما وراء البحار للعمل فكان الموت في انتظارهم في بحر أندونيسيا  ، خير مثال على الحرمان والعوز الذي يطال الاسر اللبنانية،  في حين نتشغل الاوساط اللبنانية بقضية عمال غب الطلب والاعتصام الذي ينفذوه يوميا امام ابواب مؤسسة كهرباء لبنان لاظهر الغبن الذي يلحق بهم من جراء عقود عمل تظهر تحت مسميات مختلفة من عمال غب الطلب الى مياومين الى اجراء بالساعة وكلها تسميات تهدف الى الالتفاف على قانون العمل اللبناني في ظل غياب الجهة الرقابية المسؤولة عن حماية حقوق العمال والموظفين كما ان  الازمة السورية ارخت بظلالها على سوق العمل اللبناني  حيث  يشهد منافسة لليد العاملة خصوصاً في الأرياف، حيث يتوسع عرض العمل الرخيص من اليد العاملة الوافدة وافتتاح الأعمال الصغيرة التي تأخذ من درب اللبنانيين في هذه البلدات الفقيرة، كل هذه القضايا العمالية وغيرها بحثتها "النشرة الاقتصادية" مع ن​ائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان حسن فقيه​.

بداية لا بد من الانطلاق من القضية الانية وهي قضية عمال غب الطلب في مؤسسة كهرباء لبنان ، كاتحاد عمال عام ما هو موقفكم من هذا التحرك؟

نحن كاتحاد عمالي عام كان موقفنا واضحا في قضية عمال غب الطلب في مؤسسة كهرباء لبنان حيث قمنا بسلسلة من اللقاءات مع المسؤولين ونحن ضد كل اشكال التعاقد التي لا تؤمن استمراراية الموظفين في عملهم لان كل عامل يجب ان يتوفر له كل الامكانيات الاجتماعية والتي تعتبر حق من حقوقه ونحن ضد كل التفاف على هذا المبدأ في العمل واليوم هناك تعديات كبيرة على نص في قانون العمل اللبناني  لعل ابرزها عمال غب الطلب والمياومين والعمل بالساعة وغيرها من المسميات التي  تعتبر احتيالا على القانون وهذه الظاهرة موجودة في مختلف القطاعات وليس فقط في الكهرباء فهناك قطاع التعليم في المدارس الرسمية والمعاهد وهي تحرم هؤلاء العمال من التامينات الصحية وهذا الموضوع يجب معالجته ويجب ان يأخذ مساره الى الحل عبر قانون في مجلس النواب كما ان الاتحاد تدخل لاجراء تعديلات على القانون المرعي تنفيذه ونحن لا نؤيد الاعمال التصعيدية واقفال الطرق ومداخل المؤسسة ويجب ان يبادر المسؤولون الى حل هذا القضية قبل ان تتفاقم اكثر .

ما هي تحركات الاتحاد في قضية عمال غب الطلب في مؤسسة كهرباء لبنان  ؟

ان الاتحاد العام يعتبر ان عمال غب الطلب على حق ومطالبهم محقة ونحن وقفنا الى جانبهم منذ البداية وتم التوصل الى اتفاق مع الشركات المشغلة لهؤلاء العمال ولكن من الواضح  ان احدى هؤلاء الشركات لم تلتزم بالشروط وبهذا الاتفاق ولم تدفع اجور لهؤلاء الموظفين منذ حوالي الشهرين الامر الذي دفع بهم الى اتخاذ هذه الخطوات التصعيدية  ويجب التوصل الى حل في هذا الموضوع .

والاتحاد سيعقد اجتماعا بعد غد الاربعاد مع الرئيس المكلف تمام سلام عند الساعة الحادية عشر لبحث قضية عمال غب الطلب وسنصدر بيانا بعد هذا اللقاء  كما سيكون هناك لقاء مرتقب مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وان الاتحاد في حركة دائمة لحل هذا الموضوع لان البلاد لا ينقصها مشكلات اضافية وان هذه المشاكل الاجتماعية تؤدي الى بلبلة كبيرة .

تنتشر في لبنان اليوم ظاهرة استبدال العمالة اللبنانية باخرى عراقية او سورية  ، ما هو موقف الاتحاد من هذه الظاهرة ، وكيف تواجهونها ؟

ان الاتحاد العمالي العام ضد استبدال العامل اللبناني بعامل من جنسيات اخرى ويجب ان يتمتع ارباب العمل بوعي اكبر وان لا يعمدوا الى استبدال العامل اللبناني ،والاتحاد يتابع هذا الموضوع مع وزارة العمل والمعنيين وبالاساس ان اللبناني يعتمد على العمالة السورية في قطاع البناء لانه يتطلب مجهودا بدنيا قويا وهذه الظاهرة موجودة قبل اللاجئين ومشكلة العمالة مشكلة كبيرة وتضغط بشكل كبير على الاقتصاد وان لبنان بلد صغير ليس لديه قدرة على تحمل كل هذا الضغط .

واليد العاملة السورية تشكل منافسة قوية لليد اللبنانية نظرا لتراجع الاسعار ورب العمل اللبناني يسعى الى التوفير فتراه يستبدل العمال اللبنانيين بأخرين سوريين كما ان هؤلاء اللاجئين يعانون من ظروف معيشية صعبة تدفعهم الى تخفيض كلفة عملهم ولو بشكل كبير بهدف الحصول على اموال تساعدهم على  توفير حاجاتهم المعيشية الضرورية.

ولكن وجود وافتتاح مؤسسات سورية في الاسواق اللبنانية هذا امر جيد لان من شأنه ان يخلق فرص عمل جديدة وان يؤمن المنافسة .

في الحديث عن اللاجئين السوريين ما هي تاثيرات هؤلاء اللاجئين على الاقتصاد اللبناني ككل وعلى الخدمات بشكل خاص؟

ان وجود هذه الاعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين في لبنان هذا البلد الذي يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة يخلق ازمة حقيقة تتجسد بالضغط على الخدمات والمرافق العامة والتي بدات تظهر في المدارس التي باتت تعاني من مشاكل بسبب وجود هؤلاء، فالطلاب السوريون لا يعرفون اللغات بالاضافة الى الاختلاف في المناهج التعليمية بين لبنان وسوريا والاستاذ اليوم لا يعرف كيفية التعاطي معهم ولا كيفية ايجاد حل لهذه المسألة وعدد هؤلاء الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية ليس بقليل .

كما ان القطاع الصحي يعاني بشكل كبير وان وزارة الصحة تحتاج الى ان تزيد ميزانيتها اكثر من الثلث لتلبية احتياجات النازحين وتوفير الطبابة اللازمة لهم نظرا لوجود نسبة عالية من الامراض بالاضافة الى الامراض الخبيثة والمستعصية التي يعاني منها هؤلاء اللاجئين .

برأيك هل سيساعد الدعم الذي تلقاه لبنان من الدول في  مؤتمر نيويورك على تحمل اعباء اللاجئين السوريين ؟

انا اعتقد ان الدعم الذي تلقاه لبنان من مؤتمر نيوروك هو معنوي اكثر منه مادي وهذا امر معيب لان لبنان فيه نسبة فقر عالية وكارثة عكار ابرزت ظاهرة الفقر التي تعاني منه الاسر اللبنانية وانا اؤكد ان "الفقر في الوطن غربة " وان صعوبة العيش في لبنان هي التي دفعت بهؤلاء الى السفر الى اندونيسيا للانتقال بعدها الى استراليا بهذه الطريقة غير الشرعية ، فلبنان كما قلت بلد فقير لا يتحمل اعباء شعبه فكيف به ان يتحمل هذه الاعداد الضخمة من النازحين الذي يتطلبون عناية، كما ان الموازنة اللبنانية في اغلبها موازنة أجور وكان على الدولة اللبنانية ان تكون حازمة اكثر في هذا الموضوع مع الدول والهيئات الداعمة للحرب في سوريا او المؤيدة لها وان تتصرف كما هو حاصل اليوم في الاردن او في تركيا.

في سياق منفصل ما رايك بالتحرك التي قامت به الهيئات الاقتصادية للمطالبة بتشكيل حكومة؟

ان الاتحاد العمالي العام منذ حوالي السنة والنصف طالب بتشكيل حكومة نظرا للظروف الصعبة التي نعاني منها وان الهيئات الاقتصادية قامت بهذا التحرك لانها خسرت جزء من ارباحها وانا اريد ان اؤكد ان تشكيل الحكومة ومع الاسف ليس ملفا وطنيا مئة بالمئة بل هو اقليمي وحتى دولي له علاقة بالتوازنات ولبنان يحتاج بشكل ضروري وعاجل الى تشكيل حكومة من شأنها ان تعمل على تحسين الظروف وخلق فرص العمل وتطبيق القوانين بشكل حازم  ومعالجة المشاكل الاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد يوم .

في الختام ، ما هي مطالب الاتحاد العمالي العام في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني ؟

ان من ابرز مطالب الاتحاد العمالي العام هو حل قضية المياومين وعمال غب الطلب وان تتحمل الدولة مسؤولياتها اتجاه هؤلاء العمال وان لا تتعامل معهم كمتعهد بالاضافة الى معالجة قضية الضمان الاجتماعي بحيث يصبح متاحاً للجميع لان هناك قطاعات كبيرة من اللبنانين لا يشملهم الضمان وان الاتحاد كان قد طرح مشروع "ضمان المضمون في الوظيفة" وهو يهدف الى توفير الرعاية الصحية  للذين هم في مرحلة التقاعد  وهم بحاجة ماسة واكثر من غيرهم الى الضمان كما ان الموضوع الامني هو الاساس في هذه المرحلة .