طمأن الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي الى ان عملية اختطاف الطيارين التركيين في لبنان لن تؤدي الى ازمة سياسية واقتصادية بين لبنان وتركيا وأن هناك عملية استيعاب تركية  لهذه المسألة ، وحمل يشوعي في مقابلة خاصة لـ"النشرة الاقتصادية" السياسات الداخلية ان كان على صعيد السياسة النقدية والاجتماعية والاستثمارات مسؤولية التردي الاقتصادي في البلد معتبرا ان لبنان اصبح جزيرة ليس امامه سوى التصدير والتبادل التجاري عبر البحر بسبب الاوضاع والاضطرابات في سوريا كما ان قرار الحظر التي فرضته الدول العربية على لبنان جاء  ليزيد الطين بلة فبات الاقتصاد اللبناني يعاني من ركود ومشاكل تتسع يوما بعد يوم وتطال كافة المجالات فضلا عن حالة عدم الاستقرار الامني التي نشهدها وكان اخرها التفجير الذي طال الضاحية الجنوبية وهذه الامور اثرت على تدفق الاستثمارات واعطت صورة سوداوية عن نتائج النمو المتوقع تحقيقها في الفترة المتبقية من العام الحالي.

بداية وانطلاقا من عملية اختطاف الطياريين التركيين، ما هي برأيك التبعات الاقتصادية التي ستترتب على لبنان بسبب هذه  العملية ؟

ان عملية الاختطاف ليست قرار رسميا ولا موقف حكومي ولا ارادة لبنانية وتركيا تعرف وتقدر ظروف لبنان حيث أن الامن في البلاد ممسوك نسبيًا، ما يترك ثغرات ينفذ من خلالها من ينفذ ليقوم بمثل تلك الاعمال، وتركيا تحاول قدر الامكان استيعاب الامر، لأنها تقدر ظروف لبنان.

وهناك علاقات اقتصادية قوية بين البلدين، وكذلك علاقات سياحية ولا شك أن العلاقات الاقتصادية بيننا ستتأثر غير أن هناك عملية استيعاب تركية لهذه المسألة، وكأن الاتراك لا يريدون استغلال هذه الحادثة لايجاد أزمة لبنانية تركية اقتصادية.

وعلى الصعيد الرسمي انا ارى ان لا الدولة التركية أو اللبنانية بصدد أن تشهد تأزمًا بالعلاقات السياسية والاقتصادية بينهم، ولبنان ليس باستطاعته تحمل صعوبات جديدة تضييق الخناق عليه اكثر .

كيف توصّف الحالة الاقتصادية التي وصل اليها لبنان اليوم ؟

ان لبنان يمر اليوم بمرحلة حرجة جدا فالاقتصاد  يشهد ركودا يتسع يوما بعد يوم وفي كل المجالات واصبحنا كجزيرة ليس امامنا سوى البحر وليس لدينا وسيلة للتبادل التجاري سوى المنفذ البحري بعدما توقف التصدير البري عبر سوريا فضلا عن الموقف السياسي الذي اتخذته الدول العربية من لبنان حيث طلبت من رعاياها عدم المجيئ اليه كما ان حالة عدم الاستقرار التي نعاني منها اليوم اثرت على حركة الاستثمار وعلى موقف القوى الخارجية من اقتصاد لبنان نظرا الى ان الاقتصاد له جانبين الاول داخي والاخر خارجي اي بما معناه الاستثمارات العربية المباشرة والاستثمارات الاجنبية كما ان تحويلات المغتربين اللبنانيين شهدت تراجعا هذا العام ، وهذا كله من شأنه ان يخفف من  تدفق الرساميل الذي بدوره يؤثر على ميزان المدفوعات ويؤثر على الاقتصاد الداخلي ككل .

برأيك ما هي الاسباب التي ادت الى هذه الحالة الاقتصادية التي بتنا نراها اليوم ؟

اعتبر ان الاسباب التي ادت الى الحالة الاقتصادية المتردية التي نراها اليوم تأتي في مقدمتها السياسات الداخلية التي تشوبها عيوب كثيرة واخطاء فادحة ان كان على صعيد السياسة النقدية والاجتماعية والاستثمارات وهذه العيوب كانت تغطى بالشق الخارجي من خلال التحويلات والتصدير ولكن مع تراجع هذا الجانب برزت هذه العيوب الداخلية بشكل واضح وترجمت بالتراجع الذي بتنا نراه اليوم في كافة قطاعات خدمات الحياة العامة كما ان معالجة المسائل الاجتماعية تتم بصورة عشوائية والدليل ان لا يوجد ضمان يغطى كافة اللبنانين .

ما هي توقعاتك للنمو في الفترة المتبقية من العام 2013؟

ان اتوقع ان لا يكون هناك نمو في الفترة المتبقية من العام 2013 واتمنى ان يتمكن الاقتصاد اللبناني من ان ينتج هذا العام ما تمكن انتجاه من سلع وخدمات في العام 2012 ، ولكن من الممكن ان نشهد نموا سلبيا بسبب تراجع الشق الخارجي للاقتصاد كما قلنا سابقا بالاضافة الى غياب سياسة نقدية نجحت في الحفاظ على الاستثمارات الداخلية والسيولة النقدية وسياسة الانتاج وكانت بعيدة عن هذه الاحداث التي نشهدها ولكن السياسة النقدية في لبنان فصلت الاقتصاد عن النقد بدلا من وضع النقد في خدمة الاقتصاد والتعامل مع كل مكونات الاقتصاد من خلال ملائمة كمية النقد المعروض مع المطلوب بصورة تشبع الاقتصاد لتحقيق مشاريع جديدة ولكن مع الاسف هذه المقاربة غير موجودة وهذه السياسة التي نعتمدها اليوم تم التخلي عنها عالميا منذ عشرات السنين وهي التي حدت من معدلات النمو وادت الى تفاقم مشكلة البطالة والدين العام وهجرت شباب لبنان .

كما ان هذا التوقع المتشائم لمعدلات النمو بسبب التخوف الذي نشهده اليوم حول  صعوبة دفع اجور الموظفين بسبب غياب الموازنة والاستثمار الداخلي بالاضافة الى غياب البيئة المحفزة للاستثمار على صعيد القروض او توفير البنى الاساسية او حماية الانتاج من المنافسة الخارجية الغير متكافئة .

ما هي ابرز الحلول التي يمكن اعتمادها لمعالجة المشاكل الاقتصادية الراهنة  ؟

من ابرز الحلول التي يجب تطبيقها في لبنان لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها اعتماد المركزية الادارية والمالية الموسعة في لبنان اي جباية الضرائب  في كل منطقة  ومن شأن ذلك ان يخفف من سرقة ونهب المال العام وذلك ، كما على الدولة ان توقع على عقود استثمار مع القطاع الخاص في مجال الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء وغيرها  بطريقة يتوافق هذا الاستثمار مع المعايير والشروط الدولية كما ان الدولة تحتفظ بالملكية وقرار التسعير الامر الذي سيوفر لخزينة الدولة اموالا وايرادات تستطيع استخدامها في امور اجتماعية كتوفير الضمان الاجتماعي لكل المواطين بالاضافة الى تحسين مستوى الخدمات .

برأيك كيف اثرت الازمة السورية على الاقتصاد اللبناني وما هي تداعيات وجود هذه الاعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين  على الاقتصاد ؟

سوريا تعتبر المنفذ الوحيد للبنان واذا كانت التجارة بينا يشوبها عدم التوازن وان كانت لمصلحة سوريا اكثر من لبنان الى ان الحدود المفتوحة مع سوريا والتبادل افضل بكثير للبنان من حدود مقفلة وسوريا كانت تمارس ضغطا على لبنان من خلال اقفال الحدود وهذا ما يشكل اختناق للبنان .

على صعيد اللاجئين السوريين في لبنان هناك من بينهم  طبقة ثرية حركت القطاع العقاري وفتحت حسابات في المصارف من اجل الانفاق فقط ولكن هؤلاء ليسوا نسبة عالية،  ويبقى العدد الاكبر من اللاجئين  هم هؤلاء الذين هم  بحاجة الى مساعدة والامم المتحدة تقدم بعض المساعدات العينية والاموال كما ان لبنان لا يستطيع طلب الاموال من الدول الخليجية كما ان وجود اللاجئين اثر على العمالة اللبنانية من خلال التنافس بالاسعار الامر الذي ادى الى اقفال مؤسسات وهجرة قصرية اضافية للشباب اللبناني .