شدد الخبير الاقتصادي د. الفرد رياشي على ضرورة وضع لجنة طوارئ تكون مهمتها طرح خطة لمعالجة مشكلة وتوقع في حديث لـ"النشرة الاقتصادية" ان يسجل الاقتصاد اللبناني في الفترة المتبقية  من العام الحالي نموا بنسبة ستتراوح بين 1 و 1.2% بالرغم من الاوضاع السيئة التي تمر بها البلاد مرجعا السبب الى السياسة النقدية السليمة التي يعتمدها المصرف المركزي والتي تعمد الى تحفيز الاقتصاد مشيرا الى ان البلاد اليوم تمر بمرحلة حساسة وعدد كبير من القطاعات تضررت من الاحداث الجارية وفي مقدمتها القطاع السياحي.

بداية كيف توصّف الحالة الاقتصادية التي يمر به لبنان اليوم ؟

ان الاقتصاد الوطني اليوم يمر بمرحلة حساسة نظرا الى ان عدد كبير من القطاعات تضررت بسب الاوضاع الامنية والسياسية، فالاحداث التي شهدناها في الاونة الاخيرة امنية كانت ام سياسية انعكست سلبا على القطاعات كافة ولا سيما القطاع السياحي فالازمة الدائرة في سوريا اثرت على حركة الترانزيت بين لبنان والدول العربية حيث كانت هذه البضائع تمر عبر سوريا وصولا الى الدول العربية ، كما ان مراجعة الاحصاءات تظهر ان هناك تراجع بنسبة 7.11% في معاملات المبيع العقارية مما يعني ان هناك حوالي  31 الف و900 معاملة تم اجرائها في النصف الاول من العام الحالي مقارنة بـ 34 الف و 382 معاملة تم تحقيقها في الفترة نفسها من العام الماضي ولكن قيمة العقارات ارتفعت بنسبة 1% وهذا مرده الى ارتفاع اسعار العقارات .

الى ماذا ترجع اسباب هذا التراجع والتردي الاقتصادي الذي نعيش فيه اليوم ؟

ان لبنان حقق في السنوات الماضية معدلات النمو وصلت الى 8 و9% وهذا العام تراجع هذا المعدل الى 1.2% تقريبا كما اظهرت الاحصاءات في النصف الاول من العام الحالي وبرأيي ان الاسباب التي ادت الى ذلك تعود الى ان السوق العقاري دخل في مرحلة ركود على اعتبار ان هذا القطاع هو الذي ساهم في نمو الاقتصاد الوطني في ظل الاحداث التي كانت تشهدها المنطقة العربية  .

بالاضافة الى مجموعة من العوامل الاخرى التي ادت الى هذا التراجع ومنها تراجع الانفاق السياحي بنسبة 18% في الربع الثاني من العام الحالي حيث ان العائدات السياحية تعود على الاقتصاد بحوالي 4 مليار دولار .

وان الاوضاع السياسية وعدم تشكيل حكومة حتى اليوم اديا الى تجميد الوضع الاقتصادي في البلاد كما ان المستثمرين باتوا يترقبون الاوضاع المالية والاستثمارية  ويعمدون الى تأجيل استثماراتهم او يتجهون الى بدائل ومنها ايجاد اسواق بديلة للاستثمار  .

برأيك هل السياسة النقدية التي يعتمدها المصرف المركزي من شأنها ان تنعش الاقتصاد وتساهم في تحفيز عجلة النمو؟

ان مصرف لبنان على المدى المتوسط يستطيع ان يساهم في تحفيز الاقتصاد وتحريك بعض القطاعات ولكن على المدى البعيد لا يستطيع ذلك وان المستقبل لا يبشر بالخير .

كما ان السلة التحفيزية التي اعطاها مصرف لبنان ساهمت في تحريك العجلة الاقتصادية كما استطاع المصرف من تسويق هذه القروض للمستثمرين كما ان المركزي سيطرح مبادرة جديدة لتحفيز الاقتصاد ستكون لها اثر ايجابي على العجلة الاقتصادية .

برأيك ما هي الحلول الممكنة لمعالجة التراجع الاقتصادي التي تعاني منه البلاد اليوم ؟

يجب العمل على وضع لجنة طوارئ لوضع خطة لمعالجة مشكلة الاقتصاد  ولكنها لن تكون فعالة من دون تسوية سياسية في البلاد لاننا عكس ما هو متعارف عليه  ان الاقتصاد هو الذي يصنع سياسة وليس العكس وهذه اللجنة ستعمد الى وضع خطة قصيرة  المدى لتحفيز الاقتصاد ومعالجة المشاكل وايجاد  مخارج للازمات التي نعاني منها اليوم مثل تحفييز الاستثمار واستقطاب الرساميل التي خرجت من سوريا وغيرها  .

والمشكلة تكمن ان لبنان يعتمد على الخارج بدلا من السعي الى تقوية القطاعات الانتاجية في البلاد كالقطاع الصناعي والانتاجي بل ان لبنان يعتمد على القطاع السياحي وهو قطاع خدماتي من شأنه ان يجعل اقتصادنا هش ومعرض للانتكاسة عند حدوث اي اضطراب امني.

برأيك كيف اثرت الازمة السورية على الاقتصاد اللبناني وما هي تداعيات وجود هذه الاعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين  على الاقتصاد ؟

ان الازمة السورية اثرت بشكل سلبي على لبنان وعلى حركة الترانزيت حيث ان تكلفة المنتج اللبناني ارتفعت من جراء زيادة رسم التصدير بسبب استبادل التصدير البري بالبحري  وان عدم الاستقرار السياسي في البلد الجار انعكس على الوضع الداخلي وعلى الاستقرار في لبنان .

اما في موضوع اللاجئين السوريين او بالنظر الى الشق الايجابي لتواجدهم في لبنان فهم حافظوا على السوق العقاري من خلال اشغال الشقق الامر الذي خفض العرض في السوق المحلي .

ولكن وجود العمالة السورية نافست اليد العاملة اللبنانية حيث بات جزء كبير من سوق العمل هم من الاخوة السوريين الذي نافسوا المواطن اللبناني بسبب الاجور المتدنية التي يتقاضونها كما ان المواطن السوري عمد الى فتح محال ومطاعم له في لبنان الامر الذي ادى الى تحويل المداخيل الى الخارج الامر الذي كان له الاثر السلبي على التاجر اللبناني .

ما هي توقعاتك للنمو في الفترة المتبقية من العام 2013؟ وهل سيكون النمو سلبيا كما يتوقع البعض؟

انا اتوقع ان يحقق الاقتصاد اللبناني نموا سيتراوح بين 1 و 1.2% ولكن هذا النمو مرهون بالقطاع العقاري الذي ما زال يشهد نموا وهو اليوم مستقر .

ولكن النمو لن يكون ابدا سلبيا نظرا للعوامل التحفيزية التي سيطرحها مصرف لبنان، كما ان نسبة العجز في الموازنة الحكومية وصلت الى 9% وذلك بسبب تراجع الانفاق الحكومي الذي مرده عدم حصول انتخابات نيابية بالاضافة الى تراجع اسعار النفط .

وانا اعتبر ان هذا النمو الذي هو قرابة الـ1% يعتبر مؤشرا مقبولا نظرا للاوضاع التي تمر بها المنطقة والشرق الاوسط ككل ولكن على المدى البعيد هناك خوف من هبوط هذا المؤشر.