أنشئ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان كمؤسسة أوكل اليها القانون تأمين التقديمات الصحية والإجتماعية للبنانيين وتطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي وحسن تنفيذه كعقد قائم بين الدولة وأصحاب العمل والعمال، إذ تستعرض "النشرة الإقتصادية" اليوم أهداف الضمان الإجتماعي وفروعه واقسامه وشروط الخضوع لنظامه ومصادر تمويله، أما بالنسبة لتطبيق الاهداف في أرض الواقع ورضى المواطنين المضمونين عن اداء الصندوق فسنستعرضها لاحقا في مقال منفصل.

يسعى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الى تغطية ثلث الشعب اللبناني تقريباً عبر ثلاثة من فروع الصندوق العاملة وهي "المرض والأمومة"، "التعويضات العائلية" و"تعويضات نهاية الخدمة".

وبما أن الهدف الأساسي هو الوصول الى تعميم أكبر قدر ممكن من الحقوق الى أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع فالصندوق يطمح ويسعى على المدى القصير، الى تدعيم ركائزه ومعالجة بعض معوقات عمله الآنيه وأهمها :

- معالجة النقص الفادح في موارده البشرية

- معالجة اختلال التوازن المالي في فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية

- معالجة موضوع الضمان الاختياري

- استكمال مكننة الصندوق وتبسيط الاجراءات الادارية لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات.

أما على المدى المتوسط والمدى البعيد فمؤسسة الضمان لا تتوقف عن السعي الى توسيع قاعدة المشمولين بالضمان الاجتماعي وذلك عن طريق وضع الآليات اللازمة لضم كل الشرائح الاجتماعية لا سيما عمال البلديات، صيادو الاسماك، مزارعو التبغ، وعمال البناء، بالاضافة الى ملاحقة اصدار المراسيم التطبيقية لقانون المسنين الصادر سنة 2000.

كما تسعى المؤسسة الى توسيع رقعة التقديمات لتشمل طب الأسنان، والأمراض المهنية وطوارئ العمل، وانشاء صندوق خاص للبطالة، بالإضافة الى متابعة مشروع القانون الرامي الى الانتقال من نظام تعويض نهاية الخدمة الى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية.

والضمان الاجتماعي بشكل عام هو الحماية التي يقدمها المجتمع للأفراد والأسر في حقلي الرعاية الصحية وتأمين الدخل ضمن إطار التكافل الاجتماعي، ولا سيما في حالات الشيخوخة أو البطالة أو المرض أو العجز أو إصابات العمل أو الأمومة أو فقدان المعيل. أما الجهاز الذي يتولى هذه المهام في لبنان فهو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وأنشئ الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بموجب القانون المنفذ بالمرسوم رقم 13955 تاريخ 26/9/1963،  ويخضع الصندوق لوصاية وزارة العمل بواسطة مفوض الحكومة، ولوصاية مجلس الوزراء المسبقة، بالإضافة لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة دون أي رقابة مسبقة.

ويتالف الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي من ثلاثة أجهزة وهي مجلس الإدارة برئاسة المدير العام الحالي محمد كركي، ويضم 26 عضواً يمثلون (الدولة ، أصحاب العمل ، العمال)، أما الجهاز الثاني فهو أمانة السر التي تعتبر (السلطة التنفيذية) في الصندوق وتخضع لسلطة المدير العام، بالإضافة الى الجهاز الثالث المتمثل باللجنة الفنية أو (سلطة تدقيق). 

أما فروع الصندوق فتبلغ اربعة فروع، الاول هو فرع تعويض نهاية الخدمة الذي بوشر العمل به اعتباراً من أول أيار 1965، والثاني هو فرع التقديمات العائلية والتعليمية الذي بوشر العمل به اعتبارا من 1/11/1965، والفرع الثالث هو تقديمات ضمان المرض والأمومة الذي بوشر العمل به اعتبارا من 1/11/1970، بالإضافة الى فرع طوارئ العمل والأمراض المهنية الذي لم يعمل به بعد .

ويأتي تمويل فروع الضمان الإجتماعي عن طريقتين، الاولى من خلال الإشتراكات، حيث يقتطع الضمان 8.5% من الاجر أو الكسب بما فيه جميع العناصر واللواحق (على عاتق صاحب العمل ) "لفرع نهاية الخدمة"، و6% من الأجر او الكسب ولغاية حد أقصى قيمته 1,500,000 ل.ل. ( على عاتق صاحب العمل) "لفرع التقديمات العائلية"، بالإضافة الى  9% من الأجر أو الكسب ولغاية حد أقصى قيمته 1,500,000 ل.ل. موزعه (7% على عاتق صاحب العمل 2% على عاتق المضمون)  "لفرع ضمان المرض والأمومة".

أما الطريق الثاني الذي ياتي منه التمويل هو مساهمة الدولة بـ25% من قيمة تقديمات فرع "ضمان المرض والأمومة".

وفيما يخص الخاضعين لنظام الضمان الإجتماعي، فهم الأجراء الدائمون والمتدربون والمتمرنون، أجراء قطاع البحر والموانئ، الأشخاص العاملون لحساب الدولة من غير الموظفين الدائمين،  الأجراء الزراعيون الدائمون،  السائقون العموميون، بائعو الصحف والمجلات، أفراد الهيئة التعليمية في جميع المدارس الخاصة، الطلاب الجامعيون، المخاتير، الأطباء المتعاقدون مع الصندوق، المضمونون الاختياريون، اللبنانيون العاملون في الخارج (ضمن شروط خاصة)، والأجانب العاملون في لبنان (ضمن شروط خاصة).

والشروط الاساسية لخضوع الاجير لأحكام قانون الضمان الإجتماعي تتمثل في ان يرتبط الاجير مع المؤسسة بعلاقة عمل وفق منطوق الفقرة الأولى من المادة 426 من قانون الموجبات والعقود وبالتالي توفر العناصر التالية : العمل ، الأجر والتبعية القانونية .

1- العمل :

إن تأدية العمل هو شرط أساسي لاعتبار العلاقة بين الأجير وصاحب العمل علاقة إجارة خدمة ، ولا يشترط أن يكون هذا العمل المؤدي مشروعاً بل يتحقق الخضوع لأحكام قانون الضمان الإجتماعي بمجرد وجوده حتى ولو كان غير مشروع.

2- الأجر:

ان تقاضي الأجر هو شرط أساسي لاكتساب صفة الأجير، فالعمل المودَى مجاناً لحساب الغير يحول دون اكتساب هذه الصفة وبالتالي عدم الخضوع لحكام قانون الضمان الإجتماعي.

يكون الأجر عادة ثابتاً ويمكن أن يكون مدفوعاً كلياً أو جزئياُ على شكل عمولة أو حصة من الأرباح ، أو على الانتاج ، او على شكل منفعة عينية ، ويمكن أن يكون مدفوعاً من قبل رب العمل أو من قبل أشخاص ثالثين.

3- التبعية القانونية :

يتوفر عنصر التبعية القانونية عندما يكون الأجير في وضع تبعية إزاء صاحب العمل وهذه العلاقة التبعية هي التي تميز الأجير عن العامل المستقل.

ويسعى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في لبنان للانتقال من نظام تعويض نهاية الخدمة الى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية ، تلبية لمطالب المضمونين في العيش الكريم.