في ظل المؤشرات السلبية التي لا تنذر بالخير للاقتصاد اللبناني نتيجة الازمة السورية من جهة والاحتقان والتوترات الامنية من جهة اخرى الامر الذي ارخى بظلاله على القطاعات الاقتصادية كافة ومنها القطاع المصرفي الذي يواجه تحديات كبيرة وحساسة لناحية الخضّات السياسية التي يشهدها العالم العربي نتيجة الثورات العربية بالاضافة الى الظروف الداخلية والاستثنائية التي تمر بها البلاد اليوم ، وعلى الرغم من كل التطمينات حول وضع القطاع المصرفي اللبناني الا انه يعتبر  جزء من المنظومة الاقتصادية العالمية، فمن الطبيعي أن يتأثر عمله ويواجه هذه التحديات، وتتراجع ارباحه بعد ان  لامست الـ 7 % في العام 2011.

بناء على هذه المعطيات بالاضافة الى اظهار اثر الازمة السورية والتحديات المالية والسياسية الكبيرة والضغوطات التي يواجهها القطاع المصرفي  كان للنشرة الاقتصادية هذا اللقاء الخاص مع  الخبير الاقتصادي والمصرفي غابي بجاني.

بداية كيف تصف وضع القطاع المصرفي في لبنان ؟

وضع القطاع المصرفي جيد حتى الان بالرغم من الصورة القاتمة على الصعيد الامني والسياسي نظرا الى ان الحركة المالية تنقل من شخص الى اخر وفقا لنظام مصرفي معين،  وبشكل عام ان الازدهار في البلاد ينعكس ازدهارا على صعيد المؤسسات وبالتالي المستفيد الاكبر تكون المؤسسات المصرفية ولكن هذه الصورة في لبنان اليوم غير موجودة لان نشاط المؤسسات ضعيف والمصارف اللبنانية تنبهت الى الوضع وعرفت كيف تتعامل معه وذلك  من خلال التركيز على الافراد وتقديم التسهيلات بالحصول على القروض التي وصلت في بعض الحالات الى مبالغ كبيرة وهي تحاول تعويض النقص الناتج عن تراجع حصول المؤسسات على القروض .

كما ان الزبون الاكبر للمصارف هو القطاع العام من خلال اصدار سندات خزينة ويوروبوند التي تستفيد منها الدولة والمصارف من خلال الحصول على نسبة ربح معينة ولكن لو كانت الشركات والافراد والدولة تطلب القروض من المصارف لكان الوضع المصرفي في لبنان جيد جدا .

والمصارف اللبنانية في وضع جيد في ظل حرب اقليمية فما زالت تستقبل ودائع كما ان تراجع القروض العقارية بسبب الركود في القطاع العقاري ساهم في تراجع نمو القطاع المصرفي .

برأيك ما هي الاسباب التي ساعدت على المحافظة على القطاع المصرفي في ظل الظروف السياسية والامنية والاقتصادية الراهنة ؟

ان القطاع المصرفي اللبناني استفاد من الازمة العالمية التي حدثت في العام 2007 و2008 حيث ارتفعت الودائع من خلال تحويلات  اللبنانيين في الخارج الذين سحبوا اموالهم من المصارف الكبيرة التي انهار عدد كبير منها وهذه الازمة العالمية لم تطال المصارف اللبنانية لان هذه المصارف حجمها صغير ومتوسط ولم تكن مقحمة  بالادوات الخطيرة والتي تمكنت من توظيف الودائع لزيادة ربحيتها .

كما ان النزوح السوري الى لبنان  والمشكلة التي تعاني منها سوريا اليوم دفعت بالرساميل السورية الى الداخل اللبناني  نتيجة الحظر الدولي التي يمارس عليها وهذه الاموال وظفت في القطاع المصرفي والاسواق الداخلية  .

وانا اريد ان اؤكد ان الاوضاع في لبنان ليست سيئة كما تظهر الصحف والخطابات السياسية التي تشير الى الوضع القاتم في البلاد  وصحيح ان وكالة التصنيف الائتماني "موديز" خفضت تصنيف لبنان ولكننا ما زلنا في مستوى "ب" وهذا مؤشر الى ان الاقتصاد فيه نوعا من الايجابية .

وان العام 2013 شهد تباطؤا في نمو ارباح المصارف لكننا لم نصل الى مرحلة كما اليونان .

وما هي هذه الايجابيات في الاقتصاد ؟

كما قلت الوضع في لبنان ليس سيئا للغاية وهناك العديد من الايجابيات فالنازحيين السوريين يحصلون على مساعدات من شأنها ان تحرك الاسواق اللبنانية كما ان اقدامهم على شراء متطلبات الحياة الاساسية من شأنها ان تحرك العجلة الاقتصادية وبالتالي لبنان يستفيد بشكل بسيط من هذه السلبيات .

وهل فرض القطاع المصرفي المزيد من التدابير الوقائية على اعطاء القروض  بسبب الاحداث الذي شهدها لبنان ؟

ان  ادارات المصارف لديها ما يكفي من الحذر والرشد بناء على عدة تعميمات من المصرف  المركزي واليوم وبمجرد وجود مشكلة تأخذ المصارف مؤونة معينة وهذه المصارف تفترض اسوء الاحوال التي ستؤول اليها الاوضاع وتأخذ احتياطاتها اللازمة بناء عليها .

وهذه الاوضاع التي يمر بها لبنان اليوم دفعت بالمصارف الى فرض المزيد من الضوابط وان تكون على يقظة اكبر في عملية اعطاء القروض مما  ساهم في حماية المصارف والزبائن .

   كيف ساهمت القروض المدعومة من مصرف لبنان او ما يعرف بالسلة التحفيزية  بتحريك العجلة الاقتصادية؟ وهل استهلكت هذه القروض  كافة؟

ان السلة التحفيزية التي قدمها المصرف المركزي كانت مهمة جدا لان هناك مخاوف من ارتفاع الفوائد، وفي لبنان الفوائد مرتفعة بالليرة اللبنانية مما ينسحب على العملات الاخرى وهذه القروض ساهمت بنمو مشاريع معينة وتحريك الاسواق ومنها السوق العقاري وهذه السلة التحفيزية لم تستنفذ جميعها .

كيف اثرت الازمة في سوريا على القطاع المصرفي اللبناني وخاصة على المصارف العاملة في سوريا ؟

بالطبع المصارف والقطاع المصرفي في لبنان تأثر بالازمة الدائرة في سوريا فالمصارف اللبنانية العاملة في سوريا بدأت بالعمل في البلاد واعطاء القروض الى المؤسسات والافراد ولكن الحرب والتوترات الامنية جاءت على هذه الممتلكات والشركات فاصبحت هذه القروض صعبة في استردادها والمصارف اللبنانية كانت على وعي بهذا الموضوع واخذت مؤونة تحسبا لهذه الظروف وانا اعتبر ان الحال في سوريا اليوم  يعد تجربة جيدة للمصارف اللبنانية من شأنها ان تعطيها الكثير من الخبرة .

ما هي توقعاتك للنتائج التي ستحققها المصارف في العام 2013؟

انا اتوقع ان تحقق المصارف في الفترة المتبقية من العام الحالي ارباح ولكن الخوف ان تحقق ارباح اقل من الارباح التي حققتها في العام الماضي ولكنه لن يكون هناك خسائر ابدا،  كما ان المصارف تعمد الى ايجاد اسواق جديدة وهي تعتمد على مبدأ تعددية مصادر الانتاج ، واليوم نطالب بثبات الوضع وتأمين الاستقرار في لبنان لان وكما يقول المثل "رأس المال جبان "لان الخطر الامني هو الاساس وان اي خلل امني من شأنه ان يهرب الرساميل ويؤدي الى تدهور القطاع المصرفي لذلك نطالب بتوفير الامن الذي يعتبر امرا مهما جدا واهم من الامور السياسية .