اشارت مجموعة سيتي غروبCitigroup   إلى أن الفجوة بين  مستوى مخاطر البلد (country risk)  والمخاطر السيادية  (sovereign risk)في لبنان قد اتّسعت بسبب الإرتفاع الكبير في مستوى مخاطر البلد. واعتبرت أن التدهور الحادّ في مخاطر البلد على مدى السنتين الماضيتين أثّرت بشكل بسيط على مستوى المخاطر السيادية لغاية الآن.  وقالت أن مخاطر البلد تعكس مخاطر القيام بالأعمال في دولة ما وهي تشمل المخاطر الإقتصادية، والأمنية، والسياسية، والتشريعية ؛ فيما تُعرّف المخاطر السيادية على أنها قدرة الدولة على الوفاء بإلتزاماتها  المالية في الوقت المحدّد. وقد جاءت نتائج هذا التقرير في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس ​Lebanon This Week​.

ومن حيث مخاطر البلد، قالت أن المناخ السلبي لقطاعات التجارة، والبناء، والسياحة إضافةً إلى إستمرار حالة عدم الإستقرار السياسي وتراجع ثقة المستثمرين قد أثرت سلباً على الإقتصاد اللبناني. ولفتت إلى أن التقلبات السياسية وحالة عدم الإستقرار الأمنية المحلية والإقليمية أثرت بشكل كبير على ثقة المستثمرين وعلى الثقة في قطاع الأعمال في لبنان.  وأضافت أن قطاعي العقارات والسياحة، وهما قطاعين أساسيين في الإقتصاد اللبناني، قد تأثرا سلباً بهذه التطورات التي كان لها تداعيات على مجمل النشاط الإقتصادي. وتالياً، اشارت إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجّل معدّل نمو سنوي بلغ 1,5% في العامين 2011 و2012، وهو أقل بكثير من معدل النمو الذي بلغ حوالي 8% ما بين العامين 2008 و2010.

في موازاة ذلك، لفتت Citigroup إلى أن مخاطر تخلّف الحكومة عن التزاماتها المالية بقيت مستقرّة إلى حدّ ما في السنتين الماضيتين، وذلك بعكس مخاطر البلد المتزايدة. وعزت إستقرار مخاطر الإئتمان في لبنان إلى صلابة القطاع المصرفي وإلى عدم تأثر المالية العامة بحالة عدم الإستقرار المحلية والإقليمية بالقدر الذي تأثر بها الإقتصاد ككلّ. 

أولاً، إعتبرتCitigroup  أن المالية العامة في لبنان قد عانت تاريخياً من ضعف هيكلي في الإيرادات ومن ضغوطات مستمرّة في الإنفاق. وأشارت إلى أن عجز الموازنة العامة إتسع إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي من 4% من الناتج المحلي في العام 2011 ومن 6% من الناتج المحلي في العام 2010. غير أنها لفتت إلى أن العجز لم يتسع بشكل كبير مقارنةً بالعجوزات في الموازنة العامة التي سُجّلت قبل العام 2011، إذ أن المالية العامة في لبنان عانت من ضعف مزمن كما بقيت العجوزات في الموازنة العامة عند حوالي 10% من الناتج المحلي في العقد الماضي. وأضافت أن تراجع العجز في العام 2011  مردّه الإرتفاع الإصطناعي في إجمالي الإيرادات العامة، إذ أن وزارة المالية قامت بإدراج الإيرادات المُفترضة من وزارة الاتصالات في النتائج المالية الشهرية وذلك قبل تحويلها فعلياً الى حساب الخزينة. واشارت إلى أن  إتساع عجز الموازنة العامة في العام 2012 جاء نتيجة إرتفاع الإنفاق العام السنة الماضية بسبب زيادة مخصصات كلفة المعيشة لموظفي القطاع العام لمرة واحدة و إلى تباطؤ الواردات الضريبية.

ثانياً، إعتبرت أن قدرة الدولة على تمويل عجزها عبر القطاع المصرفي المحلّي قد زادت على مدى السنتين الماضيتين. ولفتت إلى أن قدرة وإستعداد القطاع المصرفي الإستمرار في تقديم الدعم للدولة هما نقطة قوة لوضع لبنان من حيث المخاطر السيادية. وأضافت أنه لو لم يكن هذا الدعم متوفراً لكان مستوى المخاطر السيادية في لبنان مرتفعا أكثر بكثير. واعتبرت أن للمصارف اللبنانية حافزاً قوياً للاستمرار في تمويل العجز في الموازنة العامة، إذ أنها تحمل قسماً كبيراً من الدين العام  وإن شطبه في حال تخلفت الحكومة عن الدفع  قد يؤثر  بشكل كبير على مستويات الرسملة لديها وعلى قابليتها للإستمرار. وأضافت أن القطاع المصرفي كان دوماً صامداً أمام الإضطرابات السياسية كما اشارت إلى أن النمو في ودائع القطاع الخاص بقي قوياً وداعماً لقدرة المصارف على تمويل حاجات الدولة للاستدانة. وإعتبرت أن إستدامة المالية العامة مرهونة بإستقرار القطاع المصرفي. وحذّر من أن خسارة ثقة المودعين  ستؤدي إلى خروج الودائع وإلى إضعاف قدرة المصارف على دعم الدولة. وقال أن ثقة المودعين تستند على إقتناعهم بأن القطاع المصرفي قادر على تخطّي الإضطرابات وإدارة موجوداته بشكل فاعل وبأن مصرف لبنان قادر على الدفاع عن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي.