اعتبر ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ في كلمة خاصة لـ"النشرة الاقتصادية" عقب المؤتمر المصرفي السنوي السادس الذي تنظمه شركة "فيرست بروتوكول" بالتعاون مع مجموعة بنك عوده ش.م.ل.- عوده سرادار، بعنوان "الشراكة بين التمويل والاستثمار"، في فندق "فينيسيا انتركونتيننتال"،ان  لبنان اليوم لديه مديونية كبيرة وهو بحاجة الى تطوير البنية التحتية على الاقل لتنمية الاقتصاد فليس لديه خيار سوى التوجهة الى الشراكة مع القطاع الخاص للقيام بتطوير وتحديث هذه البنى.وان مصرف لبنان يلعب دورا في جذب القطاع الخاص الى الاستثمار ومشاركة القطاع العام  من خلال المحاولة الجدية لاطلاق اسواق رأس المال لان هذا سوق يمكن ان يتداول فيه الادوات المتوسطة الطويلة الاجل او الاسهم وايضا من خلال تحصين وتقوية مصارف الاعمال .

واشار سلامة لـ"النشرة الاقتصادية " الى ان وضع القطاع المصرفي اللبناني سليم وان المركزي طلب من المصارف ان يتعدوا النسب الملاءة  المطلوبة التي كانت حوالي 7% ملاءة واليوم المصارف اللبنانية فوق الـ10% ملاءة وطلب منها الوصول الى 12% ملاءة في العام 2015 فالرسملة في القطاع المصرفي على ارتفاع والسيولة مرتفعة والمطلوب اليوم من هذه المصارف  30% من الودائع الخاصة بهم سيولة غير موظفة باي نوع من التوظيفات وهم فعليا لديها اكثر من ذلك بحدود 33% والمخاطر التي يواجهها القطاع المصرفي اصبحت وراءنا سواء ان كانت ازمات داخلية او من الازمة التي حدثت في سوريا او مصر او في قبرص

واكد سلامة على انه لم يعد هناك تأثير للتوترات الامنية والظروف التي تمر بها سوريا اليوم على القطاع المصرفي اللبناني لان المصارف اخذت مؤونات عامة خلال العام 2012 وجزء من العام 2011 وغطت كل المخاطر في سوريا وتراجعت محفظة التسليفات الموجودة على الاقتصاد السوري من  5 مليار دولار الى مليار ونصف دولار، واعتبر سلامة ان الاقتصاد ككل يستفيد من الاستقرار السياسي واحد عناوينه الاساسية اليوم هو وجود حكومة فاعلة في البلد.

وكان للنشرة الاقتصادية احاديث خاصة مع كل من : رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه، وزيرة المال السابقة ريا الحسن ، رئيس تجمع رجال الاعمال فؤاد زمكحل ، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس:

حيث اعتبر رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه ان الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص يعود بفائدة كبيرة على الاقتصاد اللبناني تتجسد في اقناع القطاع المصرفي بجدية موضوع الشراكة وتمويل البنية التحتية وانهاضها وليس امام الدولة اليوم خيارات اخرى متاحة فهي امام خيار اما  الشراكة مع القطاع الخاص او ابقاء البنى التحتية على ما هي عليه من تخلف لانه ينقصها التمويل والمطلوب اليوم اقناع القطاع الخاص بان هناك جدية بموضوع التعاطي وهناك رغبة بالاهتمام بالشؤون الانمائية للشعب اللبناني وليس فقط الاهتمام بالجدل والتجاذب السياسي .

واكد طربيه ان الشراكة بين القطاعين  لن تتم الا من خلال مشاريع معروضة للشراكة وحتى الان ليس هناك بالفعل من ملف كامل بالعمق وخطة تظهر ان الدولة لديها التصميم والنية ولديها الافضليات لان المشاريع لا تتم دفعة واحدة بل يجب ان يكون هناك روزنامة اولويات ونحن نعتبر ان الدولة مهتمة بشؤون امنية والازمات التي تمر بها المنطقة وتهتم بمواضيع اكثر الحاحا من ان تكون لديها خطة متكاملة في موضوع الشراكة وانما نأمل انه تحت الحاح الحاجة ان تتم وضع هذه الخطة .

كما اعتبرت وزيرة  المال السابقة ريا الحسن انه في ظل وضع المديونية المرتفعة في لبنان تبرز اهمية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتدفع بالحكومة الى اللجوء الى مثل هذا النوع من التمويل الذي من شأنه تخفيف المديونية ورفع النمو بوتير سريعة والشراكة تتيح الفرصة امام القطاع الخاص للمساهمة بشكل اكبر بالخدمات التي تقدمها تقليديا الدولة  وباسعار منخفضة وتفتح المجال امام التنافس لتأمين هذه الخدمات وبالتالي هذا التنافس من شأنه ان يحسن الخدمات.

واعتبرت الحسن ان هذه الشراكة تتطلب وضع الية دقيقة وشفافة تضمن مشاركة المخاطر بين القطاع العام والقطاع الخاص وتجعل هناك مردود للقطاع الخاص بطريقة تضمن له حقوقه وفي الوقت نفسه ضمان حقوق القطاع العام وهذه الشراكة بالنسبة للقطاع المصرفي مهمة جداً لانها تؤمن نوعا من التسليفات الذي هو بحاجة اليها في ظل السيولة الكبيرة المتوفرة لديه .

واعتبر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس ان الاستثمار العام غائب في لبنان منذ حوالي 8 سنوات وذلك بسبب عدم وجود موازنة منذ العام  2005 والبلد يتدهور والاقتصاد يتدهور لان البنية التحتية الاساسية ترهلت حيث لم يتم اعادة تأهيلها منذ حوالي اكثر من 20 عاما والمقصود بالبنى التحتية الطرق والكهرباء والبنية التكنولجية وغيرها التي جميعها بحاجة الى تطوير.

وتبين اليوم ان القطاع العام وحتى في ظل وجود موازنة ليس لديه الامكانيات المالية الكافية في ظل العجز والمديونية في المقابل المصارف اللبنانية لديها سيوله والموجودات فيها تتجاوز ثلاثة اضعاف حجم الاقتصاد وبالتالي هناك امكانية واستعداد لدى المصارف اللبنانية لتمويل هذه المشاريع شرط ان تكون الادارة بيد القطاع الخاص لان القطاع العام برهن عن اخفاقه بادارة اية مشروع فالقطاع الخاص موجود والمصارف موجودة لذلك علينا اجراء هذه المقاربة والمطلوب من الدولة وضع قانون الشراكة "ppp" قيد التطبيق وهذا هو طموحنا ومثل هكذا مؤتمر من شأنه ان يقربنا الى تحقيق ذلك .

من ناحيته اعتبر رئيس تجمع رجال الاعمال فؤاد زمكحل  ان الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص  لم يعد خيار كما كان في السابق لان اليوم البنى التحتية منحدرة بطريقة كبيرة جدا ولم يعد هناك حل وايضا لم يعد باستطاعة الدولة فرض ضرائب لتمويل مشاريع البنى التحتية ولا يمكننا جلب صناديق لان العرب لا  يريدون الاستثمار في لبنان والامر ذاته بالنسبة للصناديق الخارجية اصبح هناك نوع من التراجع فاليوم الحل الوحيد هو الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقطاع الخاص بكل صدق  هو الذي ساهم بالنمو وحان الوقت لاتاحة المجال لهذا القطاع لاستلام الممتلكات لتحسين الخدمة للمجتمع اللبناني وتخفيض الكلفة وهذا ما نهدف اليه اليوم.

واعتبر زمكحل ان التنافسية التي من شأنها ان توفرها هذه المشاركة هي تنافسية اقتصادية ايجابية تحسن نوعية الخدمات المقدمة للمجتمع ولكن يجب ان تتم بشفافية وان تكون بناءة وليس التنافسية التي تضر بالاقتصاد بل تلك التي تخفض الكلفة والتي تقدم احسن منتجات ولكن بشرط وجود مراقبة لان التنافسية دون مراقبة معينة تهدم اكثر مما تبني ونحن مع التنافس ومع هذه الشراكة ، ونطالب بامر ضروري جدا وهو حماية القطاع الخاص وهذا ما يتضمنه مشروع القانون المقدم الى مجلس النواب من العام 2007 الـ2008 والذي تناسى في المجلس ولكن الرئيس ميقاتي اعاده الى التداول وكان هناك احاديث مع الهيئات الاقتصادية وتلقينا وعودا بان  يطرح المشروع على مجلس الوزراء قبل استقالة الحكومة وحتى اليوم لم يحدث اي تقدم ، ونحن نطالب وجود ارادة سياسية للسير في هذا المشروع بالاضافة الى حماية المستثمر لجذبه .

واعتبر زمكحل ان مشروع القانون المتداول لديه الكثير من العيوب نتمنى تحسينه لجذب المستثمرين وحمايتها والدولة تطلب هذه الشراكة ومن المهم تأمين نوع من الحماية والمراقبة للمستثمر ونتمنى اقرار هذا القانون قربيا وبسرعة لان البنية التحتية لم تعد تحمل هذا التراجع الكبير.

واثناء المؤتمر، تحدث الحاكم سلامة فقدم بداية صورة عن الوضع القائم في ظل الأوضاع الصعبة والمناخ السياسي السائد وتأثيرات الأزمة السورية، وقال: "هناك تردّد إذ نرى ما يجري حولنا في الدول العربية غير النفطية ودول حوض المتوسط من أزمات تطال الثقة والقدرات الائتمانية لدول اقتصادها أكبر من اقتصاد لبنان وإن مصرف لبنان ومنذ بداية العام 2013 بنى سياسته على أساس توقعات غلب عليها الحذر بالإضافة الى عناصر داخلية تؤثر عادة على الاقتصاد، إذ كنا نتوقع حصول الانتخابات خلال العام الجاري في مقابل ما كان هناك من بحث في أمور اجتماعية في مقدّمها سلسلة الرتب والرواتب".

وتابع سلامة: "لكل هذه الأسباب، انطلقنا بمشروع تحفيزي للحفاظ على الحد الأدنى من الطلب على الاقتصاد على أن يكون داخليا بعد تراجع الطلب الخارجي. وكان لهذا المشروع التحفيزي صدى إيجابي. بحيث أن الجزء المخصص للمشاريع قد استنفد كليا، أما الجزء المخصص للاسكان فاستعمل منه الى الآن نحو70 في المئة. وفي المقابل، هناك أيضا طلب متزايد على التسليف لتأمين الطاقة البديلة وقضايا بيئية. كذلك، دعمنا ميزانية المصرف المركزي من خلال بيع مليارين ونصف مليار دولار يوروبوند كانت في محفظتنا، واستبدلنا شهادات الإيداع بالليرة اللبنانية في آجال أبعد بعدما كانت تستحق في العام الجاري، ما سمح بتوفير ثقة أكبر من قبل الأسواق والحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، ما أدى الى استقرار في الفوائد ودعم الطلب على التسليف".

وأشار الى أن الودائع تنمو بمعدل سنوي 7 في المئة والتسليفات بما يفوق الـ10 في المئة الى الآن. وقال: "نعمل على ألا تتعدى نسب التضخم الـ4 في المئة علما أنه ممكن أن تصل الى 5 و5,5 في المئة كما كانت عليه في 2012. أما ميزان المدفوعات فإن وضعه أفضل بدءا من تشرين الثاني 2012 فيما نسب النمو الاقتصادي تراوح بين 2 و2,5 في المئة. وبذلك، إذا ما أكملنا بالوتيرة نفسها التي شهدناها في الفصل الأول من العام الجاري، فإن لبنان بحاجة الى نمو بنسب أعلى مما هي عليه اليوم، ليكون أعلى من نمو المديونية، لكن الظروف القائمة محليا وإقليميا تحدّ من إمكاناتنا لتحقيق هذا الهدف.

أضاف سلامة: "من المعروف أن لبنان بحاجة الى خفض عجزه وإيجاد بيئة أفضل لخلق فرص العمل. ومن أهم العناصر لتحقيق ذلك، تطوير البنية التحتية من دون زيادة مديونية لبنان. لذلك لم يبق أمام لبنان الا اللجوء إلى الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتمويل كلفة تطوير البنية التحتية. يتم البحث حاليا في قانون ينظّم هذه العلاقة. إنما الصعوبة تتعدى الاتفاق السياسي على هذا القانون وتصطدم بهواجس القطاع العام الخائف من أن يستغل القطاع الخاص نشاطات وقطاعات من المفترض أن تكون ملكا للجميع.

وكانت كلمة لرئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه لفت فيها الى "وجوب إعادة تقويم مناهجنا الإقتصادية لادارة المرحلة الحالية في ظل تراجع معدلات النمو الإقتصادي، وتصاعد المديونية العامة وتراجع مستوى الخدمات الحكومية وتدهور البنية التحتية، وعدم توفر التمويل المناسب لتحديثها وتوسيعها".

وتطرق الى رفع شعار الخصخصة "لبعض القطاعات كحل لإيفاء جزء من المديونية العامة وكذلك لتحديث هذه القطاعات وتطويرها". وقال: "إلا أنّ قطار الخصخصة اصطدم بمجموعة من العراقيل السياسية، وفي المقابل حظي موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص بقبول أكبر  من مختلف الفئات في لبنان".

كما  تحدثت مديرة التخطيط والاستراتيجيا في شركة "فيرست بروتوكول" فيوليت غزال البلعة فلفتت الى أهمية مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وضرورة إعداد ارضية مناسبة لاستقطاب استثمارات خارجية و"تحسين البيئة التشريعية والقانونية والضريبية، عبر اعادة تأهيل البنى التحتية للبلاد، وهي قد تكون في حاجة الى اعادة بناء وليس اعادة تأهيل.

ثم اشار الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد الحايك، في كلمته الى ان "لا استقرار ولا حدّ من الهجرة إلاّ من خلال نموّ اقتصادنا وإيجاد فرص عمل تسمح لشبابنا المحارب والمهاجر بأن يندمج في بيئة الاعمال وفي رحلة النموّ والتقدّم ولفت الحايك الى ضرورة تحسين بيئة الاعمال التي "تتضمّن عدداً كبيراً من الإجراءات والتعديلات للقوانين" الى جانب "التبنّي الجدّي لنهج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيله عبر إقرار قانون الشراكة الذي ما زال في أدراج مجلسي النواب والوزراء منذ سنة 2007".

معتبرا ان الاستثمار  في البنى التحتية ليس هدراً ولا استهلاكا. وإذ اعتبر أن الدولة "لم تستطع أن تستثمر هذا القرن في البنى التحتية بسبب عجز موازنتها"، أشار الى أن القطاع الخاص "لديه من التمويل ما يكفي ومن الخبرة ما يطمئن ومن الاقدام ما يفوق الحاجة للاستثمار في بنانا التحتية.  كل ما يلزمه هو استعداد الدولة للتعامل معه ولوضع النظم الشفافة التي تحمي مصالح الطرفين".

وتناول المدير العام المساعد في "بنك سوسيتيه جنرال في لبنان" جورج صغبيني موضوع "تمويل الشراكة في لبنان: دروس من دراسات حول حالات خارجية"، مقدما بداية لمحة عن البيئة الحالية للشراكة في لبنان مشيرا الى فسخ عقدي الـ"بي أو تي" مع "سيليس" و"ليبانسيل" في العام 2001، وتعثر تجديد عقدي الإدارة والتشغيل مع Alfa و MTC Touch في العالم 2007، كما تحدث عن عقد الـ"بي او تي" مع شركة "ماباس" المتعلق بمغارة جعيتا.

ولفت الى أن "عوامل النجاح تبدأ في دعم كل المكونات السياسية في لبنان لموضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تثقيف الناس ليتخلصوا من عدم الثقة في الشراكة ومقدمي الخدمات، حث صنّاع القرار على فهم الشراكة ووعي مسؤوليتهم في تجنب معارضة الموضوع، وضع سياسة طويلة الأمد لتأمين الوضوح في وضع الضرائب المستقبلية، وتأمين الاستقرار الأمني".

أما رئيس مجلس إلإدارة – المدير العام "سيدروس إنفست بنك"  غسان العياش فتحدث عن اهمية دور مصارف الاستثمار في مسألة الشراكة، قائلا: "في لبنان ثمة قيود سواء عبر التشريعات او القوانين تحول دون تأدية هذا الدور على النحو الواجب كي يفيد الاقتصاد منه". واذ دعا الى "مراجعة القوانين وتعزيز الثقافة لنشر الوعي حول دور مصارف الاستثمار الذي يكون عبر المستثمر"، اكد ان "المصارف التجارية لا تستطيع تقديم قروض طويلة الأجل بسبب القيود القانونية وتعليمات مصرف لبنان". ورأى ان "الخصخصة تقدم ايجابيات للقطاع العام وتجعله يستفيد من ديناميكية القطاع الخاص وخصوصا في جانب التمويل والفاعلية والادارة والرقابة"، معتبرا ان ذلك "يؤكد ان ثمة ايجابيات للخصخصة لا سيئات".