عقدت ​الهيئات الإقتصادية​ ال​لبنان​ية إجتماعاً طارئاً واستثنائياً برئاسة رئيسها الوزير السابق ​محمد شقير​، وبحثت خلاله بنداً واحداً وحيداً هو تشكيل الحكومة، وذلك بعدما وصلت الأوضاع في لبنان الى ما وصلت اليه من مآسي وويلات، وبعدما بات الخوف على ضياع فرصة الدعم الفرنسي عبر الورقة التي قدمها الرئيس ​ايمانويل ماكرون​ ل​إنقاذ​ لبنان، ومن أجل حَسّ القوى السياسية للقيام بواجباتها الوطنية والحفاظ على ما تبقى من قدرات وإمكانيات.

وقررت ​الهيئات الاقتصادية​ في إجتماعها إطلاق نداء استغاثة لإنقاذ لبنان، وعقدت في هذا الإطار مؤتمراً صحافياً تلا فيه رئيس نقابة المقاولين مارون الحلو وبإسم الهيئات الاقتصادية النداء، الذي جاء فيه الآتي:

إن الهيئات الاقتصادية التي هالها هذا الكمّ من الأزمات والتراجعات التي أصابت مختلف مفاصل الحياة في لبنان، يؤلمها جداً إستمرار الأداء السياسي السلبي الذي ينبئ بمصير مأساوي للبنانيين.

فمن سخرية القدر، أن سنوات وسنوات مرّت، ولا يزال يُتَّبع ذات النمط السياسي الذي أوصل لبنان الى هذا الدرك الذي وصل إليه.

اليوم، ومع كل الأزمات التي تهدّد وجود الكيان، من غير المسموح ومن غير المقبول أخلاقياً ووطنياً، أن نبقى في دوّامة هذه الممارسات العبثية.

فإذا كان هناك من يعتقد بأن البلد بخير وأنه لا يزال يملك هوامش للمناورة، فتلك مصيبة ستقودنا الى مصيبة أكبر لا بل الى ​كارثة​ شاملة.

فحقيقة، ان كل الأزمات والتراجعات التي سجلت حتى الآن، ورغم شدّتها وتداعياتها القويّة على مختلف المستويات لا سيما على حياة اللبنانيين ومعيشتهم، فهي ليست إلا البداية لأن ما ينتظر لبنان والشعب اللبناني إذا استمرت القوى السياسية تتمسك بممارساتها وإذا بقينا في حال المراوحة والإنتظار سيكون أقوى وأشد بأضعاف، وعندها لا سمح الله سيصل الشعب اللبناني الى ما بشّرنا به البعض في بداية الأزمة، بالعودة عقود الى الوراء.

نعم، سنصل الى مرحلة ستنعدم فيها ​السيولة​ بالعملات الصعبة، ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سقوف، وتندثر القدرة الشرائية ويرتفع التضخم الى مستويات عالية غير مسبوقة عالمياً. سنصل الى مرحلة تتعطّل فيها كافة محركات الاقتصاد، ما يعني إقفال شبه شامل للمؤسسات وبطالة جماعية وفقر مجتمعي وجوع عابر للمناطق والطوائف والمذاهب.

هذا المصير المأساوي، حذرت منه الهيئات الاقتصادية مراراً وتكراراً، ولم تترك وسيلة لإسماع صوتها والضغط لتفادي السقوط في الهاوية.

وها قد وصلنا، فعلى أرض الواقع هيكل البلد ينهار. الاقتصاد يهبط بكافة مكوّناته بسرعة قياسية، المؤسسات تلفظ أنفاسها الأخيرة، ​البطالة​ تستشري والشعب يجوع، بيروت تدمّرت، الطاقات الشبابية والأدمغة تهاجر، ​الثروات​ والامكانيات تتآكل، ومختلف نواحي الحياة تتراجع بشكل خطر.

إزاء كل ذلك، إن الهيئات الإقتصادية اللبنانية وإنطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، ومنعاً لحصول الإصطدام الكبير للإقتصاد بالقعر، فإنها ترفع الصوت عالياً، وتحمّل القوى السياسية المسؤولية الكاملة عن كل ما حصل وما سيحصل، وتطالبها بإسم ​القطاع الخاص​ وبإسم اللبنانيين السير نحو تشكيل الحكومة فوراً، اليوم قبل الغد، حكومة منتجة وقادرة على تنفيذ الورقة الفرنسية الإنقاذية لإعادة إعمار بيروت وإنقاذ لبنان.

اليوم ومن جديد، نناديكم، الشعب اللبناني يناديكم، بيروت المدمّرة والمفجوعة تناديكم، ​المجتمع الدولي​ يناديكم.

نناديكم من أجل جميع اللبنانيات واللبنانيين الذين تعبوا وتألّموا وخافوا وعانوا، من أجل كل الذين نزلوا الى الساحات والاستجابة لتطلعاتهم ببناء دولة القانون والعدالة الحامية لشعبها والمحافظة على مقدراتها، من أجل لبنان الجميل، لبنان التاريخ والمنارة والثقافة والحضارة والسلام والرسالة، من أجل كل الشهداء الذين ضحّوا ليحيا الوطن، من أجل هذا الشعب الذي لا يقهر والقادر على قلب المسار إذا أُعطي الاستقرار، من أجل الاجيال الطالعة ومستقبل مشرق لكل شابة وشاب،

من أجل كل ذلك، نطالبكم بالكفّ عن كل الممارسات السلبية، والذهاب فوراً لانتاج الحلول وملاقاة المبادرة الفرنسية التي تشكل فرصة أكيدة ونادرة لإنقاذ لبنان. فأنتم كقوى سياسية انتخبها الشعب اللبناني وممثّلة في البرلمان مسؤولون حتماً تجاه الشعب، ومسؤوليتكم تحتّم عليكم في هذه اللحظة التاريخية والمفصلية بحياة لبنان انتاج الحلول لا غير، والتوقف عن الكلام والتنظير والشعارات التي لا تجدي نفعاً ولا تطعم شعباًـ