باتت مسألة رفع الدعم عن السلع الأساسية (القمح- ال​دواء​- المحروقات) أمراً حتمياً، لكن يبقى الترقب حيال التوقيت وال​آلية​ التي ستتبع في هذا الإجراء.

ومن أهم السلع التي تهم المواطن، الدواء الذي يتّصل مباشرة بأمنه الصحي في حال تم رفع الدعم عنه، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة الذين يعانون في تأمين حاجاتهم من الدواء، إن كان من ناحية السعر أو في بعض الأحيان فقدانه.

وما إن بدأ الحديث عن رفع الدعم عن الدواء، حتى هرع المواطنون إلى تخزين ​الأدوية​، في ظل ثبات سعره مقارنةً بباقي السلع حالياً، ما تسبب بفقدان بعض أنواعها من الأسواق.

ويبقى الترقب في الحلول التي يمكن اللجوء إليها، وكيفية مساعدة المواطن لعدم تحميله المزيد من الأعباء في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة، وكذلك الضبابية التي تسود مستقبل البلاد، على جميع الصعد.

في هذا السياق، أوضح نقيب الصيادلة غسان الأمين، في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن حاكم "​مصرف لبنان​" رياض سلامة أكد أنه في النهاية سيتم رفع الدعم، ولكن هناك عمل على دراسات لإستمرار الدعم على أدوية ولوائح معينة، والهدف هو بقاء الدواء مؤمّناً". وقال: "وزارة الصحة العامة أيضاً تدرس مواجهة المرحلة المقبلة، ضمن نفس التوجّه".

وأشار الأمين، إلى أن "الوضع ليس سهلاً، وتمنى أن يكون هناك إجتماعات على صعيد المعنيين، كحاكم "مصرف لبنان" ووزارة الصحة".

وعن الإجتماع الذي حصل اليوم الخميس مع وزير الصحة ​حمد حسن​، كشف أنه تمحور حول شح الأدوية في الأسواق، لأن المستوردين لم يتمكنوا من تسليم الكميات المطلوبة، بسبب تأخر المركزي بالموافقة على العملية، مما أثّر على كمية الإستيراد، وكذلك عندما بدأ الحديث عن رفع الدعم، أصبح هناك هلع لدى المواطنين وخزنوا الأدوية بنسبة كبيرة، مما أدى إلى تراجع المخزون عند المستوردين، مما تسبب في تقنين تسليم الدواء، ما إنعكس على بعض المواطنين أصحاب القدرة الشرائية المنخفضة الذين لم يستطيعوا لا الشراء ولا التخزين".

وأضاف: "الوزارة تعمل على ترشيد توزيع وصرف الدواء، وكذلك تبحث في موضوع رفع الدعم، والخطط المفترض أن تطرحها لمواجهة هذه المرحلة".

وقال نقيب الصيادلة: "وزير الصحة، أكد أنه لن يترك المواطن، وسيضع خطة لمواجهة هذه المسألة".

ولفت إلى أن "هذه المسالة متوقفة على ما تحمله الفترة المقبلة، وما إذا كانت ستتشكل الحكومة، وبذلك تساعد على حل المشكلة، مع وصول الدعم الخارجي.. وهذا ما تمناه للتخلص من هذا الكابوس الذي نعيشه".

ورأى الأمين، أن "عدم تشكيل حكومة يأخذنا إلى الإنهيار التام، فرفع الدعم سيؤدي إلى إغلاق المؤسسات الضامنة، لأن 93% من اللبنانيين دوائهم مدعوم من الضمان الإجتماعي وتعاونية موظفي الدولة وغيرها من المؤسسات، وسيؤدي إلى إرتفاع سعر الدواء 5 إلى 6 أضعاف، أي أن الجهات الضامنة لا يمكنها الإستمرار بالدعم، ما سيؤثر على عدم قدرة المواطن شراء دوائه.. ما يحتّم الدخول في فراغ مخيف، ما سيسهل دخول الأدوية ذات الجودة الأقل إلى الأسواق، وزيادة عمليات التهريب".

وفي موضوع تهريب الأدوية إلى الخارج، كشف الأمين، أنّ "فاتورة الإستيراد هذا العام هي أقل من فاتورة العام الماضي، وهذا يعني أنّ الإستيراد كان أقلّ من الحاجة المحلية"، مضيفاً أنّه إذا "كان هناك تهريب، فهو على نطاق ضيق".

وأوضح: "لا نستطيع إستيراد الدواء بالكميات المطلوبة على السعر الرسمي 1515 ليرة، و"مصرف لبنان" يأخذ وقتاً لكي يوافق على الإستيراد ولدرس الفاتورة، ما يتسبب بالتأخير وإنقطاع بعض الأدوية في بعض الأحيان، لأنه يجب أن نتواصل مع المصانع الخارجية قبل سنة لطلب الكمية، بسبب وجود وقت معين في عملية تصدير الدواء".

وفي موضوع الصيدليات، أكد الأمين أن "وضعهم صعب جداً، لأن الصيدلي يبيع على السعر الدعوم (1515 ليرة)، ومصاريفه اليومية هي على سعر السوق أي 8000 ليرة، ما يعني أن أرباحه مقارنة بالدولار قليلة جداً.. وهناك بعض الصيدليات أيضاً أغلقت أبوابها بسبب هذه الأزمة الحاصلة".

وأضاف: "لا أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة، نرفع فيها الدعم من دون وضع خطة بديلة.. هناك دراسات تعد ولجان تعمل على هذا الموضوع، إن كان في "مصرف لبنان" أو وزارة الصحة، ويجب هنا أن يكون هناك تنسيق في ما بينهما، لوضع خطة لمواجهة هذه المرحلة الصعبة".

وقال: "من المفترض أن يكون هناك آلية محددة قبل رفع الدعم عن السلع الأساسية".

وأشار الأمين، إلى أن "المواطن لا يستطيع أن يعيش من دون دواء السكري أو الضغط وغيرها من الأدوية، ولذلك وبحسب حاكم "مصرف لبنان"، الدواء سيكون آخر السلع التي سيتم رفع الدعم عنها".