أزمة اقتصادية خانقة عصفت بكل القطاعات وعلى اختلافها في ​لبنان​.. دولة تخلت عن مسؤولياتها وواجباتها ودفع ما عليها من مستحقات وديون!

وكما فعلت معظم النقابات في هذا البلد المفلس، أطلقت ​نقابة المقاولين​ الصرخة عدة مرات بسبب ​الأزمة المالية​ المتمثلة بالأموال "المحجوزة" في ​المصارف​، وكذلك سعر صرف ​الدولار​ وغيرها من الأسباب التي ضربت هذا القطاع بكافة مكوّناته.

وللحديث أكثر عن مشاكل هذا القطاع وتحركات النقابة القادمة، كان لموقع "الاقتصاد"، مقابلة مع نقيب المقاولين في لبنان ​مارون الحلو​.

أطلقتم صرخة منذ أيام عن ​قطاع المقاولات​ المتضرر من ​الأزمة الاقتصادية​ الراهنة، هل هناك خطوات فعليّة من قبل الحكومة ووزارة الأشغال لإيجاد حلول ملموسة؟

"في الواقع، لا يوجد أي خطوة عملية من قبل الحكومة في هذا الصدد، ولكن هناك معالجات محدودة، مثلاً في وزارة الأشغال هناك عقوداً دون أن يكون لديها "عقود نفقة"، تواصلنا مع وزير الأشغال لنجد حلاً لهذا الموضوع واقترح بدوره نوعاً من الحل.

المشكلة بـ "القرار 44"، وهو عبارة عن مشاريع لم نتقاض أجرها كمقاولين منذ سنتين.

وندرس نحن و"مجلس الإنماء والإعمار" فسخ هذه العقود، فالمكتملة يتم تسديد ثمنها وتلك غير المكتملة - بحسب تقدم الأشغال بها- نقدر ما إذا كان من الممكن فسخ العقد أو لا.

بشكل عام هناك معالجات مع كل الإدارات، فقد تكلمنا أيضاً مع وزارة ​الطاقة​، ومحطات التكرير، ومحطات ​المياه​ وغيرها التي تحتاج لصيانة، وبخصوص هذا الموضوع تحديداً تواصلنا مباشرة مع رئاسة الحكومة لتقدم معالجة محددة بهدف الاستمرار.

كل هذه التحركات ولكن لا يوجد خطة شاملة من قبل الحكومة في الوقت الحاضر، لأن الحكومة غارقة في مشاكلها النقدية والاقتصادية وتعطي أولويات لأمور ثانية."

ما هو حجم الخسائر الذي تكبده قطاع المقاولات في لبنان؟

"الخسائر ضخمة في قطاع المقاولات، ثلث الناتج المحلي في لبنان أو ثلث الدين الموجود في ​المصارف التجارية​ اليوم يعود للمقاولين، ولتجار البناء، وتجار مواد البناء أو ​المهندسين​، فعندما كان الدين في المصارف نحو 60 مليار ليرة كان على الأقل هناك 20 مليار ليرة ديناً لقطاع البناء.

تكفي خسائر الفوائد التي دفعها المقاولون في المصارف، حيث قاموا بتوطين مشاريعهم لتأتي سنة 2019 بفوائد باهظة وغير مرتقبة كبدتهم خسائر كبيرة.

فمن لم يعمل في قطاع المقاولات في السنوات الأخيرة في لبنان تفادى خسائر كبيرة.

مع الأسف، وضعنا هو الأصعب فقبل أن يستقر سعر الصرف، وقبل أن نعرف مصير الإعتمادات  الخارجية  في المصارف، قطاعنا لا يستطيع التحرك لأنه مرتبط بكل هذه الأمور.

فاليوم لا نستطيع أن نسعر أي مشروع، على أي سعر صرف وكيف سنتقاضى المقابل المادي بأي طريقة.

أيضاً، العقود الموقعة سابقاً بالدولار وضعتنا في خسائر ضخمة بسبب تغير سعر الصرف في السوق مقابل سعر الصرف الرسمي، وبالتالي لا نستطيع المغامرة، لذلك أقول لك بأن قطاعنا جامد وسيأخذ فترة أطول من غيره، سنضع برنامجا مؤقتاً لحل الأمور العالقة أما المستقبل فغير واضح في هذا القطاع.

ولكن هناك تحركاً لا بأس به في قطاع بيع ​العقارات​ والشقق، لأن قلق الناس من خسارة نقودها في المصارف جعلهم يذهبون لخيار شراء العقارات، مما تسبب بانخفاض مستوى الإستدانة من المصارف بما يقارب الـ 15 مليار ليرة منذ ستة أشهر."

ما هي تحركاتكم المقبلة كنقابة مقاولين؟

"نحن كنقابة مقاولين اليوم، بصدد تحضير حلول لكل المشاريع في لبنان وكيفية إعادة إطلاق الحركة العمرانية في البلد، بالطبع هذه مهمة غير سهلة وتستغرق مزيداً من الوقت، وسنطلق مجدداً الصرخة لعدم دفع المستحقات، وعدم استقرار سعر الصرف، وعدم إصدار الكفالات والتسهيلات المصرفية من قبل المصارف؛ كل هذه التعقيدات التي حصلت منذ 8 أشهر حتى اليوم، فنحن حالياً بصدد إعادة النظر في هذا الموضوع وسنضع برنامجا ًلحل شامل ينطبق على كل إدارات الدولة.

وقد بدأنا في مجلس إدارة نقابة المقاولين بالعمل على هذا البرنامج، وتم تأليف فريق عمل يعمل على دراسة كل المشاكل، ومن الآن لمدة شهر سنذهب إلى الدولة والسلطات المعنية مقدمين حلولاً لكل هذه المشاكل.

نحن نقترح ولكن الحلول الفعلية ليست عندنا، الحل عند الدولة أن تأخذ بالاقتراحات التي نقدمها، التي هي بالطبع غير مرضية لأحد في ظل هذه الظروف الصعبة ولكن تخفف من وطأة المعاناة التي يعيشها قطاع المقاولات."

هل برأيكم الحكومة اليوم قادرة على تحقيق مطالبكم ودفع مستحقاتكم؟

الواقع أن الحكومة لديها مشاكل كثيرة وخصوصاً مشاكل الدفع والسيولة، ولكن هناك أساسيات ولا تستطيع أن تتخلى عن واجباتها.

الدولة لا تستطيع أن لا تحترم التزامها بالعقود من طرفها، فكيف لها أن تطلب من المواطن أن يلتزم بواجباته ولا تعطيه حقوقه وهذه أمور خطيرة.

وعلى سبيل المثال، عندما قررت الحكومة أن لا تلتزم بدفع مستحقات "اليوروبندز" أثّر كثيراً على سمعة لبنان وعلى مستقبله.

وأخيراً وليس آخراً، الدولة عاجزة عن تسديد ديونها للمقاولين، فيبقى السؤال ما هو ذنب المقاول اليوم إذا كان الدولار وسعر صرفه غير مستقر، وإذا السلطة عاجزة عن تسديد مستحقات من نفذ المشاريع والتعهدات."