تتهاوى القدرة الشرائية للمواطن اللبناني يوماً بعد يوم، في ظل غياب أي تحرك رسمي للجم تدهور قيمة العملة الوطنية، وإستمرار التلاعب بسعر صرف ​الدولار​ في ​السوق السوداء​، وإرتفاع الأسعار.

وتضرر كذلك العديد من القطاعات والمؤسسات الإنتاجية، والأعمال الحرة من هذه العوامل، ومن ضمنهم السائقون العموميون.

حصدت هذه الفئة أولى مطالبها، برفع تسعيرة النقل إلى 3000 ليرة ضمن بيروت لسيارات الأجرة "السرفيس"، و1500 للفانات "​ميني​ باص".

مطالب السائقين لم تقتصر فقط على رفع التعرفة، بل معرفة مصير ​المساعدات​ الإجتماعية (400 ألف ليرة)، وإقرار خطة قطاع ​النقل البري​، الذي تعهد وزير ​الأشغال العامة​ والنقل ميشال نجار بأن يضعها على جدول أعمال الحكومة، وكذلك بند الإعفاء من المعاينة الميكانيكية.

في هذا الإطار، أكد رئيس إتحاد النقل البري بسام طليس، في حديث لـ"الاقتصاد"، أن "التعرفة الجديدة إقترحها الإتحاد، ولم يعارضها أصحاب ​السيارات​ العمومية أو الفانات".

وقال طليس: "سعينا إلى التوازن بين المواطن والسائقين، لأننا لا نستطيع تحميل المواطنين، ولاسيما الموظفين، أعباءً أكثر".

وأضاف: "مستمرون في تحركاتنا لتحقيق جميع المطالب"، وكشف أن موضوع المساعدات الإجتماعية (400 ألف ليرة لكل سائق)، سيصدر عنه بيان من الجيش حول ​آلية​ التنفيذ.

وأعلن رئيس إتحاد النقل البري، أنه "في الوقت الراهن لن تشهد التعرفة أي زيادة جديدة."

وبعد رفع التعرفة، انقسمت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، ولكل واحدٍ منهم أسبابه الخاصة.

وقالت مواطنة لـ"الاقتصاد"، أنه بسبب تنقلها اليومي إلى عملها، فهي مضطرة للذهاب بسيارة النقل العمومي، وأكدت أن رفع التعرفة سيؤثر على راتبها، وطالبت بإعادة النظر بالأجور لكي تتماشى مع متطلبات الحياة اليومية.

الإمتعاض ذاته عبّرت عنه طالبة جامعية لـ"الاقتصاد"، وقالت إنه لا غنى عن السيارة العمومية أو الفان للتنقل في بيروت، موضحةً أنه في الوقت عينه يشكل عبئاً عليها، لأنها وفق التعرفة الجديدة باتت تدفع ما مجموعه 10 آلاف ليرة كلفة مواصلات للذهاب والعودة إلى الجامعة يومياً.

موظفة​ أخرى، قالت إن "زيادة التعرفة أثّرت على مصروفها اليومي، لأنها ستنفق نحو الـ11 ألف ليرة يومياً، وبذلك سيذهب قسم كبير من راتبها على المواصلات، لكنها أكدت على أحقية أصحاب الفانات و​السيارات العمومية​ بالزيادة، لأنهم كباقي الشعب تأثروا بإنخفاض القدرة الشرائية وإرتفاع الأسعار. وقالت: "معظم السائقين يعانون حالياً من تراجع نسبة الركاب، نظراً لمخاوف إنتشار فيروس "كورونا"، وعدة أسباب أخرى".

من جانب آخر، أوضح أحد المواطنين لـ"الاقتصاد"، أنه "من غير الطبيعي أن ترتفع أسعار السلع وقطع غيار السيارات، ونحن لا نزال ندفع الـ2000 ليرة، وبذلك للسائقين الحق في رفع التعرفة، لتأمين حاجاتهم اليومية". وأضاف: "عند إنخفاض ​سعر صرف الدولار​، وتتراجع أسعار السلع، هنا يمكن القول أنه لا يحق فرض تعرفة 3000 ليرة".

هذا من ناحية الركاب، أما السائقون فكانت لهم وجهة نظر موحدة نوعاً ما. فأحدهم أكد لـ"الاقتصاد"، أن التعرفة الجديدة ولو وصلت إلى 5000 ليرة، لن تغطي إحتياجاتهم، فثمن قطع غيار السيارات مرتفع، وتصرف وفقاً لسعر صرف السوق السوداء، فيما القدرة الشرائية إنخفضت، وعدد الركاب في تراجع.

إلى ذلك، أوضح سائق آخر، أنه يفضل عدم الذهاب إلى عمله، لأن تكلفة صيانة سيارته ستكون أعلى مما يجنيه شهرياً. وقال: "عملنا تراجع كثيراً منذ نهاية عام 2019، لعدة أسباب".

وبين من يوافق ويعارض على رفع التعرفة، يبقى المواطن والسائق، أسيرا السوق السوداء، التي تتحكم بحياتهم اليومية، وتؤثر على القدرة الشرائية، من دون تحرك المعنيين لتلبية الإحتياجات.