قال المحامي شربل عون المتخصص بملفات العمل، خلال برنامج "الاقتصاد في أسبوع" عبر إذاعة لبنان الذي تعدّه وتقدّمه ​كوثر حنبوري​، إن ​قانون العمل​ اللبناني لم يتطرق على الإطلاق بكافة نصوصه عن كيفية معالجة مسألة ​الأجور​ في أمور مشابهة للفترة التي يمّر بها لبنان والعالم.

وأضاف، أن الأجر لا يُستحق إلا لقاء عمل قام به الأجير، وهذا الأمر يمكن استنتاجه من نص المادة 624 من قانون الموجبات والعقود.

وأشار إلى أن بعض اجتهادات المحاكم أخذت بعامل القوة القاهرة في بعض الحالات التي لا يحق عندها للأجير المطالبة بأجوره طوال فترة انقطاعه عن العمل، مثل توقف الأجير عن العمل بسبب الظروف الأمنية التي أدت إلى غيابه القسري عن العمل ولسبب لا يتعلق ب​رب العمل​، ومنها على سبيل المثال اجتهادات ​محكمة​ التمييز الناظرة في قضايا العمل، التي اعتبرت بأنه لا يحق للأجير المطالبة بأجوره خلال شهر تموز 2006 أثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان، وذلك لتوقف الأجير عن العمل لأسباب لا تتعلق بإرادة رب العمل.

ورأى عون، أنه يجب على الحكومة أن تتحرك في هذا المجال، كما فعلت بعض دول أجنبية، كفرنسا التي لجأت إلى دفع جزء من الأجور لرب العمل خلال حالات الإقفال، فيما اعتمدت دول أخرى إعتبار الأعطال إجازات غير مدفوعة، لا يحصل فيها العامل على أي أجر، بينما يستمر عقد العمل ولا يحق لرب العمل صرف الموظف في هذه الحالة.

وأكد المحامي المتخصص بملفات العمل، أنه يجب إصدار التشريعات اللازمة في هذا الخصوص، إما من خلال دفع بعض الأجور بعد التشاور مع أصحاب القطاعات وأرباب العمل، أو إرسال الأجراء إلى إجازات غير مدفوعة، وقال إن هذه التشريعات تمنع وجود دعاوى في المحاكم بين الأجير ورب العمل في قضية الأعطال والأجور.

وحول تعميم ​مصرف لبنان​ بإعطاء ​قروض​ لأرباب العمل بصفر فائدة وتقسيطه على 5 سنوات لتسديد أجور العمال، قال عون إن هذا التعميم جيد ولكنه لا يلزم رب العمل على تسديد الأجور، ورأى أن هذا التعميم كان يجب أن يُربط باقتراح مشروع القانون الذي تحضره ​وزارة العمل​ حالياً.

وأشار عون، إلى أنه في فترة الحرب اللبنانية بين عامي 1975 و 1977، لم يستطع الكثير من الأجراء الذهاب إلى أعمالهم بسبب المعارك في حينها، ولكن صدر فيما بعد مرسوم اشتراعي، لحظ إمكانية تسديد جزء من الأجر من قبل رب العمل في الفترات التي لم يستطع فيها الأجير الوصول إلى عمله، وأُعطي رب العمل حوافز لتسديد الأجور، وشهدت هذه الخطوة توازناً بين رب العمل والأجير.

وأكد، أنه يمكن أن تشمل الإجراءات اليوم الطلب من رب العمل تسديد جزء من أجور العاملين، مقابل إعطاء إيجابيات وحوافز عبر قروض وحسم جزء من الإجازات السنوية للأجراء وتشغيلهم ساعات عمل إضافية في فترات لاحقة دون تسديد أي أجر زائد، كما يمكن للدولة تسديد اشتراكات "الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي".

وحول سؤال من حنبوري حول ضرورة تعديل قانون العمل، قال عون، إن "الأزمة التي نعيشها في لبنان سببها أن قانون العمل يحتوي عدة نواقص، فيما ننتظر حصول المشكلة للذهاب نحو تعديل القانون وهذا غير صحيح".

وأشار عون إلى أن قانون العمل اللبناني لا يلحظ ظروفاً استنثائيةً من ناحية الأجر، بحيث لا يستطيع رب العمل تسديد جزء من الأجور أو تخفيض الأجر أو تعديل الدّوام، وهو ما يتذرع به أرباب العمل ويقومون بالصرف مباشرة مع عدم قدرتهم على تعديل الدوام أو الأجور وفقاً لقانون العمل، بينما القوانين الأجنبية تلحظ إمكانية رب العمل تخفيض الرواتب ولكن بإشراف السلطات المعنية ووزارة العمل.

وبخصوص تسديد الأجور بالعملة الأجنبية، قال عون إن قانون العمل يلحظ تسديد الأجور بالعملة الوطنية، وفيما بعد أعطى القانون رب العمل بتسديد الأجور بالعملة الأجنبية بعد تدني العملة الوطنية وباتت المحاكم ترى أن تسديد الأجور بالعملة الأجنبية عملية قانونية، واليوم وفي ظل الوضع المستجد ووجود أكثر من سعر صرف، يجب إعطاء حلول من قبل وزارة العمل والقانون لتفادي المشاكل.

وأضاف: "على وزارة العمل أن تصدر مذكرة لأرباب العمل بأحكام العمل للتقيد بتسديد الأجور بالعملة الأجنبية أو العملة المحليّة وفقاً لأحكام العقود، على أن يصار إلى تغيير أي بنود تحت إشراف وزارة العمل، بحيث تستطيع الوزارة بذلك، منع التعسف من خلال هذه الخطوة".

وأكد المحامي الدكتور شربل عون ، أنه يجب تنظيم هذه العملية، عبر إصدار قانون سريع لتنظيم العلاقة بين أرباب العمل والأجراء في فترة الاقفال القسري، وهو ما سيخفف من الدعاوى والشكاوى فيما يختص بالأجور خلال فترة الإغلاق.

وحول سؤال عن دور "المؤسسة اللبنانية للإستخدام"، قال عون إن هذه المؤسسة موجودة منذ عام 1977، ولكن دورها ليس فعالاً.

وأشار عون إلى أن المؤسسة المذكورة، يجب أن تلعب دورها التوجيهي للشعب اللبناني، ومهمتها في إيجاد فرص العمل وتقريب وجهات النّظر بين أرباب العمل والأجراء، وقال: "لو كان دور هذه المؤسسة فعالاً اليوم لكان جزءاً من مشكلة الأجور في فترة التعبئة العامة غير موجود وقد حُلّ".

وختم عون بالقول، إنه "يجب على الشعب اللبناني المطالبة اليوم بوزارة عمل فعّالة وقويّة، لأنه تفتقد للإمكانيات اليوم، وجزء من الظرف الصعب الذي نعيشه اليوم سببه عدم فعالية وزارة العمل".