قال الخبير الإقتصادي د. ​شربل قرداحي​، لبرنامج "الإقتصاد في أسبوع" عبر "إذاعة لبنان" الذي تعده وتقدمه ​كوثر حنبوري​، إن ودائع اللبنانيين في ​المصارف​ لم تتبخر، فمنها ما هو موظف في الاقتصاد، وأخرى في ​الديون​، وجزء خارج لبنان والجزء الرابع والأهم والأكبر هو المودع في البنك المركزي.

وعن تحذير وكالة "​بلومبرغ​" الأميركية من ارتفاع الدّين العام في لبنان، بأكثر من 160 % بالنسبة لمجمل ​الناتج المحلي​ الإجمالي، أوضح قرداحي، أنه قبل 17 تشرين الأول، كان معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي عن مستوى 0 %.

وأشار إلى أنه منذ منتصف تشرين الأول، تلقى لبنان صدمات كبيرة، وبدأ الناتج المحلي الإجمالي بالتراجع في مقابل زيادة ​الدين العام​، ورأى أنه من الطبيعي أن يرتفع الدين العام ويتخطى نسبة الـ 180 % من الناتج المحلي الإجمالي للبنان.

وفيما يخص ​تهريب الأموال​ إلى الخارج ومحاولة مكافحة هذه الظاهرة، لفت قرداحي إلى أنه من قام بإخراج أمواله من لبنان، قام بذلك، ولا فائدة بعد لتقييد خروج الأموال، لأن أموال المودعين الكبار أصبحت خارج البلد.

وبحسب قرداحي، فإنه يجب الذهاب إلى ​مجلس النواب​ لتشريع قانون حول تنظيم خروج الأموال من لبنان.

وعن ما ينشر حول التهريب ​الدولار​ات إلى ​سوريا​، قال قرداحي إن هذه الأخبار ليست جديّة، حيث يوجد في لبنان 1.5 مليون سوري، وهؤلاء يعملون في كل القطاعات.

وأشار إلى أن الانهيار الإقتصادي في لبنان وشح الدولار، إنعكس على السوريين الموجودين، وساهمت قلة الدولارات في لبنان في تراجع ​التحويلات​ إلى سوريا، وهو ما ساهم في تهاوي ​الليرة السورية​ لأدنى مستوى في تاريخها.

وفيما يخص التحويلات من الخارج، ذكّر قرداحي فإنه كان يدخل إلى لبنان سنوياً 7 مليارات دولارت عبر التحويلات الخارجية، وقال إن هذا الرقم تراجع كثيراً بسبب التعقيدات وإجراءات القطاع المصرفي، ولكن أكثرية التحويلات باقية، وتوقع أن تنخفض هذه التحويلات إلى 3 مليار دولار في السنة.

وفيما يخص التّوجه لـ "​صندوق النقد الدولي​"، قال قرداحي إن الصندوق يعدُّ مؤسسة دولية تهدف لمساعدة الدول التي تعاني من العجز وعلى رأسه ​عجز ميزان المدفوعات​، ولبنان ضمن هذه الدول.

وأشار قرداحي، إلى أنه في حال قرر لبنان التوجه إلى هذا الخيار، فإنه عليه أن يطلب ذلك رسمياً عبر الحكومة ورئاسة الجمهورية.

ورأى أن خيار التّوجه إلى "صندوق النقد" يعدّ مفهوماً في لبنان، نظراً للإختلالات التي يعاني منها بلدنا.

ولفت إلى أن إستدانة لبنان من الصندوق، مرهونة بإجراءات حساسة وموجعة على المستوى الإجتماعي، ومنها مثلاً:

* رفع الضريبة على القيمة المضافة من 11 % إلى 20 %

* الإقتطاع من ​معاشات التقاعد​ من 40 % إلى 50 %.

* تخفيض سعر الصرف الرسمي للعملة ليعادل السعر الحقيقي والمقدر بـ 2500 ليرة للدولار.

* فرض ضريبة على ​المحروقات​، وغيرها من الإجراءات والشروط.

وأضاف: "التصحيح الذي يطلبه "صندوق النقد" دائماً ما يكون موجع وأتفهّم التوجّس من اللجوء اليه، لذلك إن كان لدينا خيارات ألطف كالإستعانة بالصندوق عبر مساعدة تقنية أي من دون أن يقدّم تمويل، سيكون أفضل برأيي الشخصي".

واعتبر قرداحي، أن تعامل لبنان مع "صندوق النقد"، سيشجع دولاً على مساعدة لبنان، مشيراً في الوقت نفسه الى أن "هذا موضوع جدّي ويحتاج لنقاش وطني، عبر حوار في مجلس النواب وعلى مستوى الحكومة".

وردًّا على سؤال حنبوري عن أموال "سيدر" ومصيرها، نفى قرداحي أن تكون تبخّرت وقال "هذه الأموال كانت مرتبطة بأجندات داخلية وخارجية سياسية، واذا كانت نية الدول الصديقة لازالت موجودة لمساعدة لبنان، فيمكننا الإستعانة ببعض هذه القروض ولكن بعد تغيّر طبيعتها الى مساعدات".

وعن تأجيل ملف ​النفط​، أوضح قرداحي أن الموضوع تقني وقال: "مجرد اكتشاف النفط، ولو أن تحقيق الإيرادات سيستغرق وقتاً طويلاً، لكن الموضوع سيشكّل رسالة قويّة".

وبخصوص طلب عدد من القطاعات الدعم من "​مصرف لبنان​"، قال أنه "منذ اندلاع الحرب في سوريا، بات يخرج من لبنان عملات أجنبية بنسبة أعلى ممّا يدخل. ومؤخراً، انخفض دخول ​العملات​ الصعبة بشكل إضافي. لذلك، نطالب بتشريع واضح يحدّد كيفية خروج ودخول العملات الأجنبية وذلك لأن الإستنسابية بين القطاعات والأشخاص والمودعين غير مقبولة".

وعن الحلول في المرحلة المقبلة، قال: "اليوم، المؤسسات الدستوية متوقّفة عن العمل، حيث منع المجلس النيابي من الإنعقاد وحكومة تصريف الأعمال لا تنعقد. لم يبقَ سوى رئاسة الجمهورية التي ليس لها أي أذرع تطبيقية. أرى أنه من الضروري بدء حل الأومة عبر تشكيل الحكومة".