تتراكم الأزمات المالية والاقتصادية والنقدية، وتكبر لتضغط على معيشة الغالبية السّاحقة من اللبنانيين، الذين عانوا في العام 2019، الكثير من الأزمات الكبرى، كل ذلك وسط ​ترف​ مفرط من المسؤولين في إضاعة الفرص المتاحة للإنقاذ، حيث عطّلت وتعطّل أهواء السياسيين وخلافاتهم ونزاعهم على السّلطة، تشكيل حكومة جديدة تلبّي مطالب ومصالح النّاس، التي نزلت إلى الطّرقات احتجاجاً، منذ شهر تشرين الأول الماضي.

وفي نظرة عامة إلى المشهد المحلي والإقليمي السياسي والأمني، لا يبدو العام 2020 واعداً، لاسيّما مع استمرار تعثّر ولادة الحكومة محليّاً، وتفاقم الوضع السياسي والأمني على المستوى الإقليمي، بعد عملية الاغتيال التي نفذتها الولايات المتّحدة في ​العراق​، وطالت مسؤولين إيرانيين وعراقيين كبار.

وبحسب متابعين، فإن ​الوضع المالي​ والنّقدي والاقتصادي في لبنان، بات عصيّاً على الحلول والمعالجات الآنيّة والمسكّنة، وأصبح بالتّالي بحاجة إلى مشاركة إقليمية ودولية فاعلة، ترفع لبنان من حفرة الإنهيار التي بلغ إليها، وتعيده مجدداً إلى شاطئ الإنقاذ. وحتى السّاعة، يبدو أن الاهتمام الدّولي، إيزاء لبنان بدء في الإنحسار، أولاً بسبب تخلّف لبنان عن تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الدّول الداعمة في مؤتمر "سيدر"، وثانياً بسبب تحوّل الإهتمام الدّولي إلى ​منطقة الخليج​، لمراقبة مستجدّات الصراع بين ​الولايات المتحدة​ وإيران على ضوء عملية ​مطار بغداد​، وما رافقها من تهديدات إيرانيّة ضد الولايات المتّحدة.

وفي الداخل، يترقب اللبنانيون، المسار الذي يسلكه ​القطاع المصرفي​ اللبناني، والتدابير المنتظر صدورها عن السّلطة النقدية، وعن الحكومة الجديدة الموعودة، للإطمئنان على مدّخراتهم، التي تمارس إدارات ​المصارف​ عليها سياسة متشددة، إن على مستوى السّحوبات، أو على مستوى التّحاويل، وذلك من دون أي تغطية قانونية رسمية. ويخشى البعض من تدابير جديدة قد تطال ودائع اللبنانيين، وصولاً إلى "قص الشعر" للودائع، لمنع إفلاس الدّولة.

أما فيما خصّ ​الوضع الاقتصادي​ العام، فإن عمليات إقفال المؤسسات وصرف الموظفين التي شهدها العام 2019، سيرجّح لها أن تستمر في 2020، على اعتبار أن أي تحرّك وعمل جدي ومنتج للحكومة الموعودة، سيتطلب وقتاً غير قصير، قد يمتدّ لسنوات عدّة. والجدير ذكره، أن العام 2019، كان قد شهد أكبر موجة إقفال للمؤسسات الخاصّة، من تجارية وسياحية وعقارية، كما شهد أكبر نسبة بطالة في تاريخ لبنان (40 %)، إضافة إلى اهتزاز الوضع النّقدي الممسوك منذ أكثر من ربع قرن، كذلك اهتزاز القطاع المصرفي، الذي كان يُعدُّ حتى الأمس القريب "درّة ​الاقتصاد اللبناني​ ومصدر ثقة للبنان".