يمكن لإنفاق الأموال، في الواقع، أن يزيد من سعادتك – وذلك إذا تم إنفاقه بطريقة تتلاءم مع شخصيتك.

فالعثور على 5 دولارات على الرصيف، قد يضع ابتسامة على وجهك، ولكن هل بإمكانه أن تشتري لك حقا السعادة؟

تقول الأبحاث، أنه يمكن أن يكون هناك بعض الحقيقة في القول القديم. حيث وجدت دراسة من جامعة ييل وجامعة كامبريدج، أنه من الممكن أن تحصل على بهجة مالية أكثر من ما كنا نعتقد؛ والأمر كله يتعلق بكيفية إنفاق مواردك!

اذ حلل الباحثون 76 ألف سجل للمعاملات المصرفية، وراجعوا ما أنفقه الناس أموالهم عليه – إما الأشياء المادية أو التجارب. ثم صنفت الدراسة رضا المشاركين عن مشترياتهم، بحسب شخصياتهم.

واستخدمت الدراسة نظرية "الخمسة الكبار" لتحديد شخصيات المشاركين (ولأولئك منكم الذين يتساءلون عن معنى هذه النظرية "الخمسة الكبار"، فهي تعتمد على خمس خصائص مميزة: الانفتاح على التجربة، الضمير الحي، الانبساط، الوفاق، والعصابية). ثم، قام الباحثون بتحليل ما إذا كانت عادات إنفاق المشاركين، تتوافق مع شخصياتهم.

وما اكتشفوه قد يفاجئك!

حيث وجدت الدراسة، أن إنفاق الأموال يمكن، في الواقع ، أن يزيد سعادتك – إذا تم إنفاقه بطريقة تتناسب مع شخصيتك. بمعنى آخر، ضع في اعتبارك "من أنت"، عند إجراء عملية شراء، وقد يحدث ذلك فرقًا كبيرًا.

فكيف يمكنك دمج هذه النتائج البحثية في حياتك؟ اليك هذه النصائح حول كيفية استخدام المال لشراء السعادة:

1- مقاومة الرغبة في التوافق والتطابق:

لا تدع الآخرين يضغطون عليك للإنفاق على شيء لن ينفعك حقًا. فإذا أراد أحد أفراد العائلة أن يقضي عطلة فاخرة في بلد معين، في حين أنك تفضل مكانا أقل تكلفة، فمن الأفضل أن تحدث مسبقًا!

حاول إيجاد حل وسط بين شخصياتك المختلفة، قبل أن يصبح الموقف غير سعيد.

2- العطاء هو إنفاق أيضا:

آبي ريد هي مؤلفة روائية، تشعر بسعادة كبيرة لدى شراء هدايا خاصة للآخرين. كما تستمتع بوجود أموال كافية لشراء الهدايا – خاصة إذا كان بإمكانها تغطية وجبة صديق في مطعم، أو شراء هذا المنتج المثالي لهم.

ومارا أوليفو، هي خبيرة في ​الموارد البشرية​، وقصتها مشابهة لريد؛ اذ اشترت لوالدها كرة بيسبول، قام بالتوقيع عليها لاعب خط الوسط السابق في فريق "يانكيز"، بيرني ويليامز، لأنها علمت أنه سيشعر بسعادة غامرة.

تظهر الأبحاث أن إنفاق الأموال على أشخاص آخرين، سيجعلك أكثر سعادة من ​الإنفاق​ على نفسك فقط. كما أن الإنفاق في شراء هدايا أو الخروج مع الأصدقاء والعائلة، يزيد السعادة لأنه يقوي العلاقة في ما بينكم.

3- إنفاق المال من أجل شراء الوقت:

هذه النقطة مخصصة للأشخاص المنشغلين في حياتهم، لدرجة لا يجدون الوقت المخصص للسعادة والاستمتاع. وانطلاقا من هذا الواقع، يعتبر الإنفاق في الأمور التي توفر هذا الوقت، اختيارا ذكيا يزيد من فرص تحقيق السعادة الشخصية؛ على سبيل المثال، يمكنك الشراء عبر موقع إلكتروني لتوفير وقت التسوق، أو إحضار عاملة تساعد في المهام المنزلية، أو عامل يصلح لك الصنبور الذي يسرب في البيت.

من الحكمة التخلي عن بعض المال، لتوفير وقت تقضيه في القيام بأمور أخرى، قد تساعدك على تحقيق بعض التوازن في حياتك.

4- الاستمتاع بجوهر الأمور:

يقع بعض الأشخاص في فخ؛ فلو ارتفع مدخولهم، يزيدون معه تطلعاتهم ومصاريفهم، لدرجة قد تفوق هذا الدخل حتى، وبالتالي، يشعرون طوال الوقت بالحاجة، مهما زادت ثروتهم.

ومن هنا، لا تشتري شيئا لمجرد أنه موجود عند غيرك، وتعتقد أنه سيحقق لك سعادة طويلة الأجل. استمتع بما لديك، ولا تشتر شيئا إلا لو كانت القيمة الحقيقية هي استخدامه، لا مجرد امتلاكه.

5- عدم هدر المال:

ليس من الضروري أن يجعلك المال أكثر سعادة، ولكن القلق بشأن ​الديون​ الزائدة وصعوبة دفع الفواتير، سيجعلك حزيناً للغاية، وإذا كنت تنفق مبالغ كبيرة على الهدايا والمشتريات، فسوف تشعر مع مرور الوقت بالعجز، لذلك عليك وضع ميزانية محكمة، وأن تتأكد من أنك لا تنفق مبالغ كبيرة على أشياء غير مفيدة، وأنك تنفقه على أشياء أخرى تجعلك أكثر سعادة، وتجعل من حولك أكثر سرورًا.

6- الدفع المسبق والانتظار:

من الجيد تأجيل الحصول على ما تريد، لا الحصول عليه فورا. أما السبب، فيتمثل في أن انتظار الشيء الجيد أو الحدث السعيد، يصبح بمثابة مصدر للمشاعر إيجابية في حد ذاته؛ مثل اللهفة والاشتياق والتفاؤل، لذلك، لا ينصح بالإشباع الفوري لو أردنا إطالة أمد السعادة.

فنمط الاستهلاك الحالي يتعارض مع كل هذا، حيث أن الإنسان يحصل على ما يريد من خلال ​بطاقات الائتمان​، ثم يسدد الثمن لاحقا، وهو منطق معكوس يقلل السعادة؛ فحين تسدد لاحقا مبلغا باهظا نظير شيء قد لا تذكره أصلا، ستشعر بالانزعاج، في حين أن الإنفاق مسبقا للحصول على شيء تعرفه، لن يجعلك تشعر بوطأة الإنفاق لأن سعادة الحصول على الشيء ستغطي عليها.

7- وقفة قبل الشراء:

أخيرًا، خذ لحظة للتفكير في شخصيتك قبل الشراء. وفكر في الخيارات الموجودة.

هل أنت الشخص الذي يحصل على الفرح من تجارب السفر أو من حساب التوفير الآمن؟

بمجرد إنشاء أنماط الإنفاق التي تتوافق مع شخصيتك وأهدافك، خذ وقتك للاستمتاع بتجاربك ومشترياتك.

فإذا كنت انطوائيًا، لا تشعر بالسوء عندما تنفق بضعة دولارات على بعض الكتب. واشتري كوب القهوة الفاخر الذي تتوق إليه، لكي تستمتع ببعض الوقت بمفردك، كل يوم، أو ادفع ثمن استئجار سيارة خاصة بك في رحلة عائلية.

إذا كنت منفتحا أكثر: اذهب إلى حفلة موسيقية، أو شارك في حفل خيري. أو حتى نظم رحلة إلى استوائية جميلة مع الأصدقاء.

الأهم من ذلك كله، خذ نفسًا عميقًا، وتذكر أن تستمتع بكل ما تنفق أموالك عليه!