"خيب" العام 2019 كل الآمال، التي كانت معقودة عليه إقتصادياً ومالياً، وسجل بالتالي الأداء الأسوأ منذ العام 2000.

بالإستناد إلى المؤشرات الإقتصادية والمالية التي سجلت خلال العام الحالي، يتبين أن كل المؤشرات من دون إستثناء كانت سلبية إلى حد بعيد، إذ طرحت وللمرة الأولى إشكالية كبرى حول مستقبل النموذج الإقتصادي والمالي، وحتى النقدي المعمول به منذ أكثر من 25 سنة.

الأهم والأخطر في العام 2019، تمثل بإهتزاز ​الوضع النقدي​ ونشوء أزمة سيولة بالدولار، وتدابير وإجراءات مصرفية غير مسبوقة منذ العام 1993، ساهمت في إحداث بلبلة في السوق خصوصاً مع إحتجاز ​المصارف​ ودائع الناس وإعتماد سياسة التقنين في السحوبات و​التحويلات​ على حد سواء. أضف إلى ذلك نشوء سوق ثانوية للتداول بالدولار، الذي إرتفعت أسعاره "المثبتة" منذ العام 93، ليلامس في هذه السوق عتبة الـ 2100 ليرة للدولار الواحد، بينما السعر الرسمي "النظري" بقي في المصارف 1517 ليرة للدولار الواحد.

وفي قراءة سريعة لنتائج العام 2019، إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً ومعيشياً، يمكن التأكيد على أن هذا العام كان العام الأسوأ على المستويات التي سبق ذكرها، منذ سنوات عديدة.

على المستوى الإقتصادي سجل للعام 2019، تراجع كبير في عمليات مؤسسات ​القطاع الخاص​، فتم إقفال مئات المؤسسات التجارية والسياحية، وإستتبع ذلك الإستغناء عن آلاف الموظفين والعمال والمستخدمين، حيث تشير المعلومات إلى فقدان نحو 150 ألف ​لبنان​ي لوظائفهم.

على الصعيد المالي، تراجعت إيرادات الخزينة بنسبة كبيرة لاسيما في الفصل الأخير من العام 2019 (نحو 3.5 مليار دولار)، ما تسبب في إلغاء أرقام موازنة هذا العام وإعادة درسها من جديد، ليتبين في المحصلة أن موازنة العام ستسجل عجزاً كبيراً يتراوح ما بين 6 و7% بالنسبة للناتج، في حين أنه كان يرتقب أن لا يتعدى ​عجز الموازنة​ 1.5%.

على الصعيد النقدي، شهد العام 2019، أزمة سيولة غير مسبوقة بالدولار وبالليرة اللبنانية، دفعت بالمصارف إلى إعتماد تدابير وإجراءات متشددة على مستوى تأمين ​السيولة​ للمودعين، وكذلك على مستوى التحويلات، إذ إعتمدت المصارف نظام "​كابيتال​ كونترول"، الذي تلجأ إليه الدول التي تواجه أزمات خطيرة، عنوانها الأساسي عجز هذه الدول عن سداد ديونها.

في المحصلة، العام 2019 كان عاماً مشؤوماً على اللبنانيين، لم يخفف من وطأة أحداثه غير السارة، إلا هذه الثورة الشعبية التي إنتفضت في تشرين الأول الماضي، بوجه السياسيين الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الأزمات الخطيرة، التي يعاني لبنان منها، وتنذر في حال عدم الجدية في معالجتها، بأزمات أكبر وأشد خطورة.