الثقة والإستقرار، عاملان ضروريان، ومطلوبان لإراحة الدورة الاقتصادية، وإنعاشها. وبعد تكليف ​حسان دياب​، يبقى الرهان على التأليف، والتعويل على قدرة الحكومة القادمة، على إخراج البلاد والمواطنين من الأزمة الاجتماعية والمعيشية، التي تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الإنتاجية في البلاد.

ووسط تراجع المؤشرات كافة، والقيودة المفروضة على الودائع، يتساءل الجميع حول وضع ​القطاع العقاري​، ومستقبله، خاصة مع تراجع الإقبال العربي والخليجي. فمنذ عام 2011، بدأ هذا القطاع بمواجهة الصعوبات والعوائق، نتيجة تراجع ​الوضع الاقتصادي​، محليا وإقليميا، أضف الى ذلك، تفاقم أزمة قروض ​الإسكان​ التي بدأت منذ حوالي سنتين، وأدت الى تجميد جزء كبير من القطاع، كما أثرت بشكل ملحوظ على حركة بيع ​العقارات​ في ​لبنان​، والإستثمار فيها.

فكيف يتلخص وضع القطاع خلال 2019؟ كيف تأثر ب​الحراك الشعبي​؟ وما مصيره في 2020؟...

أجاب على هذه الأسئلة، وغيرها، رئيس الإتحاد العقاري الدولي "FIABCI"، وليد موسى، في مقابلة خاصة مع موقع "الاقتصاد":

- كيف تقيم وضع القطاع العقاري خلال عام 2019؟

كان الوضع سيئا للغاية، في أول 10 أشهر من السنة، وهذه المرحلة، كانت تعتبر الأسوأ في التاريخ المعاصر للقطاع، من ناحية الطلب والمبيعات.

ولكن خلال الشهرين الأخيرين، تغيرت الأمور الى حد ما، نحو الأفضل؛على الأقل بالنسبة الى الطلب، الذي عاد الى الارتفاع يوما بعد يوم. وما زلنا، في الوقت الحاضر، نتلقى عددا كبيرا من الطلبات. فالناس يريدون إخراج أموالهم من ​المصارف​، خوفا من تعثر هذه المؤسسات، أو من أي إجراءات قد تتخذها، مثل الـ"haircut"، أو التحويل القصري للودائع من الدولار الى ​الليرة اللبنانية​.

وبالتالي يفضل عدد كبير من اللبنانيين، استثمار أموالهم في العقارات من أجل حمايتها. ومن يرغب في الشراء، يسعى حتما للحصول على أسعار مخفضة، كما أن الجهات التي تبيع اليوم، هي تلك التي عليها دفع ​الديون​ للمصارف.

ولا بد من الاشارة الى أن الطلب مرتفع للغاية، لكن العمليات العقارية قليلة، وليست على مستوى الطلب. وفي حال استمرت الأمور على ما هي عليه، سيتلاقى الطلب مع عمليات الشراء، في الشهرين المقبلين، وذلك بسبب إمكانية تدهور الأمور بشكل أكبر؛ فالناس سيهربون من مكان معين، ويلجأون الى مكان آخر.

- ما هو مصير القطاع في 2020؟

في الجزء الأول من العام الجديد، سوف يستمر الطلب على العقار، وسيواصل المودعون إخراج أموالهم من المصارف. كما ستتزايد العمليات العقارية، لأن الشاري والبائع سيصبحون أقرب الى بعضهما البعض.

ولكن لا نعلم الى متى سوف تدوم هذه الحالة، لأن العملية بأكملها، مرتبطة بالقطاع المصرفي، وبالتالي اذا استعاد هذا الأخير عافيته، وانطلق من جديد، فمن المؤكد أن عمليات الطلب العقاري ستتراجع، أما اذا بقي على حاله، فسوف تستمر هذه العمليات، وسترتفع أيضا.

لا يمكن توقع الأحداث للعام المقبل بكامله، فمن الممكن توقع ما سيحصل في أول شهرين، ولكن أحداث المرحلة اللاحقة، متعلقة بما سيحدث في ​القطاع المصرفي اللبناني​.

- كيف تأثرت ​أسعار العقارات​ منذ انطلاقة الحراك الشعبي في 17 تشرين، والى حد اليوم؟

حاول بعض المطورين، الاستفادة من الأحداث، من أجل رفع الأسعار، لكنهم لم ينجحوا بذلك. ومن هنا، ننصحهم - في حال أرادوا فعلا البيع - أن يخفضوا أسعارهم، لكي يتمكنوا من ملاقاة الطلب الموجود حاليا في السوق.

ولا بد من القول، أن كل عقار تم بيعه خلال الفترة الراهنة، كان سعره مخفض بشكل كبير؛ فقد شهدنا على انخفاض في الأسعار، من أعلى نسبة وصلت اليها، وتراوح هذا الانخفاض ما بين 25% و50%، حسب المناطق.

وتجدر الاشارة، الى أن المطورين يكملون في الوقت الحاضر، مشاريعهم قيد الإنشاء، ولكن بوتيرة أبطأ من ما كانت عليه. ولم نشهد على حالات توقف في عمليات البناء، خلال الشهرين الأخيرين. اذ يحاول المطورون، قدر الإمكان، مواصلة التزاماتهم، مع العلم أن الطلب الأكبر اليوم هو على الشقق الجاهزة والعقارات غير المبنية.

- هل ستشكل الحكومة المقبلة عامل ثقة لعودة المستثمر العربي والخليجي الى لبنان؟

الطلب الخارجي مهم للغاية، وكان من الممكن أن أجيب على هذا السؤال قبل تاريخ 17 تشرين الأول، ولكن اليوم أعتقد أنه يحرق المراحل.

فلكي نصل مجددا الى الاستثمار الأجنبي، نحن بحاجة الى بعض الوقت. وما يهمنا حاليا، هو كيفية العودة الى تأمين استقرار المصرفي، لتخطي الأزمة. فاذا نحن كلبنانيين، لم نحل مشاكلنا بأنفسنا 100%، ولم نضع خطة عمل متكاملة لإعادة بناء البلد، فلا أحد سيلتفت الينا، أو سيقصدنا.

ولا خوف على المرحلة المقبلة، في حال تحسنت أمورنا الداخلية؛ وأنا قادر، من خلال موقعي وعلاقاتي في القطاع العقاري وغيره، على تقديم المساعدة اللازمة. ولكن اذا لم نهتم ببناء الأساس المتين، فلن ينفع شيئا في المستقبل.

نحن بحاجة اليوم الى حكومة تنال رضى الشارع، حكومة قادرة على اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل وقف الهدر و​الفساد​، حكومة تنجح في استعادة ثقة ​المجتمع الدولي​، حكومة تؤمن شفافية للمواطنين،...

واذا نجحنا في تأمين كل هذه النقاط، داخليا، ستصبح الأمور الخارجية أسهل بكثير.