حركة البيع ! بعيد الميلاد "؟! " نحنا على عيد الأضحى ما كان ماشي حالنا ! بدك هلأ يمشي " هذا كان جواب أحد التجار في سوق معوض التجاري في بيروت حين سألناه عن حركة البيع في عيد الميلاد ضمن الجولة التي يستكملها فريق النشرة الإقتصادية على معظم الأسواق في لبنان بهدف استطلاع اصحاب المحال والزبائن عن اجواء التسوق في شهر الاعياد.

حركة السير كانت شبه طبيعية و الزبائن تتدفق بين الحين والأخر ، منها من يخرج بأكياس وبسمة العيد على وجهه ، والبعض الأخر ظل يبحث عن " السعر" الذي يناسبه أو " الذوق " الذي يرضي مزاجه ، و يشرح لنا التاجر نفسه بعد الخبرة الطويلة التي رافقت حياته في هذا المجال أن طبيعة الزبون اللبناني أصبحت تختلف جداً عن ما كانت عليه بالأمس ، قائلاً " طول عمرو الزبون اللبناني يتفزلك بس بالإخر يشتري و يفكر باللون وبالماركة بالأول، بس اليوم السؤال عن سعر القطعة هو قبل كل شيء "! و كي يؤكد لنا التاجر صدق كلامه ، طلب منا البقاء لمشاهدة ما قاله بـ "أم العين"، لنجد فعلاً أن معظم الزبائن التي دخلت للتبضع كان همها الأول والأخير "السعر".

و كشف لنا تاجر آخر أن حركة السوق لاتزال تسجل تراجعا ملحوظا في المبيعات مقارنة بالفترة نفسها من عام 2011 مرجعاً السبب إلى الاوضاع التي يمر بها لبنان والمنطقة والتي انعكست بشكل كبير على الاقتصاد اللبناني سواء على مستوى الزوار والسياح والمغتربين او حتى على مستوى المقيمين، مشيراً إلى أن الإمارات على سبيل المثال دعت رعاياها بالأمس إلى عدم السفر إلى لبنان، معتبراً أنه إذا بقى الحال على ما هو عليه فإن مصير محله و ذويه هو التسكير و " القعدة بالبيت ".

أما زبائن هذا السوق التجاري فقد تنوعت ارائها بين الإيجابي والسلبي والإستهزاء ، فقد أكد رجل خمسيني و عائلته التي تتألف من 4 أولاد أن الأوضاع الإقتصادية التي يمر بها لبنان لن تمنعه من شراء الملابس والثياب و الحلوى لأولاده من أجل اسعادهم في العيد الذي هو أبسط حقوقهم على حد تعبيره، رغم اشارته لنا أن وضعه المعيشي ليس إلا بالمعقول ، و قد أوضح لنا الرجل بأن الأسعار لم تعد تتوافق مع القدرة الشرائية للموظف في لبنان فـ 80% من الراتب تذهب " اجارات / مدارس / كهرباء / إشتراك / طعام " و الـ 20% الباقية تذهب مصروف للأود " هيدا إذا كفو".

كما و ردّ علينا أحد الزبائن خلال تبضعه باستهزاء السؤال بالسؤال " هلأ عنجد عم تسأل عن الاقتصاد بلبنان"؟ قائلا أن طلبات أولاده من الصعب أن تتناسب مع مرتبه الشهري، خصوصاً في الجو الذي يسوده نوع من الغلاء ليس على الثياب فحسب بل في معظم أمور العيش في لبنان ، قائلاً أنه سيشتري لأولاده ما يناسب قدرته الشرائية الضئيلة .

وفي نفس السياق ، اشارت السيدة ريما و هي صاحبة إحدى المؤسسات التجارية في السوق أن وضع الغلاء لا يقتصر فقط على الثياب فهناك حسابات أخرى لا يلتفت إليها الزبون فإيجار المحال فاقت حدود المعقول ، ناهيك عن رواتب الموظفين و كلفة البضاعة إضافةً إلى الأشياء البديهية من "كهرباء دولة" و"إشتراك موتير و مياه ...." التي لها حسابات "محرزة"، مع تأكيدها أنه من حق الناس و الزبائن قول ما تريد لأن الأوضاع فعلاً صارت " تخنق".

و أوضح لنا أحد التجار في هذا الموضوع أن "عيد الميلاد " هذا العام يمر بعد سلسلة من الهزات التي ضربت لبنان منذ نهاية شهر تموز التي بدأت بتوتر الأوضاع في طرابلس تأثراً في سورية مروراً بالحركة التي سادت صيدا لأول مرة من إقفال الطرق ، حتى التصعيد التي شهدته الضاحية الجنوبية من خلال بدء عمليات الخطف التي قام بها آل "المقداد" وصولاً إلى الإنفجار الذي هز الأشرفية والذي اغتيل على أثره اللواء وسام الحسن و الأحداث التي تبعتها بيروت بعد ذلك ، مذكراً أن هذه الأحداث التي جرت كانت قبل عيد الفطر السعيد و استمرت إلى ما بعد عيد الأضحى ، سائلاً أنه كيف من المعقول الإستفسار عن حركة البيع والبلد أمنياً " فارط "؟، و على أي قاعدة إقتصادية يستند لبنان بعد هروب كافة الرعايا العرب من لبنان ؟ و ما هي الخطوات التي قامت بها الحكومة حتى اليوم لتحريك البلد و لو بالقليل ؟ شو البلد " لعبت بازل سهل تركيبو؟

ان الوضع الاقتصادي في لبنان وصل الى حالة سيئة نتيجة الاوضاع المضطربة التي مرت عليه فضلا عن الديون الخارجية المتراكمة على الدولة والتي بلغت نحو 55 مليار دولار في نهاية الربع الاول من عام 2012 وسط تراجع كبير للاستثمارات وارتفاع نسبة البطالة فيه الى 34% حسب دراسة "البنك الدولي"، مع الإشارة إلى أن الأعياد التي مرت هذا العام في لبنان كانت ضمن محطات رئيسية أمنية و سياسية ، فهل سيتحول لبنان من " بلد الأعياد والحركة" إلى "بلد الكساد والهزات الإقتصادية " ؟ أم أن للمعنيين كلام آخر ؟