لم يزل "بلد الأعياد" يواجه صعوبة واضحة هذه السنة في التعامل مع الأعياد، فالأوضاع السياسيّة، والأمنية، والإقتصادية على وجه الخصوص لعبت دوراً مهمّاً أجبر بعض ال​لبنان​يين في كثير من المناطق على إهمال موسم الأعياد، مما زاد الوضع سوءاً، حتى صرنا نرى كلبنانيين "ظاهرة" لم تكن موجودة سابقاً.

المقصود أن الأعياد في لبنان تعجز عن تحريك الأسواق التي تواجه "شللاً" إقتصادياً في كثير من المناطق، مع أن التخفيضات غير المسبوقة ساهمت -بعض الشيء- في كسر حال الجمود، إلا أن وضع الأسواق التجارية في العاصمة اللبنانية عموماً لم يزل متدهوراً، أو كما أحب البعض أن يعبر "بالأرض".

فاليوم لم يعد بالإمكان الإعتماد على المواطن اللبناني الذي لم يعد باستطاعته تحمّل صعوبة الأوضاع، والذي يعاني -بنفس الوقت- من فقدان القدرة الشرائية، والتي يستدل عليها، حيثُ يأتي من خلال أعداد الزبائن الذين يدخلون المحلات دون أن يشتروا أي شي، كما لا يمكن الإعتماد على السياحة، لأن الوضع الأمني اللبناني –وبكل أسف- لا يبشر بخير.

وقد أبدى عدد من رؤساء "الجمعيات في الأسواق التجارية" تخوفهم من بقاء الأوضاع على حالها في الأسواق، محذرين من أن "خسارة هذا الموسم ستؤدي حتماً الى إقفال مئات المؤسسات".

في السابق، كان التاجر "ينق" من قلّة الزبائن، لكن اليوم أصبح "النق" ظاهرة إجتماعية، وقلّة الزبائن باتت واقعاً ملموساً، فـ "الأوضاع تعبانة، والزبائن تعبانة، والسياحة الله يرحمها" هذا ما عبّر به أبو أحمد الذي يملك محلاً تجارياً في العاصمة بيروت، بعد أن ألقى اللوم على عاتق الحكومة التي لا تقوم بأي عمل يساعد على تشجيع السياح، أو حتى يحثُّ المواطن على الشراء..

قد يكون دور الحكومة عاملاً أساسياً في تدهور الأوضاع الإقتصادية، لأنها المسؤولة عن إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه السوق اللبناني، اي الى علاجات طارئة تعيد له ثقة الناس، وتشجعهم على التسوق.

خصوصاً في هذا الموسم حيث يشكّل موسم "عيد الميلاد، ورأس السنّة الميلادية" نسبة 40% من إجمالي الأعمال التجارية لكثير من الأسواق اللبنانية على مدار السنة، وبهذا تكون التنزيلات عبارة عن تضحيات يقدمها التاجر  للزبون كي لا يضطر الى إقفال محله.

ورغم كل التضحيات والمحاولات، بقيت الأعياد عاجزة عن إعطاء "دفعة إيجابية" تنمّي أسواق العاصمة بشكل عام، فإذا ما دخلنا الى سوق "عفيف الطيبة" في منطقة "الكولا" التي يعيش فيها نسبة كبيرة من السكان، وجدنا الإحباط ظاهرة منتشرة بين تجاره.

وقد لجأ معظم أصحاب المحلات الى تنزيلات كبيرة، ظنّاً منهم أنها قد تؤثر إيجاباً على الزبائن، إلا أنها في الحقيقة "حالة غير صحية" أثرت سلباً على النمو الإقتصادي اللبناني، فقد وصلت التخفيضات في "الأشرفية" الى 70%، ما يعني أن التاجر بات مستغنياً عن ربحه..!! وما يريده هو بيع البضائع المتراكمة عنده.

دليل آخر واضح على تراجع حركة الأسواق هو إقفال العديد من المؤسسات والمحال التجارية، بعد أن انخفضت حركتها بنسبة تفوق الـ 40% مقارنة بنفس الفترة من عام 2011 الماضي. وقد شهدت هذه السنة إقفالات كثيرة لمحلات تجارية في العاصمة بيروت، خاصةً في شارع "الحمرا" التجاري. كما لوحظ أن معظم هذه المحلات التي أقفلت تعاني من غلاء الإيجارات الجديدة، وقلّة الزبائن "طبعاً".

حتى الآن الحركة ما تزال خجولة، وأقل بكثير مما هو مسجل لنفس الفترة من العام الماضي، وإذا ما مرّ موسم الأعياد الحالي دون أي تطور إيجابي في حركة الأسواق،  فمن المتوقع أن العديد من المحال والمؤسسات التجارية في طريقها الى الإقفال السريع.