هناك أربعة أنواع رئيسية للأنظمة الاقتصادية في العالم، ألا وهي: الكلاسيكي، الموجه، السوق، والمختلط. ولكل في هذه الاقتصادات ​نقاط ضعف​ وقوة ، والاقتصادات المتشعبة عنه واتجاهاته وبالطبع تاريخه المضطرب.

يرّكز الإقتصاد الناجح والمتقدم على النمو الأخلاقي والبيئي والاجتماعي، كما أنه يحافظ على تنمية وتطوير جوانب الحياة جميعها الخاصة بالفرد؛ فالاقتصاد الناجح لا يقتصر فقط على الانتاج والاستهلاك، بل يسعى إلى توفير ثقافة سلوكية صحية للمواطنين، وبالإضافة إلى ذلك فهو يركز على زيادة رفاهية المواطنين بشكل مستدام، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي للدولة.

كل هذه الاموريعجز عن تحقيقها صنّاع الاقتصاد في ​لبنان​ وراسموه . لابل ان ​الوضع الاقتصادي​ اصبح في الحضيض رغم ما تم انفاقه منذ التسعينات على قطاعات تعتبر فيه رافد اساسي ، تحرك النمو وتجذب ​الاستثمارات​ وتخلق فرص العمل مع تحسين المستوى المعيشي للافراد .

تم التركيز في المدة الاخيرة على ضرورة الانتقال في لبنان من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الانتاجي بعد ما اثبت فشل اعتماده على الاول .

السياسات الاقتصادية التي طبقت على مراحل بعد الحرب فاقمت العجز وحجّمت الاقتصاد، وادخلت البلاد في حقبة من ​الديون​ الكبيرة التي سترثها الاجيال القادمة.

كلفة الاستقرار النقدي وسط الخضات الامنية والضغوطات الاقليمية والصراعات الدولية كانت كبيرة . وبالتأكيد هناك خطوط حمراء حتى في المواجهة.

هل نحن في مرحلة اقتصادية جديدة بعدما شهدته السوق النقدية مؤخرا مع الطلب غير المسبوق على ​الدولار​ واختفاءه ؟

بدارو

يصف الاقتصادي روي بدارو المرحلة بالغموض . وبرأيه ان المرحلة التي فرضت معادلة معينة في الاقتصاد انتهت مع القرار الاخير رقم ٥٣٠ لمصرف لبنان الصادر في اول تشرين الاول الجاري والقاضي بالسماح للمصارف بفتح اعتمادات لاستيراد المشتقات النفطية أو ​القمح​ أو الأدوية مع تحديد آليّته .

وقال " للاقتصاد " النموذج الاقتصادي الذي بدأ في تشرين الثاني عام 1997 انتهى مع التعميم الاخير "للمركزي "لتسهيل شراء ​الادوية​ و​المحروقات​ والقمح .

والسؤال المطروح اليوم هل نحن جادون وقادرون على التكيّف مع هذا النموذج الجديد ؟

وهل هناك اتجاه جدي للسير به؟

اتصوّرانه سيكون هناك تدرجا لسعر صرف الليرة . لم يعد بالامكان الاستمرار بالسياسة الحالية ولا ايضا بتعويم حاد وسريع لسعر الصرف لانه يشكل خطرا على الصعيد الاقتصادي وعلى الصعيد الاجتماعي .

وقبل الدخول في اي نموذج اقتصادي جديد من المفترض تحديد رؤية لاي سياسة اقتصادية مستقبلية.

وما اعني به تدرج بطيء لسعر صرف الليرة crawling peg مرتبط بزيادة الانتاجية او بتراجعها.

فالانتاجية في الاقتصاد تترجم بقدرة الاقتصاد على التصدير . لكن هذا لا يتم بسحر ساحر وانما من خلال ترسيم سياسات عامة .

من المعلوم ان الاستيراد في لبنان يقدر ب 20 مليارات دولار سنويا . وعندما نؤكد على ضرورة تحفيز التصدير فانما لا نعني التصدير الصناعي، ولكن الزراعي والخدماتي الذي يشمل ​السياحة​ والصحة والتكنولوجيا التي هي الأسرع والأهم الخ.....

ومن اجل دعم هذه القطاعات القابلة للتصدير يجب تحسين اداء ​الكهرباء​ والانترنت على ان تكون اسعارها تنافسية .

واذا تمت سياسة تشارك هذه القطاعات وسلمت الى شركات ذات كفاءة واخلاقيات بعيدة عن المصالح السياسية لا بد وان نلمس النتائج المرجوة.

وبرأي بدارو ان التركيبة الحالية في السلطة لا تاتي بالنمو المطلوب. كل جهة تتربص للأخرى فيما اننا نبقى بعيدين كثيرا عن اي رؤية جامعة اقتصادية.

والاعتماد على الحوكمة يجب ان يأتي متناغما بين السياسات النقدية والمالية والبنيوية.

ويقول بدارو : لا أرى اننا نستطيع الاستمرار في الممارسات الحالية لاتفاق الطائف.

وأسأل هنا اين هي اليوم الرؤية الاقتصادية التي تخدم النمو والتنمية ؟ ما هي فلسفتها؟

فالمليارات التي ننتظرها من الخارج لن تحل المشكلة في لبنان . قد تؤجل تفاقم الامور لبعض أشهر ولكن ماذا بعد.

نحن نفتقد للاقتصاد الناضج ؛ ​السياسيون​ يفرحون بواقع العجز . هذا لأنهم يصرفون على الناخبين الحاليين على حساب الجيل الجديد الذي سيدفع الكلفة عاجلا ام اجلا لهذا العجز .

ويشير بدارو الى التفاوت القائم في الثروات في لبنان الى جانب التفاوت في تمرّكز الودائع .

فالنمو لم يعد يعتمد على الداخل بل على ما يأتي من تحويلات خارجية والتي هي بدورها في تراجع مستمر.

وهنا التفاوت بين عاملي النمو الخارجي والداخلي

Facteur de croissance exogène ou endogène

وفي الواقع ، اذا استمرالوضع على ما هو عليه بغياب المعالجات السليمة فان التمويل من الخارج سينقص، وفي المقابل سيزيد هروب الاموال من لبنان الى الخارج .

وبالتـأكيد، ستتفاقم المشكلة النقدية وسندخل في دوامة خطيرة.

اذا قطعنا عام 2020 بدون اي خضات يكون جيدا . ولكن هناك صعوبة لتمرير عام 2021.

من هنا ، ثمة ضرورة لتغيير بينيوي حقيقي وليس لاصلاح .

التغيير لم يعد مجرد شعار تتوالى الدعوات اليه ولكنه حالة طارئة انقاذية محكومة بضوابط الشفافية الشاملة والعدالة بعيدا عن المصالح الفردية والنزاعات السياسية المبنية على فرضية تقاسم الحصص .

ويبقى السؤال ماذا سيبقى للاقتصاد بعد الكلفة ​البا​ هظة في تسديد فواتير تثبيت سعر الصرف طالما انه مدولرفي الأساس ؟