خاص ــ الاقتصاد

كشف قرار قضائي، أصدرته قاضي التحقيق الأول في ​لبنان​ الشمالي سمرندا نصّار، عن عمليات تزوير ​بطاقات​ دبلوماسية، وبطاقات سفراء مزعوم تمثيلهم لمنظمات أميركية وأخرى تابعة للأمم المتحدة، وتنظيم مؤتمرات يتم عبرها بيع جوازات سفر عالمية بأسعار خيالية.

ويشكّل المدعى عليه "علي. خ" الرأس المدبّر لهذه العمليات، إذ اعتاد أن يعرّف عن نفسه بأنه الأمين العام لمنظمة أميركية غير حكومية (world service authority)، وهي منظمة لم تستحصل على ترخيص من وزارة الداخلية أو الخارجية أصولاً، وغير معترف بها في لبنان، وأن المدعى عليه يستعمل هذه الصفة لتنظيم المؤتمرات في لبنان، بالتعاون مع المدعى عليه "معن. أ"، وقد نظّم أحدها في فندق "كورال بيتش" في بيروت، وكان هدف تلك المؤتمرات توزيع لقب "سفير" على المشاركين، وإعطائهم بطاقات دبلوماسية يستعملونها، تحمل في بعض الأحيان شعار ​الأمم المتحدة​ خلافاً للأصول، ​علم​اً أن منظمة (world service authority)، ليست تابعة للأمم المتحدة.

لم تتوقّف نشاطات الأشخاص المدعى عليهم عند هذا الحدّ، بل عمدوا الى بيع المشاركين في هذه المؤتمرات جوازات سفر عالمية، وهي جوازات سفر عابرة للحدود، قد أنشئت في السابق وكان استعمالها رمزياً فقط، وقد توقف منذ سنوات تسمّى (world passport) ، كلّ ذلك لقاء مبالغ مالية تتراوح بين 5000 و10.000 دولار أميركي.

وخلال التحقيقات التي أجرتها القاضية سمرندا نصّار، تبيّن أن المدعى عليه "أحمد. ح" كان من بين الذين استحصلوا على هذه البطاقات، وقد أدلى في التحقيقات الاستنطاقية، أن من زوده بها، هما المدعى عليهما "علي. خ" و"معن. أ"، وأقنعاه أنها تابعة للأمم المتحدة، وأنه دفع مبلغ 600 دولار أميركي مقابل مشاركته في المؤتمر المنظّم في "كورال بيتش"، و900 دولار مقابل تكريمه، وألف دولار للفقراء، مشيراً الى أن "علي. خ" عرض على المشاركين في المؤتمر "​جواز سفر​ عالمي" لقاء مبلغ 3500 دولار أميركي، وهو جواز سفر فخري لا يمكن استعماله للسفر. كما تبين أن المدعى عليه "أنور. ش" يعرّف عن نفسه بأنه نائب الأمين العام للمنظمة الدولية للتنمية و​حقوق الانسان​، وهي غير تابعة للأمم المتحدة،

ولدى استجواب المدعى عليه "معن. أ" أدلى في التحقيقات الاستنطاقية، أنه "أمين عام منظمة حقوق الانسان الدولية"، وهي غير معترف بها في لبنان، لكنه لم يستعمل البطاقات خاصتها بانتظار الترخيص، الّا أنه اعترف بمشاركته في مؤتمر "كورال بيتش"، وهناك تعرف على المدعى عليهما "أحمد. ح" و"أنور. خ" وأكد أن المدعى عليه "علي. خ" هو من نظّم المؤتمر المذكور، وتبين أن المدعى عليه المتواري عن الأنظار "فهد. م" كان زود "أحمد. ح" ببطاقة سفير لمنظمة (world of hope)، حصل عليها من تركيا، على أساس أنه يمثل المنظمة في لبنان الذي لا يعترف بتلك المنظمة أيضاً.

بدوره، أفاد المدعى عليه "علي. خ" خلال استجوابه، أنه الأمين العام لمنظمة (world service authority) الأميركية، الّا أنه لم يزر ​الولايات المتحدة الأميركية​ ولا يملك جواز سفر أميركي ولا تأشيرة دخول للولايات المتحدة، وأقرّ بعدم وجود مقرّ لهذه المنظمة في لبنان، وأنه تعرف على مؤسسها في الدانمارك الذي عينه ممثلاً لها على الأراضي اللبنانية، كما اعترف أنها لا تحمل حتى الآن ترخيصاً في لبنان من قبل وزارة الخارجية، ولا تحوز على علم وخبر من وزارة الداخلية اللبنانية.

أكثر من ذلك، أقرّ المدعى عليه "علي. خ" أنه نظم مؤتمراً في فندق الكورال بيتش، وكانت تدفع مبالغ مالية للمشاركة فيه، ولم يكن يعلم أن المدعى عليه "معن. أ" كان يبيع بطاقات دبلوماسية عائدة لمنظمات دولية بمبالغ تتراوح بين 5000 و10.000 دولار أميركي، مؤكداً أن لا علاقة له بتعيين "أحمد. ح" سفيراً لمنظمة (world of hope)، إنما عينه "فهد. م"، وأن من عيّن "معن. أ" سفيراً لمجلس الوحدة العربية والتعاون الدولي هو "شاهد. ن. د" ممثل المنظمة في نصر، الّا أنه خلال التدقيق في الشهادات، تبين أن جميعها تحمل اسم المدعى عليه "علي. خ" أنه لا يعلم لماذا تحمل هذه البطاقات اسمه ولا يعلم سبب وجود شعرا الأمم المتحدة عليها.

القاضية نصّار اعتبرت في قرارها الظني الذي أصدرته في هذه القضية، أن أفعال المدعى عليهم "علي. خ"، "معن. أ"، "أنور. ش" و"فهد. م" ينطبق على مواد جنائية تنص على الأشغال الشاقة المؤقتة، وأحالتهم على ​محكمة​ الجنايات في الشمال لمحاكمتهم.

لكنّ الهيئة الاتهامية في الشمال برئاسة القاضي رضا رعد، فسخت قرار القاضية نصّار، واعتبرت في حيثيات القرار الاتهامي الذي أصدرته، أنه لم يثبت للهيئة أن أفعال المدعى عليهم خرجت عن الاطار المشار اليه، وأن تعيينهم كسفراء لبعض الجمعيات أو المنظمات لا يؤلف الجرائم المدعى بها، وأشارت إلى أن لقب السفير له مفهوم دبلوماسي، الّا أنه درجت العادة على استعمال هذا اللقب في أطر مختلفة، منها تمثيل المؤسسات الدولية أو الفن أو الرياضة أو الطفولة، أو غيرها، ويكون اللقب في هذه الحالة فخرياً ولا يولي صاحبه أي امتيازات، وخلصت الهيئة الى اتخاذ القرار بمنع المحاكمة عن جميع المدعى عليهم لعدم توافر العناصر الجرمية بحقهم، وإطلاق سراح الموقوفين منهم فوراً، واسترداد مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق أحدهم، وإعادة الملف الى النيابة العامة الاستئنافية لحفظه.