نشرت صحيفة "​الغارديان​" البريطانية تحقيقاً حول مواصلة إيران صادراتها إلى ال​نفط​ية إلى ​الصين​ على الرغم من فرض ​الولايات المتحدة​ عقوبات على ​طهران​ وتأكيد واشنطن في أكثر من مناسبة على نجاحها في تخفيض الصادرات الإيرانية من الخام.

ويقول الكاتب المتخصص بشؤون ​الشرق الأوسط​ "بيتر بومونت": في بداية حزيران الماضي، غرقت ​ناقلة نفط​ عملاقة مملوكة للصين فجأة في المحيط الهندي، ما يشير إلى أن نظام التتبُع قد تم وقف عمله.

وتضيف الصحيفة: لم تكن تلك أول سفينة تختفي من المراقبة، فقد أصبح إطفاء أجهزة الإرسال والإستقبال التي تولد تحدد مسار وهوية السفن من قبل المنظمة البحرية الدولية "IMO" مألوفًا بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة، للشركات التي تتبع ال​ناقلات​.

وتشير إلى أن إدارة ترامب كثفت جهودها لتعقب الناقلات المرتبطة بأكبر شركة نفط صينية تديرها الدولة، رداً على إشارات تفيد بأن السفن تساعد في نقل الخام الإيراني في تحدٍ للعقوبات الأميركية ضد طهران.

وسبق لسمير مدني، المؤسس المشارك في "TankerTrackers.com" أن صرح لصحيفة "​نيويورك تايمز​" في تموز ما يلي: "إنهم يخبئون نشاطهم". "لا يريدون بث حقيقة أنهم كانوا في إيران ، متهربين من ​العقوبات​. هذا ما يحصل بكل بساطة."

ويسلط التقرير الضوء على قضية "​الباسيفيك​ برافو"، والتي وصفتها الولايات المتحدة بأنها كانت خرقًا للعقوبات على إيران. وذلك بعد اختفاء الرقم التعريفي لتعقب جهاز التتبع، الذي عاود الظهور مرة أخرى بعد أكثر من شهر ملحق بسفينة مدرجة باسم مختلف، تم تغييره في محاولة على ما يبدو لإخفاء مسار الناقلة.

وتؤكد أنه تم استخادم ناقلات أخرى مملوكة للصين، والعديد منها مملوكة "لبنك ​كونلون​" وفقًا لتقارير وسائل الإعلام وأدلة من شركات التعقب، في أساليب مختلفة. فيما تم التقاط بعض ​صور​ عبر ​الأقمار الصناعية​ لناقلات تتفاوت مساراتها مع السفن الإيرانية.

ويضيف التقرير: تشير الأحداث التي تتكشف حول طرق ​التجارة البحرية​ إلى قصة أوسع نطاقًا، وهي التقارب المتزايد التعقيد بين أكثر اهتمامات إدارة ترامب إلحاحًا في السياسة الخارجية.

فبينما تسعى واشنطن إلى منع ​تصدير النفط​ الإيراني كجزء من حملة "الضغط القصوى" لإجبار طهران على التفاوض بشأن سياساتها النووية والأمنية، يبدو أن الصين التي تخوض حربها التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة تحيي شريان حياة إيران.

وإيران من جانبها شجعت الصين، وصرح النائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جاهانجيري، لمسؤول صيني زائر طهران مؤخراً، بأن "إيران تتوقع من ​بكين​ أن تكون أكثر نشاطًا في شراء ​النفط الإيراني​".

وقال "علي فايز"، المحلل الإيراني لدى مجموعة "Crisis Group": "أعتقد أن المسألتين تتقاربان لفترة من الوقت".

"السبب الرئيسي وراء امتثال الصين مبدئيًا لسياسة الولايات المتحدة وخفض واردات النفط من إيران بشكل كبير هو أنها كانت تأمل أن تكون ورقة تحمل بعض الإيجابية في المفاوضات التجارية.

ولكن وبمجرد أن وصلت تلك المحادثات إلى طريق مسدود، استدارت الصين واستأنفت ​استيراد​ها للنفط من إيران."

وتنقل "الغارديان" عن فايز وغيره من المحللين الذين يراقبون القضية عن كثب "إن رسائل الصين كانت واضحة: يمكن لبكين تطبيق أو ​مخالفة​ سياسة الضغط الأميركية المتبعة ضد إيران".

وتشير إلى أن هذا التغيير في سياسات الصين أدى إلى فرض عقوبات أميركية جديدة في تموز استهدفت المستورد الصيني للنفط الخام "تشوهاي تشن رونغ"، والذي يستحوذ على أكثر من 60% من تجارة الصين مع إيران، وذلك نتيجة "انتهاك القانون الأميركي واستيراد النفط الخام".

ويقول المحلل فايز: إن الوصول إلى النفط الإيراني ليس مجرد مسألة ضغط بالنسبة للصين، ولكنه يعكس هدفها الاستراتيجي طويل الأجل بعدم المشاركة في تحركات الولايات المتحدة والتي تخشى بكين أنه قد يؤدي إلى تغيير النظام في إيران.

ويؤكد فايز أن "الصين لديها حساب معقد فيما يتعلق بإيران. حيث أنها الدولة الوحيدة الغنية بالنفط التي لا تمتلك الولايات المتحدة موطئ قدم فيها."

ومن وجهة نظر احتياجات الصين من ​الطاقة​، فإن "إيران مهمة للغاية أيضاً".

ويعتقد "سنام فاكيل"، الباحث في "تشاتام هاوس"، أن هناك رغبة لدى كل من الصين وإيران في تجنب المواجهة العلنية حول هذه القضية، حيث أصبحت طهران "أكثر إبداعًا فيما يخص صادراتها النفطية".

وبالنسبة إلى "فاكيل"، فإن مشكلة الإدارة الأميركية تكمن في عدم إدارة ترامب على إدارة الأزمات المتداخلة التي غذاها، فلدى الولايات المتحدة الكثير من الأزمات المترابطة، ومن المستحيل على حكومة الولايات المتحدة تحقيق جميع أهدافها."

وتؤكد "الغارديان" أن مسألة ​الواردات​ الصينية من النفط الإيراني قد تحظى أيضًا بدعم من قبل العواصم الأوروبية التي ما زالت ملتزمة بالحفاظ على الإتفاق النووي الإيراني على الرغم من انسحاب واشنطن منه.