استضافت ​​كوثر حنبوري​​ معدة ومقدمة "​​​الإقتصاد في أسبوع​​​" عبر أثير "إذاعة ​​​​​​​​​لبنان​​​​​​​​​" في حلقة هذا الأسبوع​، كبير الإقتصاديين ومدير وحدة الدراسات في بنك "بيبلوس" د. ​​نسيب غبريل​​، الذي أشار الى أن "تقريرين صدرا هذا الاسبوع: الأول من "​موديز​" والثاني من "​فيتش​"، إلا أن تقرير "موديز" لقي الحيّز الأكبر من التغطية والضجة لأنه تقرير سنوي يصدر عن المالية العامة في لبنان، تماماً كما يحصل مع كافة البلدان الأخرى التي تصدر "موديز" تقرير عنها، أي لا علاقة له بإمكانية تخفيض التصنيف الإئتماني أو رفعه. العبارات والمحتوى في هذا التقرير هو المحتوى نفسه الذي تضمنه البيان الصحفي للوكالة الذي صدر في العام 2019 عند تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان، ولكن بتفاصيل أكثر...لذلك لا ضرورة لإعطائه أهمية أكبر ممّا يجب".

وأضاف غبريل: "حتى أن تخفيض موديز للتصنيف الإئتماني للبنان لم يكن مبرّراً ولا مقنعاً، بل إن السبب كان السباق التجاري بين وكالات التصنيف الثلاث الكبرى: "​ستاندرد آند بورز​"، "فيتش" و"موديز"، بعد الإنتقادات الحادة التي تعرّضت لها عقب ​الأزمة المالية العالمية​، والتي أفادت بأنهم لم يكونوا قادرين على تخفيض التصنيف الإئتماني لمنتجات أو مؤسسات مالية بعدما تبيّن أن هناك تراجع كبير في ​السيولة​ لديها".

وردًّا على سؤال حنبوري حول تأثير هذه التقارير، أوضح غبريل أن "التقرير الذي صدر عن وكالة "فيتش" لفت الى عدم الإقتناع بالتقديرات المتعلّقة بالإيرادات في ​الموازنة​، وأنا أوافقهم الرأي، كما تطرّقوا إلى أن زيادة الضرائب تؤدي الى المزيد من الجمود الإقتصادي و​التهرب الضريبي​. فحوى هذا التقرير أن الوكالة مستعدة لتحسين النظرة المستقبلية للتصنيف الإئتماني للبنان "السلبية" لـ"مستقرة" أو "إيجابية"، إذا رأوا أن هناك تحسّناً في تخفيض حاجات الدولة للإستدانة وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات، وبالتالي ارتفاع الثقة".

وعن إمكانية خفض العجز إلى 7.6% من ​الناتج المحلي​ كما تضمنت الموازنة، أكد غبريل أن "النسبة قابلة للتخفيض الى أقل من 7.6%، الإ أن الأمر يعتمد على الطرق، وهي بالتأكيد ليست الطرق نفسها التي أقرّتها الحكومة أو التي تتداولها لجنة المال والموازنة. أولاً: في الموازنة الحالية ليس هناك تخفيض للنفقات بشكل جدي بل تخفيض خجول مقارنةً مع نفقات بلغت في العام 2018، 17 مليار و800 مليون دولار، أي ما يوازي 32% من الناتج المحلي وهذا مستوى مرتفع جدّاً ، بينما يبلغ تخفيض النفقات 300 مليون دولار وهناك اعتماد على تخفيض إضافي للنفقات بـ700 مليون دولار عبر الإعتبار أن ​المصارف​ ستقوم بالإكتتاب في سندات خزينة بفائدة 1%...أما الخطوات الجدية فكانت تتطلّب تخفيض النفقات بملياري دولار على الأقل، وهو بالمناسبة هدف سهل جدًّا لكن ليس هناك إرادة سياسية"، مشيراً إلى أنه "من المعيب القول أن هذه الموازنة تقشّفية...كان يمكن تسميتها تقشفية لو كان الخفض 3 أو 4 مليارات".

وأضاف: "ثانياً، كان يمكن خفض العجز الى أقل من 7.6% عبر تجنّب أي ضرائب ورسوم جديدة وعبر تحسين الإيرادات بمليار دولار على الأقل من خلال مكافحة التهرّب الضريبي وتفعيل الجباية وضبط المعابر غير الشرعية لمكافحة التهرب الجمركي، حيث أكد وزير الدفاع ​الياس بو صعب​ أن 90% من التهريب يحصل عبر المعابر الشرعية، ومن خلال تطبيق القوانين بشكل كامل ومعالجة موضوع الأملاك البحرية والكسارات غير الشرعية".

وردًّا على سؤال حنبوري حول تراجع ​التسليفات​ بحوالي 4 مليارات دولار، قال غبريل: "نعم هي المرة الأولى التي تتراجع فيها التسليفات بهذا الحجم في ​القطاع المصرفي​ و​الإقتصاد اللبناني​ والسبب الرئيسي هو ارتفاع الأعباء التشغيلية على كاهل المؤسسات والشركات الحاصلة على ​قروض​ مصرفية، وجميعنا نعلم أن هذه الأعباء التشغيلية تتمثّل بالبنى التحتية المترهّلة وكلفتها على ​الشركات الصغيرة​ والمتوسطة والكبيرة، بدءاً من الكهرباء الى الإتصالات التي تحتل من حيث تكلفتها المرتفعة المرتبة الخامسة في العالم، الى سوء نوعية الطرقات، تكلفة المعاملات والوقت الطويل الذي يستغرقه إجراءها، والضبابية في الدوائر الرسمية، كلفة الفساد في ​القطاع العام​، ضبابية السياسات الإقتصادية والمالية...وهذا وفقاً لمسح أجراه المنتدى الإقتصادي العالمي حول الكلفة التشغيلية للشركات في لبنان، بالإضافة الى ارتفاع الفوائد"، موضحاً أنه "يجب ألا ننسى أن بين الأعوام 1996 و1999 كانت الفوائد على التسليفات أعلى بكثير مما هي الآن (25% على التسليفات بالليرة اللبنانية و15% على التسليفات بالدولار) ولكن نسبة النمو كانت 4%، لذلك لا يمكن أن نختبئ وراء موضوع الفوائد".