نقترب من نهاية الربع الثاني من العام 2019، وقد حقق مؤشر "S&P 500" ("ستاندرد أند بورز" 500)، ارتفاعًا بنسبة 3% تقريبًا للربع الثاني، و16% للنصف الأول.

لكن المكاسب ليست موزعة بالتساوي. اذ أن بعض الأسهم، التي تعد من الأكبر من حيث القيمة السوقية، تقود الطريق.

وقد أطلق البعض على ما يحصل تسمية "انتصار الفهرسة" (the triumph of indexing): اذ أصبحت بعض الشركات ذات حجم كبير للغاية، لدرجة أنها باتت تشكل السوق بشكل أساسي؛ فعندما تحقق هذه الشركات نتائج جيدة، تعمل الأسواق بشكل جيد أيضا.

ويمكن اكتشاف ذلك، من خلال توزيع العائدات. قد يرتفع مؤشر "S&P 500 " بنسبة 2.9%، في حين أن المؤشر المرجح الموازي لـ"S&P 500 " ارتفع بنسبة 1.8% فقط، ما يشير إلى أن أكبر الشركات ترفع المعدلات. بينما الـ" mid-caps"، أي الشركات ذات القيمة السوقية التي تتراوح ما بين 2 و10 مليار دولار، تكون "مسطحة"، ما يعني أنها تتداول بالسعر ذاته، ولا تحقق أي ربح أو خسارة، ومؤشر "S&P Small Cap " قد انخفض بنسبة 1.8%.

وخلال الربع الجاري من العام، ساهمت خمسة من أكبر الأسهم في السوق، بنسبة 30% من مكاسب "​ستاندرد آند بورز 500​"، وهي:

- "​مايكروسوفت​" 14.8%.

- "​فيسبوك​" 5.5%.

- "​أمازون​" 4.8%.

- "​ديزني​" 4.8%.

- "​آبل​" 4.0%.

فكر في هذا الأمر: خمس شركات من بين ما يقرب من 500 شركة، تساهم بأكثر من 30% من المكاسب.

هل هذا يعني أن كل شيء آخر قد انخفض؟ بالطبع لا! ففي الربع الثاني من 2019، شهدت 313 شركة من أصل 500، ارتفاعا، في حين أن 188 تراجعت. لكن بعض الشركات الكبرى، تكبدت بعض الخسائر الضخمة. على سبيل المثال، أسهمت كل من "Intel "، و"Alphabet "، و"Exxon Mobil " مجتمعة، بسحب مؤشر "S&P 500 " نزولا بنسبة 7.4%. وبالتالي، يمكن لهذه الاستراتيجية أن تعمل في الاتجاه المعاكس، كما يمكن لأكبر الشركات أن تؤدي الى تراجع مؤشر السوق المرجح أيضا.

ماذا يعني كل ذلك؟

أشار الخبير هوارد سيلفربلات، الذي يتابع اتجاهات الفهرسة لمؤشر "S&P Global"، الى أن العديد من الشركات الكبرى تستمر في النمو، وهذا أمر يثير الدهشة؛ فعندما تصل شركة معينة الى هذا الحجم الكبير، سيكون من الصعب أن تحقق المزيد من النمو".

لماذا يحدث هذا الأمر؟ لأن النمو هو أمر صعب المنال!

اذ أوضح المدير التنفيذي لأبحاث ​الأسواق العالمية​ في شركة "​فوتسي​ راسل" (FTSE Russell)، أليك يونغ، أنه في بيئة بطيئة النمو، يستمر الناس في دفع تكاليف النمو "العضوي" أينما تمكنوا من إيجاده. أما المكان الأفضل للعثور عليه في الآونة الأخيرة، فهو بين الشركات الكبرى الـ"big blue chips" - أي التي تعتبر بشكل عام استثمارات أكثر أمانًا نظرًا لقدرتها على جني الأرباح حتى خلال الأزمات الاقتصادية- لا سيما في قطاع التكنولوجيا من جهة، والقطاعات التقديرية للمستهلك (consumer discretionary sectors)، من جهة ثانية.

ومن هنا، سنقدم اليك طريقة بسيطة لكي تفهم كيف أصبحت أكبر الشركات تسيطر على السوق:

لنفترض أن أفضل 50 سهما من حيث القيمة السوقية في مؤشر "S&P 500"، ارتفعت جميعها بنسبة 1% على أساس ربع سنوي. ولنفترض أيضا أن جميع الأسهم الأخرى في المؤشر، أي الـ400 المتبقية، انخفضت بنسبة 1% خلال الفترة ذاتها. فهل سيتأثر مؤشر "S&P 500" صعودًا أو هبوطًا؟

يبدو بديهيًا أنه مع ارتفاع 50 سهما وانخفاض 450، فإن مؤشر "S&P" سينخفض، أليس كذلك؟ خطأ!

في هذه الحالة، سيكون "ستاندرد آند بورز 500" مسطحا، أي لا يحقق أي ربح أو خسارة. وهنا يظهر جليا مدى قوة الأسماء الكبرى وفعاليتها. وهذا هو المبلغ الذي يرغب العالم في دفعه مقابل النمو، وبأي ثمن!

ولا بد من الاشارة الى أن مؤشر "S&P 500" قد سجل سلسلة خسائر استمرت 4 أيام، يوم الأربعاء، وهو أطول انخفاض له منذ أوائل أيار، حيث استعد المستثمرون لعقد اجتماع رئيسي بين الرئيس ​دونالد ترامب​ و​الرئيس الصيني شي جين بينغ​ في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

وطغى ترقب المستثمرين لما ستسفر عنه لقاءات قمة مجموعة العشرين بعد أيام على الأسواق العالمية، لتتحرك البورصات في نطاقات محدودة بدافع التحوط.

وفتحت ​الأسهم الأميركية​ مرتفعة قليلاً الاثنين، مدفوعة بشركات التكنولوجيا، بينما علق المستثمرون آمالهم على اجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في وقت لاحق هذا الأسبوع، لخفض حدة التوترات التجارية.

وارتفع المؤشر "داو جونز" الصناعي 8.48 نقطة، بما يعادل 0.03% عند الفتح إلى 26727.61 نقطة، وزاد المؤشر "ستاندرد آند بورز500 " بمقدار 0.96 نقطة أو 0.03% إلى 2951.42 نقطة، وصعد المؤشر "​ناسداك​ المجمع" 8.87 نقطة أو 0.11% إلى 8040.58 نقطة.

إشارة الى أن مؤشرات الأسهم العالمية تمكنت من حصد مكاسب فصلية هي الأكبر منذ عام 2010 خلال الربع الأول من العام الحالي. وبلغت مكاسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، نسبة 13.1% في أكبر وتيرة ارتفاع منذ الربع الثالث من 2009 وأفضل أداء بالربع المنتهي في آذار منذ عام 1998.