كما في كل عام، يخصّص موقع "الإقتصاد" ​عيد العمال​ للإضاءة على أبرز التحديات التي يواجهها العامل في ​لبنان​. واليوم سيطلعنا المحامي بالإستئناف، والمستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية د. ​​شربل عون عون​، على أهمية تعديل قانوني العمل والضمان الإجتماعي بالإضافة الى بعض التفاصيل حول الدّعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي والمزاحمة الأجنبية التي يعاني منها العامل اللبناني والحلول المقترحة:

ما هي أبرز التحديات الّتي يواجهها ربّ العمل والأجير في هذه الأيّام؟

كما تعلمون قد تمّ مؤخّرًا تعديل قانون التجارة اللّبناني في عدة مواد أساسيّة، وسيبدأ العمل بها بعد تاريخ 1/7/2019؛ إنّ هذا التعديل سيكون له بالطبع أثرًا إيجابيًّا على سير عمل الشركات التجارية العاملة في لبنان ولقد حان الوقت لتعديل قانوني العمل والضمان الإجتماعي اللّذين يعتبران قديمين جدًّا وبحاجة إلى اعادة نظر وتوحيد في عدة موادّ قانونيّة. يجب اعادة النظر أيضا ببعض أحكام قانون الضريبة على الرواتب والأجور والمراسيم والمذكّرات الصادرة عن وزارة الماليّة بهذا الخصوص.

إنّ تعديل وتوحيد النّصوص القانونيّة المتعلّقة بقوانين العمل والضمان الإجتماعي والضريبة على الرواتب والأجور سيؤدّي إلى تقليص عدد الخلافات والمشاكل الّتي قد تطرأ على الأجراء و أرباب العمل، وربما حلّها بشكل افضل وأسرع امام المحاكم.

نذكر لكم على سبيل المثال بعض الموادّ القانونيّة الّتي يقتضي تعديلها:

إجازة الوفاة: إنّ قانون العمل لم يلحظ أي إجازة للإخوة والأخوات في حالة الوفاة كما ولم يلحظ الأقرباء ذوي الدّرجات البعيدة، وهذا الأمر يعتبر نقصًا كبيرًا يقتضي تعديله.

الإجازة السّنويّة: إنّ قانون العمل لحظ فقط خمسة عشرة يومًا كإجازة سنويّة دون إمكانيّة إزديادها بحسب سنين الخدمة، هذا الأمر أيضًا يقتضي تعديله لكي يتماشى مع المعاهدات الدّوليّة، علمًا بأنّ وزارة العمل تلزم ربّ العمل بإزدياد الإجازات السّنويّة حسب سنين الخدمة عندما يقوم هذا الاخير بتسجيل النظام الداخلي للاجراء لديها؛ ولكن ماذا سيحصل عندما لا يكون لربّ العمل اي نظام داخلي مسجّل لدى وزارة العمل؟ من هذا المنطلق يجب تعديل قانون العمل لكي يصبح أكثر وضوحًا للأجير وربّ العمل.

-اجازتي الزواج والابوة: إنّ قانون العمل لم يلحظ أيّ إجازة زواج أو إجازة أبويّة، وهذا النّقص تغطّيه في بعض الأحيان وزارة العمل.

-دوام العمل الجزئي: لم يلحظ قانون العمل أيّة أحكام تتعلّق بدوام العمل الجزئيّ، الأمر الذي من شأنه ان يخلق عددًا كبيرًا من المشاكل بين الأجير وربّ العمل فيما يتعلّق بكيفية تطبيق النصوص القانونية المتعلّقة بهذا الشأن.

-مهلة الشهر القانونيّة: إنّ مهلة تقديم دعوى الصرف التعسّفي هي شهر واحد من تاريخ الصرف أو من تاريخ علم الأجير به؛ وإنّ هذه المهلة هي مهلة إسقاط أي أنّه لا يمكن قطعها بأيّ إجراء قانوني أو إنذار أو شكوى أمام وزارة العمل. في كثير من الأحيان يقوم الأجير بتقديم شكوى أمام وزارة العمل دون أن يقوم بتقديم اية دعوى أمام مجلس العمل التحكيمي، وهنا يسقط حقّه بالمطالبة بحقوقه أمام محاكم العمل في حال لم تؤدي المفاوضات أمام وزارة العمل إلى أيّ حلّ إيجابي وفي حال لم يقم بتقديم دعوى امام محكمة العمل. من هنا يقتضي تعديل هذه المادّة وإعتبار الشكوى المقدّمة أمام وزارة العمل من شأنها أن تؤدّي إلى قطع مهلة الشهر القانونيّة.

-إشتراكات الضمان الإجتماعي والضريبة على الرواتب والأجور: ان عددا كبيرا من الاحكام التي ترعى هذه النصوص تؤدّي في العديد من الأوقات إلى خلق مشاكل وغموض بين العلاقة التى ترعى ربّ العمل والأجير. على سبيل المثال، هناك عدد كبيرا من ملحقات الأجر تعتبر خاضعة للضريبة على الرواتب والأجور، وغير خاضعة في نفس الوقت لإشتراكات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. هناك أمثلة أخرى لذلك ولا يمكننا الخوض في تفاصيلها، ولكن نؤكّد لكم بأنّ عددًا كبيرًا من مذكّرات الضمان الإجتماعي لا تتوافق مع مذكّرات ومراسيم وزارة الماليّة، علمّا بأنّه يقتضي توحيدها لكي تصبح أكثر وضوحًا للأجراء وأرباب العمل، وكذلك للمحاكم. هذا الأمر يتطلّب عملًا كبيرًا و لكن يجب البدء به.

لماذا الدّعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي تأخد وقتًا طويلًا؟

نصّت المادّة 80 من قانون العمل على انه يقتضي على مجلس العمل التحكيمي ان ينظر في القضايا المرفوعة اليه بالطرق المستعجلة، ولكن هذا الأمر لا يطبّق حاليًا في المحاكم نظرًا لكثرة عدد الشكاوى المرفوعة أمامها. إنّ المشكلة تتعلّق بكثرة الدّعاوى وبقلّة عدد القضاة، علمًا بأنّ الدّعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي هي معفاة من الرسوم وهذا امر يؤدي الى ارتفاع عددها.

ماذا عن الاجراء الاجانب الذين يزاحمون اللبنانيين؟ هل من حل برأيكم في هذا المجال؟

سبق وان تكلمنا مطولا عن هذا الامر وبالتأكيد لا يمكن القاء اللوم على وزارة العمل بهذا الخصوص. ان حل وضعية الاجراء السوريين في لبنان مرتبط بالحل السياسي وعودتهم الى وطنهم، ولم تحل هذه المشكلة الا بعد عودتهم. لا بد هنا لرب العمل اللبناني ان يعمد الى اخذ الحيطة والحذر عند توظيفه أجراء اجانب لانه يمكن لاي منهم ان يرتد عليه بدعوى امام مجلس العمل التحكيمي مطالبا بحقوقه وحتى دون ان يكون لديه اية اجازة عمل معطاة وفقا للاصول القانونية.