يظهر جليا في الاونة الاخيرة التحول الفعّال في العلاقات الاميركية ال​مصر​ية، والاهتمام المتبادل بين الطرفين الى ازالة التوتر والجمود التي مرت بها العلاقات بين البلدين خلال إدارة الرئيس السابق ​باراك أوباما​، مساع واضحة تظهر من خلال زيارات الرئيس ​السيسي​ الى ​واشنطن​ والتي كان اخرها الاسبوع الفائت ، والتي تأتي في ظل ما تشهده المنطقة من احداث وتطورات كثيرة ووضع متأزم ومنها وبلا شك القضية الفلسطينية والازمة الليبية والسورية واليمينية التي تلعب بها الادارة الاميركية دورا محوريا .

ولعل اهتمام ترامب بتوطيد العلاقات مع مصر تأتي لادراكه باهمية ​القاهرة​ ودورها في المنطقة، وخاصة في هذا الوقت التي تخطط فيه ​الولايات المتحدة​ للانسحاب من منطقة ​الشرق الأوسط​ فهي ستكون بأمس الحاجة للدور الإقليمي المصري النشط.

وتوصف العلاقات المصرية- الأميركية بـ"الوثيقة والاستراتيجية"، خاصة على المستوى العسكري، حيث تقدم واشنطن للقاهرة نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع ​إسرائيل​، عام 1979 وفي ميزانية العام المالي ٢٠١٩ خصص ​الكونغرس​ مساعدات أميركية لمصر تقدر بـ1.4 مليار دولار .

كما تأتي زيارة الرئيس السيسي بالتزامن مع تهديدات ، وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مصر في حال شرائها مقاتلات روسية من "طراز سو-35". وذلك بموجب "قانون التصدي لأعداء ​أميركا​ عبر ​العقوبات​" الذي وقع عليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 3 آب 2013.

وفي هذا الاطار وللتعرف اكثر على طبيعة العلاقات المصرية الاميركية واجواء زيارة الرئيس السيسي الى واشنطن وتوقيتها ومتسقبل العلاقة بين البلدين ، اجرى موقع "الاقتصاد" مقابلة مع الخبير الاقتصادي من مصر الاستاذ أحمد معطي .

بداية كيف تصف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وواشنطن ؟

ان العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وواشنطن تعيش في الفترة الحالية افضل مرحلة حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 34% ليصل إلى 7.5 مليار دولار عام 2018 مقارنة بـ 5.6 مليار دولار عام 2017.

وتعتبر ​الولايات المتحدة الاميركية​ ثالث اكبر مستثمر في مصر في 2017/2018 كما تعتبر القاهرة اكبر متلقي للاستثمارات الامريكية في ​افريقيا​ والثانية في ​الشرق الاوسط​.

وارتفعت كذلك ​الصادرات المصرية​ غير البترولية للسوق الأميركي بنسبة 14.8% لتصل إلى 1658 مليون دولار عام 2018، مقارنة بـ 1444 مليون دولار عام 2017.

وبلغ إجمالي رأس المال الأمريكي في مصر بالقطاعات غير النفطية 2.6 مليار دولار موزعة على 1268 شركة، في حين بلغت إجمالي الاتفاقيات الثنائية الموقعة في إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية 600 مليون دولار منذ عام 2014 وحتى الآن، وأخيراً جرى تخصيص 200 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال من خلال صندوق الأعمال المصري– الأميركي منذ عام 2014 وحتى الآن.

في اطار زيارة الرئيس السيسي الاخيرة الى واشنطن، ماذا تنتظر القاهرة اقتصاديا من هذه الزيارة ؟ ولماذا اتت بهذا التوقيت بالتحديد ؟

تأتي هذه الزيارة في توقيت دقيق حيث تشهد ​منطقة الشرق الاوسط​ مشاكل كثيرة اهمها القضية الفلسطينية وايضا مشكلة الحرب في سوريا والصراعات في ليبيا والارهاب في المنطقة العربية، وتأتي زيارة الرئيس بعد القمة العربية والتي تحمل في طياتها رسائل من رؤساء وملوك الدول العربية مع الرئيس السيسي الى ترامب.

وتنتظر القاهرة اقتصاديا زيادة ​التعاون الاقتصادي​ والتجاري مع الولايات المتحدة وزيادة الاستثمارات الامريكية ، وزيادة الصادرات المصرية خاصة الغير نفطية الى الولايات المتحدة.

كما كانت مشاركة الرئيس السيسي لمأدبة عشاء التي عقدها مجلس الاعمالي المصري- الاميركي اهمية كبيرة حيث حضرها ما يقرب من 100 شركة اميركية وممثلي الكونغرس وممثلي وزراء الخارجية والمالية والطاقة والتجارة الأميركية، بالإضافة إلى رئيس منظمة التمويل الدولية، ونائب رئيس الغرفة الأميركية، ورئيس مجلس الأعمال الأميركى – المصري وكما ابدت هذه الشركات ترحيبا شديدا بالاستثمار في مصر في الفترة المقبلة.

في ما يتعلق بشراء الاسلحة الروسية وتعبير واشنطن الواضح على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو ان هذا الملف من الممكن ان يعرض مصر لعقوبات في حال شرائها مقاتلات روسية من "طراز سو-35"، برأيك كيف ستعالج هذه القضية وما هي المطالب الاميركية من مصر ؟.

بالفعل صرح وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو ان بلاده ستطبق عقوبات ضد سلطات أي دولة بالتوافق مع قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة والذي يطلق عليه قانون كاتسا واشار الي مصر وقد طبقت بالفعل عقوبات على الصين لشرائها مقاتلات روسية من طراز "سو 35".

وقد صرح بومبيو ايضا ان تلقى من مصر تأكيدات بأنهم يفهمون الامر جيدا وصرح بانه يتمنى بعدم مضى مصر في هذه الصفقة، وبعد زيارة الرئيس السيسي للولايات المتحدة اشار دونالد ترامب انه توصل مع مصر الي اتفاقيات اقتصادية وعسكرية في مصلحة البلدين ولكن حتى اللحظة لا يوجد تأكيد بالفعل ان مصر انهت صفقة شراء المقاتلات الروسية ، وبرأيي الشخصي ان امر شراء المقاتلات الروسية هو في مصلحة مصر كوسيلة ضغط سياسية يمكن التفاوض بها لملصحة مصر على الطرفين روسيا والولايات المتحدة، حيث حتى اللحظة لم تقوم روسيا بفتح السياحة الروسية المباشرة الي مصر فيمكن التفاوض معهم كوسيلة ضغط لاستكمال الصفقة مرتبط برجوع السياحة، وايضا كوسيلة ضغط على الولايات المتحدة بانه لوقف شراء المقاتلات الروسية فيجب اخذ مكاسب اخرى بديلة سياسيا واقتصاديا.

- اتفاقية "الكويز" : اين اصبحت هذه الاتفاقية اليوم ؟وهل من المتوقع ان تتحسن الصادرات المصرية الى واشنطن وان يتراجع العجز التجاري ؟

وقعت اتفاقية الكويز بين مصر والولايات المتحدة في العام 2004 وتعرف باسم اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة، ونصت الاتفاقية على السماح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأميركية دون جمارك أو حصص محددة وهى تعطي ميزة تنافسية قوية للمنتجات المصرية في الاسواق الاميركية.

وهناك تحسن ملحوظ وقوي لصالح مصر بسبب هذه الاتفاقية فقد ارتفع عدد الشركات المصرية المسجلة ضمن اتفاقية "الكويز" إلى 1004 شركة بنهاية عام 2018.

وبلغت قيمة الصادرات المصرية، ضمن اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة “الكويز”، 878 مليون دولار خلال عام 2018، بنسبة زيادة 17% عن عام 2017 الذى بلغت قيمة صادراته 751 مليون دولار لذلك فهناك تحسن ملحوظ في صادرات مصر واغلب هذه الصادرات من المنسوجات وتعمل مصر خلال الفترة الحالية على ان تصدر منتجات جديدة ضمن اتفاقية "الكويز" واول هذه المنتجات هي المنتجات الجلدية التي تتميز بها، واتوقع بعد الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس السيسي للولايات المتحدة سنرى تحسن اكبر خلال الفترة القادمة في الصادرات المصرية الى واشنطن وتراجع عجز الميزان التجاري .