ماذا لو أن مستقبل التكنولوجيا سوف يجعلنا نشعر بأننا أقل وحدة؟ فقد رأينا العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام، واستمعنا إلى أصدقائنا يتحدثون بطريقة صاخبة، وشهدنا على طاولات العشاء مع العائلات التي يحدق خلالها كل شخص في شاشاته! ومن هنا، يبدو أن التكنولوجيا تجعلنا نشعر بالمزيد من الوحدة، أليس كذلك؟

ماذا عن ​كبار السن​ الذين يعانون بالفعل من الشعور بالوحدة والعزلة، التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى ​الاكتئاب​ والمرض؟ هل من الممكن أن تقدم لهم التكنولوجيا أي مساعدة؟

فعلى الرغم من أن التكنولوجيا قد تقودنا إلى "قلعتنا المعزولة"، إنما ليس بالضروري أن يكون ذلك مستقبلنا!

في الواقع، هناك شركة واحدة صممت روبوتًا خصيصًا لمحاربة الوحدة!

تعرف الى "ElliQ"، ​الروبوت​ المصمم بواسطة "Intuition Robotics"، ليكون بمثابة رفيق ومساعد مقرّب لكبار السن. فهذا الروبوت لا يشبه الابتكارات التقليدية مثل "Google Home" أو "Amazon Echo"، لأنه مصمم خصيصا لتقليل الشعور بالوحدة والعزلة بين كبار السن.

اذ تشير التقديرات في آخر تعداد سكاني في الولايات المتحدة، الى أن 28% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا وما فوق، يعيشون بمفردهم. وهناك دراسات علمية تؤكد على أن هذا الأمر قد يشكل معضلة أساسية. فكبار السن الذين يعانون من الشعور بالوحدة والعزلة يواجهون خطر التدهور العقلي والجسدي، بنسبة 59% أكثر من الأشخاص الذين لا يعانون من هذه المشكلة.

علاوة على ذلك، يمكن للوحدة أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف بأكثر من 60%.

ومن هنا، تم تصميم "ElliQ" مع الأخذ بعين الاعتبار التفاعل البشري، بهدف المشاركة والعمل كرفيق لمستخدميه. وبالاضافة الى ميزاته المتعددة مثل التذكير، والحقائق الممتعة، وتشغيل الموسيقى، يساعد "ElliQ" على تشجيع التفاعل السهل مع الأحباء، ومساعدة المستخدمين على إرسال واستقبال المكالمات، و​الرسائل​، ومقاطع الفيديو، و​الصور​، للبقاء على تواصل بسهولة.

وقد اتبعت "Intuition Robotics" طريقة مبتكرة لجعل "ElliQ" حقيقة واقعة. قبل إطلاق الروبوت بشكل رسمي، تعاونت الشركة مع كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 62 و97 عامًا، للاستماع الى ملاحظاتهم والحصول على نصائحهم؛ وهذا النهج يعدّ فريدا من نوعه.

وبدلاً من مجرد افتراض ما يمكن أن ينجح، عمل فريق ​التصميم​ بشكل مباشر مع السوق المستهدف، واتبع منهجًا قائمًا على "الاستماع والتعلم". وبالتالي، ما الذي توصلوا إليه؟ وهل من الممكن حقًا أن يكون للتكنولوجيا تأثيرا على حياة الناس بطريقة عميقة؟

والإجابة أنه بإمكان التكنولوجيا أن تكون هادفة الى التقارب، ولكن الأمر متروك لنا لاستخدامها وتصميمها بطريقة تجعلنا أقرب الى بعضنا البعض، بدلاً من تفريقنا!

و"ElliQ" مثال رائع لما هو ممكن وقابل للتحقيق، عندما نقوم بتصميم المنتجات بالتعاون مع المستخدمين النهائيين. فهذا النوع من التنوع في الأصوات، من شأنه أن ينتج ابتكارات تدفعنا إلى أماكن ووجهات جديدة.

فتقنيات المستقبل قد تشعرنا في مكان ما بالقلق، ولكن يجب أن لا نخاف من القادم. اذ سنشهد على ابتكارات كثيرة، من شأنها حل بعض المشاكل الإنسانية الأكثر إثارة للحيرة. كما أنه من خلال التصميم والاتصال مع العقل، وجعل الابتكارات في متناول الجميع، يمكننا دفع أنفسنا نحو اتجاه إيجابي.