ما بين وَهمِ إنشاء شركة تجارية، والطموح بتحقيق أرباح مالية طائلة، خسر رجل أعمال مبالغ مالية طائلة، حوّلها على دفعات لشركائه في ​قبرص​، قبل أن يكتشف أنه وقع ضحية عملية احتيال ​محكمة​ نسجها الشركاء المزعومين، الذين استولوا على الأموال واختفوا عن الأنظار.

تفاصيل هذه العملية، وردت في الشكوى المباشرة التي تقدّم بها المدعي "جورج. خ" أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، عرض فيها أن المدعى عليهم "جوزيف. ع" و"نصري. ل" و"ماري. أ"، هم من أصحاب السوابق في مجال الاحتيال وإساءة الأمانة، وأنه تعرّف على "جوزيف" من خلال صديق مشترك هو "غسان. ك" اللذين أسّسا شركة لتجارة النفط في قبرص تحمل إسم (LGI)، وأن "جوزيف" و"ماري" أوهماه بأنه إذا استثمر أمواله في الشركة المذكورة، فإن ذلك سيدرّ عليه المال الوفير.

بالفعل اقتنع رجل الأعمال بالفكرة وبدأ بإرسال حوالات مالية للشركة المذكورة، بناء على طلب الأشخاص المذكورين، فكانت الحوالة الأولى من مصرف بنك سوريا و​لبنان​ بقيمة 20.000 دولار، والثانية بقيمة 25.000 دولار من نفس المصرف، والثالثة بقيمة 30.000 دولار من المصرف عينه، وذلك خلال فترة لا تتعدى الأربعة أشهر، وأن المدعى عليه "جوزيف. ع" أقدم مع زوجته "ماري. أ" والمدعى عليه "نصري. ل" مالك شركة GMA على تحويل تلك المبالغ الى الشركة الأخيرة، واستولوا عليها ولم يعيدوها رغم الإنذارات التي وجّهت اليهم، كما أن المدعى عليهم تخلّفوا عن حضور جلسات التحقيق الاستنطاقي بالرغم من إبلاغهم أصولاً.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي وضع يده على الملف، اعتبر أن فعل المدعى عليهم المذكورين أقدموا على ايهام المدعي بمشروع تجاري يتعلّق بتجارة النفط، وعلى حمله على تسليمهم مبالغ مالية، والاستيلاء عليها حسبما جرى بيانه ما يشكّل جرم المادة 655 من قانون العقوبات، الذي ينصّ على عقوبة السجن ثلاث سنوات، وخلص الى الظّن به بهذه المادة، وأحالهم على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمتهم، وتدريكهم النفقات والمصاريف القانونية.

وفي قضية أخرى منع قاضي التحقيق في جبل لبنان نديم الناشف، المحاكمة عن المدعى عليه "بلال. ص" من جرم الإحتيال المنسوب اليه في الدعوى المقامة ضدّه من "رمزي. ع. خ" لعدم توفر العناصر الجرمية بحقه.

وذكرت وقائع القرار الذي أصدره القاضي الناشف، أن علاقة تجارية تأسست بين المدعى عليه "بلال"، وصديقه الإماراتي "خالد. س" في مجالات عدّة، ونتيجة الثقة المتبادلة بينهما، سدد الثاني أموالاً للأول ونظّم له تفويضاً باستلام سيارة خصوصية من نوع (BMW) فخمة جداً وحديثة الصنع موضوع الدعوى الراهنة، من المدعي "رمزي. ع. خ" فقام الأخير بتسليم "بلال" السيارة المذكورة بناء لطلب خالد.

وبالتحقيق الأولي مع بلال نفى ما نسب اليه لجهة جرم الاحتيال، وأفاد أن ثمة علاقة عمل تجمع "خالد. س" والمدعي "رمزي. ع. خ"، وأنه (أي بلال) قام بتسديد مبلغ 150.000 دولار أميركي المستحق للمدعو خالد بذمة المدعي، فضلاً عن قيمة ثلاث سيارات، لتشكل جميعها قيمة عقد الاتفاق الموقع بين رمزي وخالد، أما الوكالة المنظمة من الأخير الى وكيلته القانونية فهي لاحقة للتفويض المنظم له من هذا الأخير، وهذا ما يدفعه الى القول بأن هناك عملية نصب بين هذا الأخير ووكيلته من جهة، والمدعي من جهة أخرى.

وبالتحقيق الاستنطاقي مع المدعى عليه أنكر ما أسند اليه وأضاف أن خالد نظم له تفويضاً لاستلام الأموال من المدعي وذلك بعد أن كان قد سددها له، أما السيارة موضوع الدعوى فهي من ضمن عقد المخالصة بينه وبين رمزي. ع. خ، في حين أن براءة الذمة جاء تاريخاً بعيد جداً عن التاريخ الذي أصبحت فيها السيارة بملكه، فيما أفاد وكيل المدعي أن تسليم السيارة للمدعى عليه من قبل المدعي تمّ كضمانة المبلغ قدره 23000 دولار لصالح خالد، وأن المناورات الاحتيالية حصلت بعد استلام المدعى عليه للسيارة.

واعتبر القاضي الناشف في قراره أن المادة 655 من قانون العقوبات، تشترط في ركنها المادي أن يكون تسليم المال موضوع الادعاء، قد تمّ نتيجة مناورات احتيالية أن يشترط لتحقق شروط هذه المادة أن تكون المناورات الاحتيالية قد سبقت عملية تسليم المال موضوع الادعاء، وليست لاحقة له، ويتبين منة أوراق الملف أن المدعي قد سلّم السيارة لبلال بناء على كتاب، تعهّد فيه رمزي بتسليم بلال بصفته مكلفاً من خالد السيارة موضوع الدعوى وأوراقها وفكّ رهنها، ضمن مهلة ستين يوماً من تاريخ توقيع الاتفاقية وفي حال لم يقم بتسليم أوراق السيارة ضمن المهلة، فهو يتعهّد بدفع مبلغ 23000 دولار لبنك ​البحر المتوسط​ وفكّ الرهن وتسليم أوراق السيارة.

وتستفاد مما تقدّم أن تسلم بلال السيارة كان نتيجة كتاب تعهّد وإقرار منظم من المدعي مقابل مخالصة تمت معه مما يفيد أن تسليم السيارة لم يكن مناورات احتيالية ما ينفي تحقق شروط المادة 655 عقوبات، وخلص القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في جبل لبنان نديم الناشف الى منع المحاكمة عن بلال. ص من جرم الإحتيال لعدم توافر عناصره.