تعقد أركان ​الهيئات الاقتصادية​ ونقباء المهن الحرة و​هيئة التنسيق النقابية​ وأعضاء هيئة المكتب في الاتحاد العمالي العام، مؤتمر وطني اقتصادي تحت عنوان "إنقاذ ​لبنان​ من ​الوضع الاقتصادي​ الصعب عبر تأليف فوري للحكومة"، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها تجمع بين الهيئات والاتحاد تحت راية واحدة وهدف واحد.

فاستمرار التراجع والركود في عجلة الاقتصاد الوطني، والتأخير في تأليف الحكومة "المنتظرة"، وارتفاع نسب ​البطالة​ و​الفقر​، ونقص السيولة من جيب المواطن، وتدهور حالته المعيشية وقدرته الشرائية والاستهلاكية، وإمكانية زيادة الضرائب عليه، وغيرها من العوامل، أدّت الى توحيد "صرخة" العمال مع صرخة الصناعيين والزراعيين و​التجار، وجمعها في مؤتمر واحد.

للحديث أكثر عن أسباب انعقاد هذا المؤتمر والإجراءات التي سوف يتم اتخاذها، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران:

أخبرنا أكثر عن صرخة الهيئات الاقتصادية التي ستقام بالتعاون مع ​نقابات العمال​؟

تجتمع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة في لبنان للمرة الأولى على موضوع جامع، وهو الوضع الاقتصادي المتأزم كثيرا، في ظل لا مبالاة السياسيين لعنصر الوقت الضاغط والقاتل.

فشركاء الإنتاج في لبنان الذي يتألفون من ثلاثة أجسام، سوف يجتمعون معا مجددا؛ وذلك بعد أن اجتمعوا للمرة الوحيدة عندما كان رئيس الحكومة سعد الحريري في ​السعودية​.

فالوضع اليوم بات متأزما على الصعيد الاقتصادي الى أقصى الحدود، والأطراف كافة لم تعد قادرة أبدا على التحمل، وذلك في ظل عدم اهتمام السياسيين بالتحرك من أجل تقديم حلول فورية لتأليف حكومة، والقيام بإجراءات واضحة ومقنعة لمحاربة الفساد وتأمين الإصلاحات الهيكلية في القوانين والأنظمة والرقابة والمحسابة.

هل هذه الصرخة مختلفة عن الصرخات التي أطلقتها الهيئات في السابق؟

لم تكن الصرخات يوما مشتركة بين الجهات الثلاثة معا، كما لم تجتمع الأهداف في السابق كما هو الحال اليوم. فالأطراف التي سوف تشارك في الصرخة كانت تتناقض على الدوام مع بعضها البعض، لكن اليوم وصل الوجع عينه الى الجميع.

ماذا بعد هذه الصرخة؟ وما هي الإجراءات التي سوف يتم اتخاذها؟

هناك خطوات تصعيدية قد يتم تنفيذها بعد الصرخة، لكننا لم نصل بعد الى اتفاق نهائي حول هذه الخطوات.

ولا بد من الاشارة الى أن التحركات في الشارع قد لا تؤثر كثيرا بالمعنيين، ولهذا السبب من الممكن أن نشهد على تحركات أقوى من الأرض، تكمن في الاعتصام والعصيان والامتناع عن تسديد أي رسوم أو ضرائب. لكن الاتفاق النهائي ليس واضحا الى حد الآن.

فالوضع الاقتصادي اللبناني وصل الى مستويات خطيرة جدا، وبالتالي من الضروري القيام بإجراءات طارئة وسريعة من أجل مكافحة الفساد بشكل مقنع. فنحن لسنا مقتنعين أبدا بوجود نية لدى الطقم السياسي الموجود، من أجل مكافحة الفساد المستشري.

ومن هنا تجدر الاشارة الى أن الخطوة الأصغر والأسرع تكمن في تأليف الحكومة، ولكن يجب أن تتبع هذه الخطوة إصلاحات جذرية وهيكلية لاقتصادنا ونظامنا، وأن نشهد أيضا على القيام بإجراءات مقنعة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين.

ما رأيك بما تم الحديث عنه مؤخرا في ما يتعلق بفرض المزيد من الضرائب على المواطنين؟ الى أي مدى ستؤدي هذه الخطوة الى حصول المزيد من التأزم في الأسواق؟

لا يمكن فرض أي ضريبة على المواطنين لأن الوضع بالأساس صعب للغاية، ويبدو أن هناك العديد من المؤسسات التي تنتظر فقط انقضاء فترة عيد الميلاد ورأس السنة لكي تقفل أبوابها في ما بعد؛ وهذا الواقع مؤسف للغاية.

هل يمكن القول اذا أن العام الحالي 2018 جاء أسوأ من الأعوام الماضية؟ وهل من الممكن رفع مؤشرات العام الحالي مع الاقتراب من نهايته؟

عام 2018 هو من أسوأ الأعوام التي مرت على لبنان، وفي الواقع لا يمكن القيام بأي إجراء من أجل تحسين مؤشرات العام الحالي، لأن التراجع هو سيد الموقف.

ولكن يمكن أن نؤسس لنمو في الأعوام القادمة، لأن الوضع في لبنان ليس مستحيلا، ولكن النية غير موجودة الى حد اليوم.

وفي النهاية، لا بد من الاشارة الى أن الوضع الاقتصادي الحالي بإمكانه الصمود، لكن هذه الإمكانية تضعف كل يوم بشكل لا يمكن إصلاحه بعد ذلك.