"لم أكن أريد الحضور، جئت عن طريق الخطأ. نادتني ابنتي قبل رحيلي. فطلبت منها ان تحضّر لي صحن التبولة وتنتظرني. يا ليتني لم آتي الى (ندوة الاتحاد العمالي العام في الاقتصاد والاجتماع والمالية العامة) لكنت الان منهمكاً بصحن التبولة. ولست مضطراً لانتظار معالي الوزير الذي علق بزحمة سير خانقة!"

يتحدّث الحاج حسن امين سرّ احدى نقابات الاتحاد "بحسرة"-في هذه الندوة التي حضرها ​وزير العمل​ اللبناني ​سليم جريصاتي​ و​رئيس الاتحاد العمالي العام​ ​غسان غصن​ فضلا عن حوار شارك فيه نقيب خبراء المحاسبة أمين صالح والصحافي في جريدة "السفير" عدنان الحاج-عن التبولة مع زملائه في "قاعة الانتظار"، متسائلا عن الجدوى من سلسلة الندوات الاقتصادية المتتالية الذي يعقدها الاتحاد مؤخّراً في ظلّ هذه الاوضاع "التعيسة"؟!

وفي سؤال لـ"لنشرة الاقتصادية" موجّها الى المحاضرين أثناء الحوار المفتوح عن الاوضاع النقابية والعمالية والمالية "هناك شريحة من الفقراء التي تطالب بإقالة رئيس الاتحاد العمالي العام ، فما الضمانات لهذه الشريحة  اليوم بفعالية أهداف المناقشات وسلسلة الندوات المتتالية التي وعد بها الاتحاد مؤخّراً؟" وهنا كان الجواب من رئيس الاتحاد نفسه عند منتصف السؤال قبل إكماله بـ"شكراً" مع "رفعة يد" تعني أنّ الحوار قد انتهى!

أما وزير العمل الذي قال أنّه "وزير لييبرالي حرّ بامتياز وتنير خطوته المبادىء، بالرغم من بشاعة الانا" فاستغرب الحديث عن ضمانات للفقراء في ظلّ هذه الاوضاع مجيباً بـ"الصفنة"!

وهنا إذا دققنا في هذه المؤتمرات الاقتصادية التي تعقد بشكل مستمر بعيداً عن هذه الحوارات التي لم نعتد عليها و بحضور النشيد الوطني، وغياب التيار الكهربائي في معظم الاحيان، نرى أنّها لا تقنع الكثير من اللبنانيين او تشدهم لحضورها حتى، ولربما يخجل ضميرنا من التستّر على النائمين أثناء هذا الحوار، بالتزامن مع الجياعة خارج القاعة!

ويضيف جريصاتي خلال الندوة انّ "الوزير الذي يدخل الى الانتظام القانوني اللبناني معاهدة حرية التنظيم النقابي، العالقة في ادراج الحكومات منذ سنة 1948، والوزير الذي يرخّص لتاسيس النقابات والوزير الذي يطلق عمل اللجان دوريا، هذا الوزير بالذات يحقّ له ان يطلق الاوصاف، والاحكام والتحذيرات والحلول الاقتصادية دون ورع او غاية."

في نفس الاطار اكّد جريصاتي ان الحكومة تعي الادوار التي يقوم بها كل من طرفي الانتاج وتعترف بان الدولة كانت في حالة من شبه الغياب التراكمي في أداء واجبها لا سيما على مستويين وهما التنمية الاقتصادية المتوازنة، والحماية الاجتماعيّة، موضّحا انّ اصحاب العمل ومؤسسي الهيئات الاقتصادية قد بادروا الى لمّ الشمل الوطني الاقتصادي وذلك لان الحكومة بحاجة الى طرفي الانتاج كي تستقيم المعادلة السياسية في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والمالية.

واشار الى صعوبة الوضع المعيشي المتازم بفعل سياسات متراكمة واوضاع اقل ما يقال عنها انها تحدث زلزالا امنياً حيث تعاني قطاعات الانتاج على اختلافها من ازمة حادة بفعل الاسباب التي شرحت ما يتطلب تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتفادي الاضرار على جميع المستويات، لافتاً الى أنّ "هذا ما يحصل بموضوع زيادة غلاء المعيشة والاجور وتعديل سلسلة الرتب والرواتب في مختلف اسلاك القطاع العام والتعليم الخاص."

ورأى أنه تم وضع سقف لكلفة هذه السلسلة المباشرة وهو سقف يندرج تحت ما يسمّى "الممكن الوطني" فضلاً عن مقارنة الكلفة المباشرة مقاربة علمية تهدف الى درس الاثر الاقتصادي والمالي لهذه الكلفة وروافد تمويلها, بالترافق مع السعي الحثيث الذي قامت به الحكومة عند تأمين موارد الزيادات في القطاع العام حيث جانبت ما يثقل كاهل المواطن لا سيما اصحاب الدخل المحدود منهم، وذهبت مذهب فرض الغرامات غير المكسبة لاي حقّ على التجاوزات والمخالفات الحاصلة على الاملاك العامة او الضرائب على الارباح الناجمة عن المراهنات العقارية التي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني في شيئ، بل على العكس تزيد من ارقام العجز والمديونية العامّة.

من جهة أخرى أكّد غصن أنّ ما يطال الحكومة هي السياسات المالية لا سيما في معالجة الدين العام وكلفة خدمته إلى ما يجري من هدر مالي وفساد في مرافق الدولة ومرافئها وعن الحسابات المفقودة التي حثّت بوزير المال محمد الصفدي ليقول في أحد تصريحاته أنه لم يكن لدينا وزارة مال أساساً، وتسائل في هذا السياق عن معدّل رواتب النواب والوزراء في بلد مثل لبنان لا يتعدّى ثلاثين مرّة الحدّ الأدنى للأجور .

واعتبر  أنّ الاتحاد يؤمن بالحوار لكنه في الوقت عينه يؤمن بحقّه باستعمال كافة وسائل الضغط التي يكفلها الدستور من إضراب وتظاهر واعتصام وهو إلى جانب تنظيمه لهذه الندوة وسواها من الندوات اللاحقة فإنه يضع بالتوازي خطة تحرك واسعة على الصعيد الوطني لتحقيق المطالب العمالية.