• أمل عميد كلية ادارة الاعمال في الجامعة الأنطونية البروفسور جورج نعمة في حديث خاص للإقتصاد ان نجتازهذه المرحلة التي وصفها ب"الصعبة" خصوصا ان اقتصادنا يتأثر بكل المتغيرات الاقليمية لأننا نفتقد الى المناعة بالتالي نحن معرّضون مباشرة برأيه لتلقي تداعيات أي أمر أو أي خلل إقتصادي أو غير اقتصادي يصيب المنطقة -أمل ان نجتاز المرحلة  بأقل خسائر ممكنة وتتأمن الإستمرارية بانتظار ان تتبدل الظروف الإقليمية، والى ان يتمكن ​لبنان​ من الأستفادة من تصدير ​النفط​، اما الإصلاح الإقتصادي الجذري فهذا يتعلق بالسلطة السياسية، ولحد الآن لم يحدث أن تمكنا من إحداث خرق إيجابي بهذا الموضوع خاصة مع بقاء السلطة السياسية على حالها حتى بعد الأنتخابات النيابية الأخيرةلم يتبدل المشهد كثيرا.وبدأ الحوار مع الدكتور نعمة بالسؤال:

*معروف ان  الإقتصاد اللبناني  يتأثر بالتشنج الداخلي والمناكفات السياسية وعدم الإستقرار كما أيضا اقليميا بالأزمة السورية والمشاكل الدولية، لدينا اليوم برلمان منتخب وسيكون هناك حكومة جديدة وعمل جديد، والمستجد اليوم هو خروج ​الولايات المتحدة​ من الإتفاق النووي الإيراني فكيف يمكن للحكومة العتيدة العمل في ظل هذه الأجواء؟

-نعم صحيح  يتأثر الإقتصاد اللبناني مباشرة بكل المتغيرات الإقليمية إن كانت اقتصادية ومالية أو سياسية وأمنية، ونحن لا نملك المناعة لأن بعضا من هذه المناعة يأتي من امتلاك قدرة انتاجية وقدرة للتصدير،وهذا ما لا نملكه، فنحن معرّضون مباشرة لتلقي تداعيات أي أمر أو أي خلل إقتصادي أو غير اقتصادي يصيب المنطقة، وبالنسبة لما يحصل اليوم بين الولايات المتحدة وإيران وقرار الرئيس ترامب الإنسحاب من الإتفاق النووي، برأيي الأمر لا يزال ضبابيا، فهل هو انسحاب نهائي للولايات المتحدة ام انسحاب بهدف اعادة التموضع بمفاوضات على شروط تكون مرضية أكثر ، الأمر يختلف بالنسبة لكل حالة ليس فقط على لبنان بل على الشرق الأوسط وهذا الامر غير واضح اليوم.

هل أن الأوروبيين سيستمرون بهذا الإتفاق ايضا؟ تصريحاتهم السياسية تقول نعم ، لأن الإتفاق غير مبني فقط على العلاقة مع الولايات المتحدة، بالتصريحات السياسة هذه يحاول الأوروبيون امتصاص الصدمة لإراحة الأسواق والشركات خاصة وان الاستثمارات الكبرى هي لفرنسا والمانيا، ألولايات المتحدة  ليس لديها ما تخسره لأنها لم تقم علاقات تجارية، ولكن هل يمكن للشركات الأوروبية أن تستمر؟ الجواب سلبي، فاليوم هناك حظر على اي تعامل مع ​ايران​ ان كان نقدي، ام من ناحية الانتاج او استخدام خبرات وتكنولوجيا، والمثال الصغير على ذلك هو اذا ارادت اوروبا بحسب الاتفاق مع ايران تسليم عدد من طائرات "اير باص" والتي هي فرنسية- المانية بمحرك بريطاني، يستطيعون فعل ذلك نظريا اما عمليا فلا، لأن قطعة تقنية صغيرة اذا كانت مصنّعة في الولايات المتحدة فسيكون عليها حظر بمنع دخولها الى ايران.

"الموضوع كبير" وأنا باعتقادي ان الأوروبيين لن يستطيعوا السير بالاتفاق بمفردهم ، هناك عدة ظروف تمنعهم والنظام المصرفي والمالي الأميركي أقوى بكثير ويعرضّ اوروبا للخطر في حال فرضت عقوبات وقد حصل ذلك سابقا.

الأزمة غير واضحة حتى الآن ولا يزال هناك وقت لمعرفة الى اين ستتجه الامور: الانسحاب النهائي ام المفاوضات لتحسين الشروط.

ثانيا هذه الامور لها تأثيراتها على الساحة السورية وقد بدأت الأمور تتعقد أكثر بين ايران واسرائيل، فهل لبنان سيبقى ساحة منعزلة ولن يدخل بهذا الصراع ام سيكون هناك تداعيات، هذا الوضع قلق وخطير جدا ويمكن ان يؤثر سلبا على لبنان في حال تأزم هذا الموضوع، إنما الحكومة اللبنانية  في حال رأت النور باكرا، لأنه كما نعلم هناك الآن خلط أوراق، فالانتخابات أفرزت قوى واحجام مغايرة نوعا ما لما قبل، فهل هذا الكباش السياسي سيشكل حكومة تضع خطة اقتصادية ليس للاصلاح طبعا لأننا لا نتوقع ذلك، بل ان تضع في الحد الادنى مشاريع مجدية خاصة على ضوء مؤتمر "​سيدر​" فهناك مشاريع من المفترض ان نبدأ بها.

*هل أن  تشكيلا سريعا للحكومة والبدء بهذه المشاريع ما يمنح لبنان مؤشرات ايجابية ويسمح لنا ان نتقدم ام ان تداعيات المنطقة والانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي سيكون له تداعيات سياسية اكبر على لبنان ما قد يضر كثيرا بالبلد ويفوّت عليه فرصا كبيرة يؤمنها المجتمع الدولي اليوم له؟

اليوم الوضع لا يزال ضبابيا، علينا الانتظار لنرى اعادة التموضع هذه اي من الخيارات الاثنين التي ذكرتها ستتخذ.

*كيف سيتأثر لبنان بخروج الولايات المتحدة من الإتفاق النووي على الصعيد النفطي والشركات أيضا؟

  • بمجرد اعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق تأثرت الاسواق وبدأ ذلك بانخفاض النفط ثم عاد وارتفع، وبقدر ما يرتفع منسوب الخوف في المنطقة فستتأثر الاسواق اكثر، فقد تعافى النفط اليوم الى حدّ ما بعد ان كان سعره 150$ لينخفض إلى 26 و 27$، اليوم تعافى، ولكن لدينا متغيرات والانسحاب هو معطى جديد سيؤثر على النفط ولكن الى اي حد؟ هذا سيعتمد على الطريق الذي سيسلكه هذا الانسحاب، انما من المرجح ان يكون هناك متغيرات بالاسواق الاميركية وهذا سيؤثر على لبنان لان لبنان بلد مستهلك ونتأثر كوننا بلد غير منتج نفطيا لناحية كلفة الاستهلاك على المستوى الفردي، اليوم العامل اللبناني قسم كبير من دخله ينفق على استخدام الطاقة والنفط وبالتالي فان الفاتورة سترتفع وسترتفع ايضا الكلفة على الخزينة العامة لناحية عجز ​كهرباء لبنان​ لأن هذا الأمر مرض عضال لم نشفى منه بعد، سترتفع الكلفة طبعا اذا ارتفع السعر فقد رأينا مؤخرا ارتفاع سعر صفيحة البنزين وبالتالي ارتفاع الفاتورة.

  • *كان المطلوب من الدولة في "سيدر" خفض العجز بنسبة 5%، هل ستتمكن الحكومة الجديدة من القيام بذلك؟

  • ان موازنة 2018 بالاصل أعدّت متأخرة، ونحن نتكلم الآن عن موازنة 2019، وفي لبنان لا يمكن معرفة هذا الامر، لأن الاصلاح هو امر صعب، فالى حد اليوم ومع كل الوعود التي قدمت رأينا ان الحكومة اللبنانية فشلت في تقديم موازنة تلبي طموحات اللبنانيين بموضوع مكافحة ​الفساد​ او ارساء سياسات اقتصادية جديدة، دعم الأنتاج وغيره، اليوم هناك سلطة تنفيذية جديدة ستتشكل بعد تشكل السلطة التشريعية، الى اين ستسير بنا؟ انا لا اعتقد ان يحصل متغيرات كثيرة، ممكن ان يكون هناك بعض التحسينات ان تكون هناك ارادة للتحسين، ولكنني لا أرى ان هناك ظروفا لاحداث اصلاح جزري بكل ما للكلمة من معنى، الامر صعب لأن البلد لم يتغير من الناحية السياسية مع بقاء التجاذبات السياسية والأحزاب نفسها التي تمثل السلطة.

  • ما هي الأولويات التي يجب ان تطرح على طاولة مجلس الوزراء القادمة؟

  • الحد الادنى من التعاطي بشفافية مع الملفات المطروحة، الملف الأول هو انتاج الطاقة والتغذية الكهربائية وهذا الملف لا بد من حله، ثانيا هذه المشاريع التي حصلنا على تمويل ممتاز لها من خلال مؤتمر "سيدر" بفوائد ومدة زمنية ممتازة وهو إنجاز، ان نستفيد منها لكي ننجز هذه المشاريع من اجل خلق النمو وخفض البطالة وتحسين مؤشراتنا من الآن الى 5-6 سنوات حينها يمكننا ان نلمس نتائج ايجابية من الايرادات النفطية اذا استطعنا تصدير بعض من الاحتياطي الذي نملكه وقد بدأ العمل لكي يصبح لبنان فعلا وحقيقة بلدا نفطيا، هذا الأمل عند اللبنانيين ان نجتاز هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة وتأمين الإستمرارية بانتظار ان تتبدل الظروف الإقليمية، ولكي يستطيع ان يستفيد لبنان من تصدير النفط، اما الإصلاح الإقتصادي الجذري فهذا يتعلق بالسلطة السياسية، ولحد الآن لم يحدث أن تمكنا من إحداث خرق إيجابي بهذا الموضوع خاصة مع بقاء السلطة السياسية على حالها.