لم يكتب لمشروع استثماري تأسس بين شركاء، أن يبني علاقة تجارية طويلة الأمد، يوفر من خلالها أرباحاً تحاكي أحلام أصحابه التي تتعدى الملايين، لكنه أسس لنزاع عصفت رياحه بين الطرفين، واقتلعت معها صداقة طويلة إنتهت آخر حلقاتها في دعوى قضائية فصل فيها قاضي التحقيق في جبل لبنان، أبقت نار الأزمة تحت الرماد.

جذور القضية تعود الى أوائل العام 2013، لكنها بقيت طيّ الكتمان، الى أن تقدّم "عصام. ر" بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، أفاد فيها أن "سعيد. أ" وزوجته "ايملي. ن"، تمكنا بحكم الصداقة والعلاقة الوطيدة من اقناعه بالدخول معهما كشريك في شركتهما المسلجة لدى أمانة السجل التجاري في جبل لبنان، من ضمنها مطعماً في منطقة انطلياس، فقبل العرض واشترى ما نسبته 45 بالمئة من حصص الشركة، وسددّ مبلغاً قدره 94000 دولار، وقد أنيط حق التوقيع به وبالزوجين بالتضامن فقط.

لم يمض وقت طويل، حتى بدأت الشركة نشاطها التجاري باستثمار المطعم المذكور بحلّة جديدة، حتى اكتشف المدعي أنه سقط ضحية تحايل الزوجين، وفق ما أوردت الشكوى المباشرة التي تقدم بها أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان، اذ لاحظ توافد الزبائن الى المطعم من جهة، وعدم تقاضيه أية أرباح من الشركة من جهة أخرى، الأمر الذي أدى الى نشوء الخلافات بينهما، ما اضطر المدعي "عصام. ر" الى تعيين خبير محاسبة من قبله للوقوف على الحقيقة، الا أن الزوجين المدعى عليهما حالا أيضاً دون تمكن الخبير من الاطلاع على حقيقة الأمر، كما أنهما تمنعا عن تسليم الخبير أي مستندات، ومنعاه من الولوج الى الحسابات، فقام بالطلب من قاضي الأمور المستعجلة، تكليف خبير محاسبة للتدقيق بحسابات الشركة.

الخلاف تعدى الصراع على المطعم المذكور، إذ عمد المدعى عليهما الى تأجير مرآب للسيارات تعود ملكيته للشركة وقبضا مبلغ وقدره 15000 دولار أميركي، دون أن يدرجا الأموال المقبوضة في حسابات الشركة، وتم ابلاغ المدعي بارتجاع بعض الشيكات من الحسابب المشترك والتضامني مع الزوجين الشريكين، وبعد متابعة الموضوع تبين له أنهما أقدما على تزوير توقيعه على عدد من الشيكات، كما أنهما سلّما شيكات لا تحمل سوى توقيع "ايميلي" بالانفراد، وعلى ضوء ذلك تقدّم المدعي بشكوى جزائية بحق المدعى عليهما تسجلت لدى النيابة العامة في جبل لبنان، بنفس الجرائم المدعى بها في نفس الادعاء المباشر، لكن بعد اجراء التحقيق، إدعت سهواً بجرم اساءة الأمانة فقط، من دون الادعاء بالتزوير والاحتيال مما بسبب برد الدعوى.

كل ما ورد في مضمون الشكوى، نفتها "ايملي" خلال استجوابها أمام قاضي التحقيق، حيث نفت الجرم المسند اليها لجهة التزوير والاحتيال واساءة الأمانة، وأوضحت أن لا علاقة تربطها بالمدعي "عصام. ر"، سوى أنه شريك زوجها في مشروع المطعم المشار اليه. فيما أفاد الزوج "سعيد. أ" بأن العلاقة التي تربطه بالمدعي هي علاقة تجارية تتعلق بشراكة في المطعم بمنطقة انطلياس حيث اشترى المدعي 45 بالمئة من الأسهم بمبلغ 50.000 دولار أميركي، وبعد رغبة الأخير بالدخول في مشروع آخر قرر الخروج من الشراكة القائمة فأقدم على اعطائه مبلغ 25.000 دولار على أن تتم اجراءات المحاسبة، الا أن المدعي لم يرض بذلك وأخذ يتقدّم بدعاوى.

قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبد الله، اعتبر في قرار ظنّي أن معطيات الملف كشفت عن وجود علاقة تجارية ربطت المدعي بالمدعي عليهما، تتمثل باستثمار مطعم في انطلياس، ولم ينهض من مجمل هذه المعطيات الدليل الكافي على ارتكاب المدعى عليهما جرائم التزوير واستعمال المزور، والاستيلاء على أموال المدعي بالطرق الإحتيالية، وخلص الى منع المحاكمة عن الزوجين لعدم كفاية الدليل بحقهما.

خاص ــ الإقتصاد