ان شعور الاشخاص بالغموض تجاه مستقبلهم ليس غريباً مع وجود حميع هذه الهواجس و التطورات في هذا العالم. و من الامور التي تزيد الخوف في نفوس هؤلاء هو ارتفاع معدلات ​البطالة​ إلى مستويات غير مسبوقة ، التدهور البيئي الشائع، زيادة الانقسامات و انتشارعدم المساواة في انحاء العالم. و كان من الواضح ان الحلول التقليدية التي اعتُمدت سابقاً غير مجدية و غير فعالة لأننا لن لم نر تطور و تبدل في حال تلك المشاكل.

و كان رأي أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة "شيتاغونغ"، ​محمد يونس​، انه من الضروري وجود اشخاص لديهم رغبة متزايدة في تجنب النماذج التقليدية التي اعتُمد عليها لحل هذه القضايا ، وإيجاد بديل ذلك.

حيث وضع يونس في كتابه الجديد "عالم من الأصفار الثلاثة"، روح المبادرة في قلب الحل. ويدعو الكتاب للوصول الى معدل بطالة 0% ، فقر 0% ، و وصول نسبة التلوث الى 0%. وقدم يونس في كتابه نهجاً ساحرا، متفائلا ، ولكن عمليا لحل المشكلات المعقدة.

وشرح استاذ الاقتصاد في كتابه نظرة كلية و مبسطة عن "كيف سيبدو المستقبل؟"، ولماذا يعتبر اننا بحاجة الى وجود "روح المبادرة أكثر من أي وقت مضى".

0% بطالة: من الناحية التاريخية ، كان البشر رائدين ومبدعين. كانت هذه المهارات ذاتها هي التي ساعدتنا على التطور والازدهار في جميع أنحاء العالم، و يقول محمد يونس: البطالة ليست مشكلة العاطلين عن العمل، بل هي مشكلة النظام الاقتصادي الذي يعيشون وسطه، والبطالة ليست قدرا، بل هي نتيجة لاختيارات خاطئة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.

البطالة تبدأ في العقول قبل أن تنتشر في الواقع، حيث يكبر التلميذ والطالب على فكرة أنه ​سيدرس​ جيدا، ويحصل على نقط جيدة للحصول على وظيفة ممتازة، في حين لا يقول أحد لهذا التلميذ إن الوظيفة الوحيدة المضمونة هي التي يخلقها الإنسان بنفسه، ولماذا لا تفكر في أن تكون صاحب العمل عوض أن تكون موظف في عمل ما.

0% فقر: يعتقد يونس أن ​الفقر​ يجب أن يوجد و يُرسم فقط كلوحات فنية في المتحف. ويذكر أنه فقط من خلال قيام الفقراء بإنشاء أعمالهم الخاصة وامتلاك تدفقات دخلهم الخاصة، فانهم يستطيعون التغلب على الفقر.

و يستعرض يونس طريقتين للوصول الى معدل فقر بنسبة 0%، هما:

كل مشروع أو نشاط ذو طابع تجاري أو صناعي يقدم بضائع، أو سلع، أو خدمات لذوي الدخل المحدود في المجتمع وخاصة الفقراء منهم بأسعار مخفضة بهدف خدمة المجتمع وتخفيف العبء عن كاهل الفقراء مع ملاحظة أن هذا النشاط لا يعتمد على التبرعات أو الإعانات، وإنما يقوم بتوفير تلك السلع أو الخدمات بمقابل مادي يضمن تغطية تكاليف ونفقات المشروع ولا يتجاوزها إلى حد تضخيم رأسمال الشركة وزيادة الأرباح. وفي حالة وجود فوائض مالية، فإنها توجه لمشاريع توسعية وتطويرية تعود بالنفع على نفس الهدف و العمل الاجتماعي. 2- عن طريق إنشاء شركات ربحية بحته لا تختلف عن غيرها من الشركات التي تزاول أنشطة ومشاريع تجارية أو صناعية أو خدمية مع تخصيص نسبة من رأسمال الشركة للفقراء والمحتاجين والأيتام والأرامل إما عن طريق ​توزيع أسهم​ عليهم على شكل منح أو أن يكتتب الفقراء في تلك الحصة بحيث يستفيدون من الأرباح والعوائد التي توزعها الشركة على مساهميها. لكن السؤال: كيف يتم التأكد من حالة المساهمين المادية؟ الجواب: عن طريق المؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية أو الجمعيات الخيرية فهي الأقدر على تحديد المحتاج من غيره ومدى حاجته.

0% تلوث: يتعلق الصفر الأخير في معادلة يونس بإعادة الهيكلة حول ​ريادة الأعمال​ الذاتية ، ضد المبادرات التي تعمل على تحسين المجتمع ونتائج الكوكب.

في الآونة الأخيرة ، سعت العديد من الشركات لتحقيق الربح ، على حساب العوامل البيئية والاجتماعية. الافتراض هو أن معظم الشركات تتكون من أشخاص لا يريدون سوى اللعب على الجانب الأناني من الإنسانية.

و في نموذج جديد ، تدعمه ريادة الأعمال ، هناك مجال لإنشاء حلول الأعمال التي هي أنانية جني الأرباح ونكران الذات التي لا تخلق أي ضرر. فمن الضروري ايجاد حل للتلوث الناجمة عن الشركات و المصانع .

من هو المسؤول عن ايجاد الحلول؟

يقول يونس: "إن أفضل طريقة لزراعة عمل مستدام هي حل أعظم مشاكل البشرية". في كثير من الأحيان ، يأتي هذا النوع من الجرأة من رواد الأعمال ، لكن بعض الشركات الكبرى تسعى إلى إحداث فرق كبير، وبشكل حاسم ،و يكون لديهم مقياس تأثير كبير و فعال جداً.

على سبيل المثال ، تعمد شركة "McCain" للأغذية شراء المنتجات التي تعتبر "غير صحية" للمحلات التجارية الكبرى واستخدامها لإنشاء الحساء. أو" دانون" ، التي تنتج زباديًا خاصًا ، مليئة بالعناصر المغذية لمعالجة سوء التغذية في ​بنغلاديش​.

و من وجهة نظر يونس، فإن استبدال الشركات او المطاعم غير الصحية بالصحية منها و الصديقة للبيئة هو من أبرز الحلول الممكنة للوصول الى نسبة 0% من التلوث>

ماذا يحمل المستقبل ؟

مثل الكثيرين ، يجد يونس الأمل في الجيل القادم ، الذين هم منفتحين و لديهم مرونة في التفكير وتواقون للتغيير. والامر متروك لنا جميعا للمساعدة في تزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها ليزدهروا كأصحاب مشاريع.

و من وجهة نظره انه من الممكن البدء من سن مبكرة جدًا ، حيث يقوم أولياء الأمور بتعليم أطفالهم بأنهم يمكن أن يكونوا مبدعين في حل الوظائف في المدرسة لإنشاء أنظمة تعليمية تعزز هذه الرسالة.

ويقول يونس: "في الوقت الحالي ، المدارس تفخر بأنهم يجعلون الناس مستعدين للعمل" ، دون أي نية للسماح للناس باكتشاف قدراتهم الخاصة ومهاراتهم الفاضلة في تنظيم المشاريع ".