بالتأكيد ان الاستقرار والنمو الاقتصادي وما يرافقهما من ارتفاع للقوة الشرائية ، هما احدىالوسائل لعودة القطاع العقاري الى عافيته ، الا ان التدابير الضرائبية التي تطاله والمستحدثة تثبّت واقع الركود الذي يمر به .

في المعلومات المتداولة ، ان ثمة اكثر من 4آلاف شقة فخمة برسم البيع وقيمتها تزيد عن ال4مليارات دولار . وديون المصارف للقطاع فاقت ال18 ملياردولار حتى عام 2017 .

وبالاضافة الى الدور الكبير للمصارف اللبنانية في تمويل القطاع العقاري، يلعب مصرف لبنان دورا كبيرا في هذا المجال ، وذلك عبر السياسات والأدوات المختلفة التي يعتمدها لدعم السوق العقاري وقطاع البناء . وبرزت أهمية سياسات مصرف لبنان في هذا المجال بشكل رئيسي خلال السنتين الأخيرتين، حيث اعتمد رزمة تدابير لمواجهة التباطؤ في النشاط العقاري وإنخفاض الطلب بسبب تراجع الأوضاع الإقتصادية،انخفاض القدرة الشرائية، تراجع حجم تحويلات المغتربين واللبنانيين العاملين في منطقة الخليج والسعودية وأفريقيا، الإرتفاع الكبير في سعر العقارات مقابل كلفة البناء، انخفاض ثقة المستهلك بسبب الازمات السياسية المتتالية.

منذ العام 2012 والقطاع العقاري في حال ركود وان حصل بعض الخروقات في بعض المراحل.هل يمكن اعتبار هذا الثبات في الركود نتيجة طبيعية بعد الفورة العقارية التي حصلت بين 2007 و2011 حيث قيل ان ما حصل هو تصحيح للاسعار في الشقق ، واستيقاظ للسوق؟

كيف يقوّم العاملون في هذا القطاع الاوضاع ؟

مسعد فارس

أمين سر جمعية مطوّري العقار في لبنان (REDAL)مسعد فارس يوضح ان الاسعار

كانت في عام 2005 أدنى أسعار في المنطقة. مع الأزمة المالية العالمية في 2008 تهافت اللبنانيون وبعض الأخوان العرب الى لبنان باعتباره يشكل ملجأ آمناً لهم ،سواء على مستوى القطاع المصرفي او على مستوى القطاع العقاري، ما خلق حركة في القطاع العقاري غير مسبوقة، فتصحّحت الأسعار التي كانت متدنية ثم ارتفعت بوتيرة كبيرة أكثر مماكان يفترض ، ووصلت في 2010 – 2011 الى معدلات غير مقبولة. ومن الطبيعي بعد هذه الفورة أن يأتي الركود لكي تعود الأسعار وتستقر عند معدلها الطبيعي. ولكن طالت الأزمة وذلك بسبب الأحوال السياسية في المنطقة وخصوصاً الحرب في سوريا، وأسعار البترول والحالة الاقتصادية العامة في الشرق الأوسط. كل هذا يولّد تصحيحاً في الأسعار وقد بدأنا نشعر به.

توقّع المطورون العقاريون أن تؤدي الضرائب على القطاع العقاري إلى امتناع المطوّرين عن تقديم الحسومات نظراً إلى أن "هذه الضرائب سترتّب رسوماً وأكلافاً إضافية على المطوّرين تلغي الهامش المتوافر أمامهم لتقديم مثل هذه الحسومات . وبالفعل هذا ما حصل اليوم .

وهنا يقول فارس :" لسوء الحظ ان وضع المطوّر العقاري مُزرٍ مع أو بدون ضرائب. من البديهي أن يتمكن من اعطاء حسومات أكثر في حال عدم وجود ضرائب، ولكن في ظل اضافة الضرائب فتصبح الحسومات أقل بكثير. تتراوح معدلات الحسومات بحسب أسعار الشقق، فتكون 10% للشقق ذات الأسعار المتدنية وتصل الى نسبة 30% للأسعار التي تكون أسعارها فوق المليون دولار. وكل حسم يُعطى على أساس أسعار الشقق.

ويعتبر فارس أن هناك أسعار ومنتج لكل قدرة شرائية. وبمعنى آخركل شخص يجب أن يشتري وفق قدرته. يتوافر شقق في السوق لكل القدرات في المجتمع. وفي مطلق الاحوال، لا يستطيع جميع الافراد شراء منازل ، ولذلك هناك ايجارات. وأيضاً هناك شريحة من الناس ليس امامها سوى انتظار الدولة للقيام بمشاريع اسكانية عامة، وهو أمر موجود في كافة دول العالم للطبقة الفقيرة التي لا يمكنها التملّك.

تحريك السوق

وعن الاقتراحات المطروحة لتحريك القطاع العقاري يذكرفارس :

- توحيد التخمين لوضع حدّ للتفاوت الحاصل بين التخمينات بفعل الإستنسابية.

- مراجعة آلية احتساب القيمة التأجيريّة، لكي يكون هذا الاحتساب منصفاً وعادلاً.

- تعديل رسم تسجيل العقود العقارية بعدما تم رفعه من ثلاثة بالألف إلى 2 في المئة ...

- منح إقامات للأجانب الذين ينوون شراء عقار في لبنان بسعر مليون دولار وما فوق، أسوةً بما فعلت دول أوروبيّة عدّة.

ويقول :"طرحنا كل ما ذكر ونحن على تواصل مع رئيس الحكومة ونناقش خطة سيُعلن عنها قريباً، ستأخذ بالاعتبار كل ما طرحناه سابقاً . كما انه ثمة أمور جديدة ستكون مدار بحث.نحن متفائلون بالخير لأن رئيس الحكومة والحكومة يتفهمان الوضع العقاري وتأثيره على الوضع الاقتصادي ككل".

وفي غضون ذلك ،بعض المراقبين يراهن على ان النهضة التي عرفها قطاع البناء بين 2007و20011لن تكرر لعدة اسباب اهمها غياب الخليجيين عن لبنان ، تراجع مداخيل اللبنانيين المغتربين او العاملين في الخارج والذين كانوا يستثمرون في القطاع... الى جانب تفوّق العرض على الطلب خصوصا في العاصمة والضواحي .

ويؤكد هنا فارس أن الفورة التي حصلت بين 2007 و2011، من الصعب أن تتكرّر لكن نحن متفائلون أن المغتربين سيعودوا وكذلك العاملين اللبنانيين في الخارج والاخوان الخليجيين للعمل والاستثمار في لبنان. وقال :"انشالله قريباً نبدأ برؤية هذه البوادر. ربما ببطء ولكن على الأكيد. أما بالنسبة لتفاوت العرض والطلب، يجب أن نكون دقيقين لأنه بالنسبة الى الشقق التي تُباع تحت المليون دولار فمخزونها ليس كبيراً. وبمساعدة مصرف لبنان وتحفيزاته هذا القطاع جيد. ويجوز أن يكون المخزون يتفاوت مع الطلب في القسم ما فوق المليون أو المليون ونصف دولار."

الحماية المصرفية

من المعلوم ان السوق العقاري وقطاع البناء بعد النجاح الكبير الذي حققه وحجم الارباح السريع جذب عدداً كبيراً من التجار والمتعهدين وغيرهم من المستثمرين من مؤسسات وشركات ومصارف . وهنا يوضح فارس انه من المشجع أن قطاع بناء العقار عرف نقلة نوعية من التجارة الفردية الى تجارة المؤسسات. فأصبحت المشاريع مملوكة بأغلبيتها من مؤسسات وليس أفراد. وهذه المؤسسات مرسملة مثل ما يجب. وينوّه فارسبدور المصارف في التعاون مع هذه المؤسسات الذي له التقدير الكبير. لأنه في الاتحاد قوة، وعندما يعمل القطاعان العقاري والمصرفي سوياً يبقى القطاع العقاري بأمان ولا يتعرض لهزات مؤذية.

ويضيف :"نحن كمطورين عقاريين سعينا ونجحنا بأن نخلق تحالف عقاري لبناني يضم الجمعيات والنقابات المتعلقة بهذا القطاع، وهي: جمعية مطوري العقار في لبنان، نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان، نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية، نقابة الطوبوغرافيين المجازين في لبنان، نقابة خبراء التخمين العقاري في لبنان، جمعية منشئي الأبنية. وتشرّفت بأن أكون المنسّق لهذا التحالف، ونسعى سوياً لإيصال صوتنا الى مراجع القرار وكل مطالبنا تتجانس مع بعضها البعض".

في مطلق الاحوال ، مطالب العاملين في القطاع العقاري معروفة واهمها تحريك وتسهيل حركة البيع بعد إعادة النظر ببعض الرسوم والضرائب. الا ان ما يفيد المستهلك صاحب القدرة الشرائية المحدودة ، الباحث عن الاسعار المعقولة يفيد ايضا ً المستثمرين في قطاع البناء والعقارات ، وهو وضع سياسة اسكانية تحفيزية طارئة طويلة الامد تلبي حاجات السوق و اللبنانيين معا ً، وتوافق بين العرض والطلب وتُخرج السوق من قمقم الركود . ولكن متى ورغم ذلك ، هل هذا كاف؟