خاص ـــ الاقتصاد

"سلّمني شكاً مصرفياً بقيمة مليون دولار أميركي في بيروت، واقبض مليون و200 ألف دولار نقداً في الخارج".. هذه العمليات التي تولى بطولتها شخص روسي، كانت سبباً لمحاكمته والحكم عليه بجرائم تبييض أموال، ومحاولة الايقاع بأشخاص لبنانيين ليكونوا جزءاً من عملياته، والاستيلاء على أموال مواطنين عبر هذه الوسيلة المغرية.

فقد ورد كتاب صادر عن المديرية العامة للأمن الداخلي، يفيد بأن المدعو "أمين. أ" عرض على أحد الأشخاص تأمين شك مصرفي بقيمة مليون دولار أميركي، لصالح الروسي "غدي رودزاييف" على أن يقوم الأخير بتسليم من يقوم بتأمين الشك مبلغ نقدي وقدره مليون و200 ألف دولار أميركي خارج لبنان، ليكون صاحب الشك حقق ربحاً بقيمة 200 ألأف دولار، وتكون حصّة "أمين" وصديقه "سعد. م" الذي تربطه علاقة صداقة بالروسي 50.000 دولار بعد انجاز العملية بنجاح.

وليتمكّن "أمين" من اقناع الشخص المعروض عليه الصفقة، أبرز له صورة شك من أحد ألمصارف اللبنانية بقيمة مليون دولار لصالح الروسي "غادزييف" مسحوب من حساب شخص يدعى "زياد. ج"، سوف يقوم بهذه العملية، وقد ساد الاعتقاد بأن الشك الذي عرض على هذا الشخص، قد يكون مزوراً، وقد يكون وراء الموضوع عمليات احتيال وتبييض أموال يقوم بها الروسي على الأراضي اللبنانية، أو عمليات احتيال واستيلاء على الشك المصرفي الذي يتم تأمينه لمثل هذه العملية.

على أثر ورود الكتاب، أجريت التحقيقات الأولية من الأشخاص المذكورين أعلاه من قبل مكتب مكافحة الجرائم المالية، وتمّ الادعاء على الروسي "غدي رودزاييف" بجرم الاحتيال وتبييض أموال، وصدر حكم جزائي بادانته بهذا الجرم في أواخر العام 2015 عن محكمة جزاء بيروت الثانية. وقد أفاد "أمين" في التحقيقات الأولية بأنه تعرف على الروسي بواسطة "سعد. م" والتقى به عند الأخير، وعرفه عن نفسه بأنه صاحب استثمارات وتاجر خضار كبير في روسيا، كما أبلغه "سعد" بأن صديقه الروسي يريد مبلغ مليون دولار بموجب شك مقابل مبلغ مليون و200 ألأف دولار يسلمه في الخارج.

خلال هذا الاجتماع كان الروسي يصطحب شخصاً يدعى "رمزي" يتولى عملية الترجمة، وبالفعل اجتمع "أمين" بالروسي مرات عدة في مكتب "فخري. س"الذي عرّف عن نفسه بأنه وكيل الروسي ومترجمه الخاص، وأن "أمين" وافق على المساهمة بتأمين شخص يسلّمه شكاً مصرفياً، لكن اشترط عليه إعطاءه مبلغ 20.000 دولار لزوم المصاريف ونفقات السفر الى قبرص، واشترط استلام المبلغ المالي نقداً، وأن الاجتماعات التي حصلت مع الروسي كانت بحضور "فخري"، وكانت الأحاديث تدور حول الشك ومبلغ الـ20.000 دولار الذي طلبه سلفاً، مشيراً الى أن الروسي أرسل له صورة شك صادر عن أحد المصارف الكبرى بقيمة مليون دولار، وقد أطلع "فخري" عليه فلم يكترث للأمر.

وخلال اخضاعه للإستجواب، أفاد الروسي "غدي رودزاييف" بأنه وصله شك بقيمة مليون دولار عبر الـ"واتس اب"، فأرسله الى وكيله "فخري" الذي طلب منه بعد أيام عدّة، أن يبلغ الأجهزة الأمنية بالأمر، وأشار الى أنه أوكل للأخير اجراء الاتفاقات بعد خلافه مع شخص يدعى "رمزي"، وأنه تحدث مع شخص يدعى "كنان. ش" يقيم في تركيا، وطلب منه شيكاً بقيمة مليون دولار، مقابل مليون و250 ألف دولار أميركي يسلمه إياه نقداً في اسطنبول.

وبعد التحقيقات الاستنطاقية التي استمرت أشهراً ويلة، خلص القرار الظني الصادر عن دائرة التحقيق في بيروت، الى أنه لم يثبت أن "فخري. ب" تدخل في جرم الاحتيال الذي ارتكبه "رودزاييف"، ولم يتبيّن وجود أي دور له بالواقعة المتعلّقة بالشك البالغة قيمته مليون دولار، لا بل على العكس، لقد طلب من الشخص الروسي، أن يبلغ الأجهزة الأمنية بالأمر، ما اقتضى منع المحاكمة عن "فخري" لعدم ثبوت الجرم بحقه، الا أن النيابة العام استأنفت القرار أمام الهيئة الاتهامية، وطلبت فسخ القرار اتهامه بالتدخل بجرم محاولة الاحتيال، بهدف الاستيلاء على أموال الغير بصورة غير مشروعة.