خاص ــ الاقتصاد

صداقة العمر التي استمرّت عقوداً طويلة، بددتها الخلافات ال​مالي​ة التي قلبت حياة رفيقي الدرب رأساً على عقب، وحوّلت مسيرتهما شبه الأخوية، الى نزاعات قضائية وضعت كلّ منهما في موقع الخصومة الشديدة في وجه الآخر.

عبثاً كان يحاول "مازن. ش" تحصيل أمواله المتوجبة في ذمّة صديقه عبر ​المفاوضات​، ولمّا أعيته الحيلة تقدّم بواسطة وكيله القانوني، بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، إتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي بحق "كامل. ق" و"شوقي. ح"، تضمنت وقائع تفيد بأن الأخيرين أقدما بالاتفاق في ما بينهما على ايهامه بأن لديهما مشروعاً تجارياً يدرّ عليهما أرباحاً كثيرة، وقاما باستلام مبلغ 141000 دولار أميركي ليكون جزءاً من حصته في هذا المشروع، ليكتشف لاحقاً أنه وقع ضحية عملية احتيال، وأن المشروع وهمي، عمل المدعى عليهما على تلفيق أكاذيب لحمله على تسليم الأموال، وعندما طالبهما بأمواله تخلّفا عن ردّها بالرغم من انذارهما بواسطة الكاتب العدل.

أحيلت ​الشكوى​ على قوى الأمن لإجراء التحقيقات الأولية، وبنتيجة هذه التحقيقات تبين أن المدعى عليهما متوارين هن الأنظار، لكن ما لبث المدعى عليه "شوقي. ح" أن تقدم بمذكرة دفوع شكلية، أدلى فيها بأنه مجرّد أجير في المؤسسة التجارية التي يملكها "كامل. ق"، وقد قام الأخير بتنظيم توكيل خاصة لصالحه، يجيز له متابعة الأعمال الادارية والقبض والدفع والابراء والتوقيع، بالاضافة الى أمور أخرى.

خلال جلسة التحقيق الاستنطاقي، تقدم المدعى عليه "كامل. ق" بمذكرة دفوع شكلية أدلى فيها بأن لم ينفذ أي ضرب من ضروب الاحتيال، وأن علاقته مع "مازن. ش" هي علاقة مالية دامت لسنوات طويلة، كان فيها دائناً أحياناً ومديناً أحياناً أخرى، الى أن دخل السجن (كامل) بسبب تزوير ارتكبه المدعو "محمد. م" الذي سلّمت اليه الأموال التي كان يدفعها "مازن" الى "شوقي"، وأن الأموال التي كان يتسلمها الأخير من المدعي بناء لأوامره (كامل) لم تكن هبة أو ديناً، بل نتيجة تعامل مالي قائم بينهما على الثقة.

وفي جلسة تحقيق أخرى، تم خلالها استجواب "كامل" أفاد الأخير بأنه لا توجد أي علاقة مالية بينه وبين "مازن" وأن المدعى عليه "شوقي" لم يكن يعمل لديه انما كان صديقه فقط، وكان يستعين به لقيادة السيارة أحياناً، كما جرى استجواب "شوقي" الذي أكد أنه كان موظفاً لدى "كامل"، لكنه لم يكن يحضر الاجتماعات التي تعقد بينه وبين "مازن"، وأن الشيكات التي يصدرها الأخير كانت تنظم باسمه حيث يرافقه "مازن" الى البنك لصرف الشيك، وتسليمه الى "كامل" دون أي مستندات.

ولدى التوسّع بالقضية، استدعي "مازن" الى التحقيق فصرّح بأن "كامل" كان يطلب أموالاً بحجج وأساليب مختلفة، واعداً بأنه سيردّ هذه الأموال، وكان يتسلمها بواسطة شيكات وأخرى نقداً، وكانت الشيكات تكتب باسم "شوقي. ح"، وكان "كامل" يعده بتسديدها وبأن لديه أموالاً مجمّدة، ويصرّ على اقناعه بأن الأموال التي يأخذها هي من أجل انهاء القضايا المقامة ضده، وكان يعرض عليه أوراقاً لاثبات أن مشاكله في طور الحلّ، وأن أمواله سيفرج عنها، وكان يزعم بأنه يملك عقارات في مناطق عديدة ويعد بإعطائه عقاراً لتشييد بناء عليه، وفي الجلسة نفسها، قدّم "كامل" مذكرة اعترف فيها بأن "شوقي. ح" كان موظفاً في شركته التي يملكها من "ديب. ج" و"محمد. م"، وأن الأخيرين كانا يستدينان الأموال على أسمه، وقد عمد "ملحم" الى الاحتيال عليه.

قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، اعتبر أن المدعى عليه أقدم على ارتكاب جرم الاحتيال بحق المدعي "مازن. ش" بدليل وجود تسجيل واضح يقرّ فيه الأول بالدين المترتب في ذمته الى الثاني بقوله "إلك معي 141000 دولار أميركي.. على راسي.. أنا ما أكلتلك حقك". ودليل التناقض في أقوال "كامل" لجهة قوله إن علاقة مالية وتجارية، وأحياناً يكون دائناً وأحياناً مديناً، وتناقض أقواله لجهة أن "شوقي. ح" لا يعمل لديه أجير انما صديقه، بينما أبرز الأخير افادة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تفيد بأنه يعمل أجيراً لدى "كامل" منذ العام 1993، وكل هذه المعطيات مجتمعة، تثبت أن "كامل. ق" أقدم عبر المناورات الاحتيالية على الاستيلاء على أموال المدعي، وقرر احالته على القاضي النفرد الجزائي في بيروت لمحاكمته، فيما منع المحاكمة عن "شوقي. ح" لعدم ثبوت تورطه في هذه الأعمال.