بحث برنامج "​الإقتصاد في أسبوع​" عبر أثير "إذاعة لبنان" في حلقته هذا الأسبوع من إعداد وتقديم كوثر حنبوري موضوع "الضرائب الجديدة المفروضة على المصارف ونتائج مؤشر بنك بيبلوس للطلب العقاري في لبنان في الفصل الثاني من العام 2017" وذلك مع كبير الاقتصاديين ومدير قسم البحوث والدراسات الاقتصادية في "بنك بيبلوس" د. ​نسيب غبريل​، الذي أشار الى انه "ومن دون شك، الإقتصاد اللبناني لا ينمو بالمستوى المطلوب وبالنسب التي كانت متوقعة بعد الإنفراج السياسي من انتخاب رئيس للجمهورية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في نهاية العام 2016".

وأشار غبريل الى ان توقعات المواطن اللبناني والقطاع الخاص في البلاد كانت تتجه الى ان المسؤولين سيركزون على الأوضاع المعيشية لإعادة عجلة الإقتصاد الى نسبة نمو مقبولة "كي لا أقول استثنائية، وأول الأمور التي قامت بها الحكومة الجديدة هو التركيز على إقرار موازنة، ما يعدّ خطوة جيدة بعد غياب لإثني عشر عاماً، وبعد 6 سنوات من الركود الإقتصادي المستمر حتى اليوم، والقطاع الخاص يأمل أن تكون أولوية الموازنة تخفيض الأعباء التشغيلية عن كاهله، وتحسين المناخ الإستثماري وتطوير بيئة الأعمال، ورفع مستوى تنافسية الإقتصاد، إلا أننا تفاجأنا كما تفاجأ الجميع بأن أولوية الحكومة كانت فرض ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب الموجودة أصلاً، ما أثر على ثقة المستهلك في لبنان بحسب مؤشر "بنك بيبلوس" والجامعة الأميركية في بيروت الذي بدأ بالتراجع بدءاً من كانون الثاني الى شباط وآذار ونيسان بدلاً من أن يستمر بارتفاعه الذي شهدناه مع فترة الإنفراج السياسي. مع الإشارة الى أن القطاع الخاص أيضاً أبقى مشاريعه المجمدة على حالتها حتى بعد فترة الإنفراج".

وأوضح قائلاً: "يمكننا أن نرى ان إعطاء الأولوية للضرائب خلق ردّة فعل سلبية جدّاً، بدايةً من القطاع الخاص الذي من المفترض أن يكون المحرّك الرئيسي لعجلة الإقتصاد اللبناني، أولاً لأن زيادة الضرائب لم تأت ضمن رؤية اقتصادية واضحة وشاملة، أي ان الضرائب جاءت نتيجة عملية حسابية حصلت بهدف تغطية نفقات معينة (تكاليف سلسلة الرتب والرواتب)".

وأضاف: "ثانياً، لأن القطاع الخاص كان يفضل ان يرى إجراءات تؤدي الى ارتفاع مداخيل الخزانة وتفعيل مناخ الإستثمار"، مشيراً إلى أنه "لزيادة واردات الدولة هناك أبواب كثيرة أولها مكافحة التهرّب الضريبي، حيث 25% فقط من اللبنانيين يدفعون الضرائب...لماذا نهمل نسبة الـ75% الأخرى؟ كما يجب علينا تفعيل الجباية، فمثلاً الإحصاءات تشير الى انه بين 40 و45% من السيارات في لبنان لم تسدد رسوم الميكانيك، وهذا يشير الى أن هناك بعض القوانين التي لا يتم تطبيقها بشكل كامل على الأراضي اللبنانية كقانون منع التدخين وقانون حماية الملكية الفكرية".

وأشار د. غبريل الى "البند المتعلّق بالأملاك البحرية والمخالفات التي فرضت الحكومة غرامة عليها، الا أنه كان من الأفضل إجراء تسوية شاملة لمعالجة الموضوع".

وتابع: "أما من ناحية النفقات، جميعنا نعلم حجم الهدر الموجود وخاصةً في ظل الإنفاق من دون موازنة منذ العام 2005 مع عدم تطبيق السياسة الإثني عشرية حتى. ونتيجةً لذلك، ارتفعت النفقات بشكل مخيف بحوالي 7 مليارات دولار في العام 2005 بحسب الموازنة الأخيرة الى 13 مليار و500 مليون دولار في العام 2016، أي أن حجم النفقات تضاعف. بحسب مشروع موازنة العام 2017، من المتوقع ان يصل حجم النفقات العامة الى 16 مليار دولار، دون سلسلة الرتب والرواتب، في الوقت الذي يعاني القطاع الخاص من الإنكماش ويسعى إلى تخفيض النفقات والتوظيف وإغلاق فروع...أي ان رؤية القطاع الخاص والمواطن اللبناني في ميل وأولويات الطبقة السياسية في ميلٍ آخر، مع الأسف".

ورداً على سؤال حنبوري عن زيادة الضراب على الودائع المصرفية وتأثيرها المتوقع على تمويل المصارف، أكد غبريل أن المصارف "ترفض بالشكل والمضمون أي ضريبة في ظل هذا الوضع الذي يعيشه الإقتصاد والمالية العامة، ليس فقط الضرائب على القطاع المصرفي بل أي ضريبة على الإستهلاك أو على الأرباح أو على الدخل"، مضيفاً: "الإقتصاد اللبناني بحاجة الى تخفيض الأعباء التشغيلية ليتمكّن من التنفس والعودة الى مستويات نمو مقبولة".

وقال: "اليوم، وبعد الإنفراج السياسي في أواخر العام 2016، لازال نمو الإقتصاد اللبناني لا يتخطّى نسبة 1% في الأشهر الأولى من 2017 ومن المتوقع أن يصل الى 1.7% فقط، مع موسم اصطياف ناجح وموسم أعياد بالمستوى نفسه في نهاية العام، في الوقت الذي نحتاج الى نمو بين 4 و5%. الإقتصاد اللبناني قادر على تحقيق هذه النسب ولكن ليس بفرض ضرائب ورسوم ورفع أداء الأعمال والمعاملات".