رغم كل المؤتمرات الصحية التي نظمت في الفترة الأخيرة، مطلع هذا الصيف والتي تناولت القطاع الطبي والإستشفائي وحتى الدواء من جوانب مختلفة، فإن القضية الأبرز التي احتلت اهتمام الرأي العام ووسائل الاعلام تبقى حادثة وفاة شابة اثناء جراحة تجميلية أجريت لها، والتي اصبحت في عهدة القضاء والتحقيق.

وبمستوى الضجيج الذي رافق وهو يبقى مواكبا هذه القضية ، تحتل اليوم الجراحة التجميلية مكانة واسعة في اهتمام المجتمعات ليس فقط في لبنان وانما في العالم، بفعل التطّور المتسارع والساحر الذي توفّره لعديد من الافراد الذين يلجأون اليها ، سيما وانها باتت بدون شك علاجا نفسيا فعاّلا رغم كل المخاطر المحدقة في إجراء البعض منها.

ولوضع حد لهذه المخاطر في لبنان، وازاء الطلب المرتفع على الطب التجميلي اصدر نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني قراراً حدد الأطر التنظيمية لمراكز التجميل والمستشفيات المتخصصة. و شدد على ضرورة السير بالقانون الرقم 30 تاريخ 10 شباط 2017 الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 شباط 2017. وقد نظم القانون تعريف التجميل الطبي ومراكزه ومجموعة الاعمال الطبية التي تخوّل المركز القيام بها. كما حدد الاختصاصات الطبية التي يجاز لها مزاولة مهنة التجميل الطبي. واعطى هذا القانون مهلة 6 اشهر لمراكز التجميل الطبية القائمة لتسوية اوضاعها القانونية من تاريخ نشر هذا القانون أي تنتهي 16 آب 2017 تحت طائلة إقفالها حكما بقرار من وزير الصحة العامة..

وفي ما يتعلق بالمستشفيات المتخصصة، أصدرقرارا تنظيميا يتعلق بتنظيم العمليات الجراحية وينص على الآتي:

- يمنع إجراء العمليات الجراحية التي قد تسبب إشتراكات تستوجب عناية فائقة كعمليات شفط الدهون وغيرها إلا في مستشفيات متخصصة تحتوي على قسم للعناية الفائقة مرخص من وزارة الصحة العامة وفقا للأصول.

- توقيع المريض استمارة حقوق المرضى والموافقة المستنيرة.

البلدان الاكثر انتشاراً ل​عمليات التجميل

لاشك ان الولايات المتحدة تحتل قائمة الدول التي تجري فيها العمليات التجميلية والترميمية .

تليها البرازيل وكوريا الجنوبية والهند والمكسيك. في الولايات المتحدة الأميركية بلغ عدد العمليات الجراحية الترميمية في عام 2015 حوالي 6 ملايين عملية جراحية مقابل 16 مليون عملية تجميلية وغير جراحية. منذ عام 2000، ارتفع العدد الإجمالي للعمليات 115%.

ورغم أن هناك اعتقاد في العالم العربي أن لبنان قد يكون في الصدارة حيث يبلغ حجم الانفاق السنوي على الجراحة التجميلية فيه ما لا يقلّ عن 50 مليون دولار، إلا أن آخر الإحصائيات المقدمة من قبل الجمعية الدولية لجراحة التجميل ISAPS، تفيد أنه وفي عام 2016 سجلت المملكة السعودية 95 ألف عملية تجميل من أصل 12 مليون عملية من هذا النوع على مستوى العالم، وبذلك هي الأولى عربيا والثالثة عالميا من حيث عدد العمليات.

ويأتي ذلك في ظل تغيّر النظرة السائدة إلى عمليات التجميل في الدول العربية والتي عادة ما ينظر إليها على أنها محافظة. فلم تصبح "مقبولة" فحسب، وإنما تحولت إلى "أداة تميز" طبقي تدل على يسر الحالة المادية للشخص.

وفي العالم العربي، عمليات التجميل أكثر انتشارا بين النساء مقارنة بالرجال، على الأقل إلى غاية اللحظة لكون أن الأرقام المسجلة عالميا تدل على ارتفاع متزايد لعدد العمليات التي أجريت على الرجال الباحثين بدورهم عن "الجمال".وتعد عمليات تصحيح الأنف الأكثر إقبالا بين الجنس الخشن بمعدل نحو 27%.

بعض الأبحاث حول انتشار جراحات الأنف في العالم، يشير الى أنّ إيران والبرازيل تتصدران القائمة من حيث اتّساع الظاهرة.

التعويض عن الأضرار

التعويضات المترتبة عن الأضرار الناتجة عن الأخطاء الطبية في جراحة التجميل تشكل 45% من الحالات، مقارنة مع 30% من نسبة التعويضات الطبية بشكل عام.

ونظرا لازدياد عدد الأخطاء الطبية سنوياً وتكبيدها أموالاً طائلة للدول بين تعويضات وغيرها، أنشأت دول مثل الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية مؤسسات تعنى بتقليل أعداد الأخطاء الطبية عبر مواكبة ومتابعة الأنظمة والشروط المتبعة ، وقد أعطيت صلاحيات كبيرة لفرض تلك الشروط والضوابط في القطاعين العام والخاص.

في مطلق الاحوال ورغم كل هذه المخاطر اصبح الطب التجميلي هوساً كبيراً لدى البعض حيث ان هناك الكثير ممن خضع لاكثر من عملية تجميل بهدف نزع مظهره القديم والظهور بآخر يستهويه ، قد يكون قريباً اومشابهاً او حتى نسخة طبق الاصل عن ذلك الممثل او الممثلة. ووفق بعض الاحصاءات المتداولة في هذا المجال ، فان اكثر من نسبة 50% من العمليات هي للتشبّه بالمشاهير ونسبة لا تتعدى 30% لمعالجة التشوّهات.

فصناعة عمليات التجميل في أرجاء العالَم تُدرّ مليارات الدولارات كلّ عام. وتُعدّ جراحة التجميل فنًّا، بل الاختصاص الأكثر طلبًا في دراسات الطبّ اليوم.

ومع تفاوت الاكلاف للعمليات بين بلد وآخر ، وبين طبيب وآخر ، يبقى اللافت ان العديد من مراكز التجميل ينشط في ادراج العمليات التجميلية التي ينفذها في برامج الرحلات السياحية والاستجمام ضمن رزمة واحدة تدخل نطاق السياحة الطبية والعلاجية.

اخيراً بعد 16 آب شأن آخر لمراكز التجميل في لبنان فهناك ضوابط ومعايير للالتزام نتمنى ان تعيد الثقة بهذا الطب .