قد يكون أمراً طبيعياً أو ربما عادياً أن تحصل عملية نصب نتيجة تزوير "​شيك​" أو عملة أو حتى إمضاء ما، لكن أن يقوم أحد ما بالإتفاق على شراء شقة في منطقة ليجد بعد فترة أن الشقة التي دفع 70% من ثمنها قد أصبحت في مكان آخر فهي قصة نصب نادرة لكنها حصلت فعلياً في لبنان.

الضحية هو رجل أعمال كويتي "فهد.ع" كان يتردد بشكل مستمر إلى لبنان قبل أن يقرر شراء شقة في ربوعه فاختار منطقة الحازمية التي يحبها جداً، فمضى بمساعدة أحد الأصدقاء اللبنانيين باحثاً عن شقة واسعة في تلك المنطقة.

قاده القدر للتعرّف إلى "محمد.ش" الذي يعمل في مجال العقارات وله زبائن كثر، وبعد لقاءات عدة أصبحا صديقان وكان محمد حريصاً على إيجاد شقة لفهد مقابل نسبة له.

بعد شهر عاد فهد إلى لبنان ليخبره محمد بأنه وجد له شقة الأحلام في المنطقة التي يحلم بها، فذهبا سوياً إلى الحازمية وأطلعه على الشقة التي تبلغ مساحتها 220 مترا مربعاً وسعرها 600 ألف دولار أميركي.

إنبهر "فهد" بالشقة جداً وحتى بسعرها فوافق على شرائها، وكونه يثق بمحمد قام بتحرير شيك مصرفي بإسمه كي يقوم بدفع نصف ثمن الشقة، ولهذه الغاية حرر الشيك بقيمة 335 ألف دولار أميركي. وبعد يومين سافر فهد إلى ​الكويت​ على أن يعود في غضون أسبوع.

وبعد أسبوع عاد إلى لبنان متحمساً لزيارة شقته الجديدة واتصل لهذه الغاية بمهندس ديكور يعرفه جداً كي يقوم بالإشراف على هندسة شقته.

وقبل الإنطلاق اتصل بمحمد الذي حضر إليهما كي يذهبا سوياً إلى الحازمية كما أن نية فهد دفع ما بقي من قيمة الشقة كي يتفرغ لأعمال الديكور.

وبعد وصولهم، شعر فهد أن هنالك أمراً غير طبيعي يحصل، فما يستذكره أن المنطقة والعمارة وحتى الشقة التي شاهدها في المرة السابقة مخالفين تماماً لما هو أمامه.

حاول فهد معرفة ما يحصل فقال له صديقه المهندس بأن المنطقة التي هو فيها هي "الكحالة" وليس الحازمية، كما أن الشقة التي أمامه لا تتعدى مساحتها مئة وستين متراً وقيمتها المالية لا تتعدى مئتي ألف دولار أميركي.

أصرّ محمد على أنه منذ الأساس أحضره إلى تلك الشقة وأنه (أي فهد) وافق على الشقة ولكن يبدو أنه نسي الأمر، ثم اتهم فهد بأنه يحاول النصب عليه كي لا يدفع له المبلغ المتبقي من الشقة، وأنه يقوم بعملية نصب.

الخلاف والتراشق اللفظي وقع بين الطرفين لكن القدر خفف من وطأته كي لا تتطور الأمور نحو القتل.

إتصل فهد بالمصرف فوراً ( كون الشيك متأخر الصرف لعدة أسابيع) وطلب بوقف صرف قيمة الشك، الأمر الذي حال دون وقوع عملية نصب محكمة. وفوراً إتصل بمحاميه فتوجها إلى النيابة العامة في بعبدا لتقديم بلاغ بحق محمد.

خلال التحقيقات معه حاول المتهم إنكار ما نسب إليه، وقال للمحقق في إفادته الأولية أنه إستلم الشك كدفعة أولى لشراء بناء في الكحالة، وهو يحوز على تفويض من المالك بإنجاز هذا البيع ( مالك الشقة الأساسي)، ولكن فهد خدعه وحاول النصب عليه حين امتنع عن دفع قيمة الشك بحجة وقوع خلاف مع شريكه.

وبعد حلقة من البحث والتحريات تبيين أن محمد كان يخطط لعملية نصب هو وصاحب الشقة في الكحالة، بحيث يوهم فهد بأنه عاين هذه الشقة ويتم بيعها له لربما إنطلت الحيلة عليه، لكن فهد كان أذكى من ذلك، ليعود محمد ويعترف بما خطط له.

وقد تم إحالة الملف إلى القضاء المختص لعرضه على محكمة الجنايات في بعبدا وصدور الحكم النهائي بحقه.