ماذا يدور في قطاع ​الكهرباء​؟ لماذا التغاضي عن تسيير الخدمات وفق القوانين المرعية الاجراء؟والى اين سيحط رحال النزاع القائم بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل حول مجمل الامور والتلزيمات؟

اذا لم يكن من اجوبة واضحة لكل هذه الاسئلة المطروحة ، فالجواب الوحيد الحاضر والمؤكد هو ان وضع الكهرباء ليس سليماً ابداً وهو من السيء الى الأسواء على مختلف المستويات ؛ الادارة، الانتاج، النقل والتوزيع.

والحقيقة الناصعة تكمن في وضع الشبكة غير السليم المحفوف بسلسلة اعطال ، حيث هناك الكثير من المناطق اللبنانية يبقى لعدة ايام بدون كهرباء دون ان يسجل اي اعتراض، خصوصا وان المواطن اعتاد على خدمة اصحاب المولدات الخاصة الذين يعوّضون عن غياب الدولة المقصود ، وذلك لعدم القيام بتصليح الاعطال الطارئة على الشبكة رغم توالي المراجعات لدى مؤسسة كهرباء لبنان الى حين ان يأتي الفرج عن طريق تدخل احد السياسيين او الفاعلين.

ويخشى ان ينسحب هذا الواقع على طول الايام والفصول خصوصاً انه ولغاية تاريخه في 30 حزيران موعد انتهاء عقد التمديد لشركات مقدمي الخدمات الثلاث KVAو BUSو NEUC

لم يبت بموضوع اما التمديد ل3 اشهر واما التجديد ل3 سنوات ونصف كما تطالب به الشركات المذكورة ويؤيده وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل.

وعلم في هذا السياق، ان حال الفوضى ترخي بثقلها على كافة دوائر المؤسسة ، وقد انعكست اشمئزازاً ويأساً في اوساط الموظفين والعاملين في المؤسسة الذين بدأوا فعليا يقلقون على مصيرهم الذي وضع على سكة الرهانات والصراعات السياسية.

ان قضية التمديد او التجديد لشركات مقدمي الخدمات لم تحسم بعد من قبل وزارة الطاقة لان جميع الاعتمادات التي خصصت للمشروع قد نفدت ، وقد ارسل رئيس مجلس مدير عام كهرباء لبنان كمال حايك كتاباً الى وزير الطاقة يسأله عن مصير مشروع التوزيع في الكهرباء مقترحاً عليه استعادة دور الكهرباء خدمة التوزيع بغياب صدور القرار الحاسم، ولتسيير المرفق العام وشؤون المواطنين. واعلم الحايك الوزير بان الجهازين البشري والتقني حاضران وعلى اتم الاستعداد للاستلام وتأمين استمرارية القطاع.

الا ان رد وزير الطاقة كان سلبياً ومفاجئاً، ومفاده اما التمديد او التجديد للشركات الثلاث عن طريق مجلس الوزراء واما وقف كل الاعمال والمشاريع والتصليحات في اقسام التوزيع في كل المناطق اللبنانية.

هذا القرار الصادم للكهرباء ليس جديداً ،اذ ان تدخل وزارة الطاقة في شؤون الكهرباء قديم ونابع من التنازع السياسي القائم على مرفق عام ، تتضارب حول مشاريعه المصالح وتنجز الصفقات المالية بعيداً عن تحسين الآداء وتأمين للخدمة الجيدة للمواطنين بالكلفة الاقل.

ومن المعلوم ان مشروع تلزيم خدمات التوزيع قد استنفدت الاموال التي خصصت له منذ انطلاقته وهو بقيمة 800مليون دولار. واي قرار بالتمديد او التجديد يتطلب موافقة مجلس الوزراء وفت اعتماد جديد له خارج موازنة الكهرباء لعام 2017، وهو ما يعارضه وزير المال.

والجدير ذكره، هو ان احدى الشركات الثلاث وهي الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية NEUC ،قد ابدت استعدادها للخروج من منظومة شركات مقدمي الخدمات، مع انتهاء عقدها مع مؤسسة الكهرباء، في نهاية شهر حزيران 2017. وطلبت عبر بيان أصدرته الأربعاء 31 أيار، من مياوميها أخذ العلم بأنه في حال لم يتم التجديد رسمياً للعقد الموقع بين الشركة ومؤسسة كهرباء لبنان ضمن المهل القانونية، ستنهي عقود العمل الموقعة مع الموظفين بصورة نهائية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 30 حزيران، وسيتم دفع جميع المستحقات للموظفين، تبعاً لقانون العمل اللبناني.

بعض المراقبين يقوم انجازات مقدمي الخدمات مشيراً الى انها لم تأت بجديد، ولا يزال واقع الكهرباء يراوح مكانه، رغم الـ 800 مليون دولار التي سددت لها . ، كما يلفتون الى ان ما من قانون يجيز لمؤسسة الكهرباء اعطاء ما يقارب الـ 70% من مكاتبها للشركات لكي تدير اعمالها من دون مقابل. هذه الشركات جاءت لتحسن وضع الكهرباء، ولكن النتيجة لم تكن على مستوى الآمال ؛ فإن الجباية تراجعت والشبكات أصابها الاهتراء، والعديد من المحطات الخاصة والمخارج الخاصة لم تنفذ رغم ان ثمنها مدفوع، اضافة الى عشرات الآلاف من العدادات، عدا عن الاخطاء في الفواتير التي أصبحت تناهز في بعض الدوائر.

ومن المعلوم انه صدر قانون تنظيم الكهرباء 462 في أيلول 2002. و حدد هذا القانون القواعد والمبادىء والأسس التي ترعى قطاع الكهرباء، بما في ذلك تحديد دور الدولة في هذا القطاع، والمبادىء والأسس التي تُنَظّمه وقواعد تحويله أو تحويل إدارته كلياً أو جزئياً (الإنتاج والتوزيع) إلى القطاع الخاص. ولقد نصّ هذا القانون على مبدأ استقلالية كل من نشاطات الإنتاج والنقل والتوزيع بالإضافة إلى تحديد أصول الاستعانة بالقطاع الخاص وكيفية إعطاء ومنح التراخيص لقطاعي الإنتاج والتوزيع، ودور إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء (الهيئة الناظمة)، وهي الهيئة التي لم تبصر النور حتى اليوم رغم القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في وقت سابق ، والقاضي بتعيين أعضاء الهيئة في مهلة أقصاها ثلاثة أشهر والسبب يعود في ذلك الى عدم حماسة الوزير المعني لانشاء هذه الهيئة .

في مطلق الاحوال ، بعد 30 حزيران يوم آخر للكهرباء والويل للاعطال التي ستصيب الشبكة، لانه ما من مستجيب وما من مرجعية مفيدة للمواطن الذي شبع وعودا وملّ انتظاراً.