ثلاثة ​فنادق​ كانت تُعتبر الأهم في تاريخ لبنان السياحي في القرن العشرين تستعد للعودة إلى موقعها السياحي والإقتصادي الريادي عبر إعادة ترميمها بميزانيات مالية ضخمة، هذه الفنادق هي : فندق "القاصوف" في بلدة ضهور شوير، فندق "صوفر الكبير" في بلدة صوفر، وفندق "الهوليداي إن" في منطقة برج المرّ بيروت. 

الفنادق المذكورة كانت واجهة لبنان السياحية ومقصداً للعرب والأجانب، إستقبلت  أهم المؤتمرات العربية والأجنبية وشهدت أبرز الحفلات الفنيّة والثقافية الضخمة، لكن نيران الحرب اللبنانية أتت عليها والتهمتها قاضية على تاريخ عظيم من إقتصاد لبنان الأساسي، بعد الحرب بقيت هذه المرافق تنتظر من يعيدها إلى الحياة مجدداً إلى أن وفي ظروف آنية متزامنة صدر القرار بإعادة ترميمها لتنافس فنادق ضخمة موجودة حالياً ولتأمين فرص عمل عديدة قد تساهم في تنشيط عجلة الإقتصاد.

"القاصوف" و 30 مليون دولار أميركي لترميمه :

يُعتبر فندق "القاصوف" من بين أقدم الفنادق في لبنان، يقع في وسط بلدة ضهور شوير، تم بناؤه في العام 1890 لتاجر مغترب من آل "القاصوف" ولكن في العام 1920 إشتراه شخص من آل "الخوري" ومعه شريك أردني وتم تحويله إلى فندق مع الإحتفاظ بإسم "القاصوف"، وبميزانية تقدّر اليوم بمليون ونصف المليون دولار أميركي تم تجهيزه ليصبح مرفقاً سياحياً مهماً ومقصداً لأهم الشخصيات السياسية والفنيّة البارزة.نذكر من زواره في الماضي  ملك مصر آنذاك فاروق الأول الذي كان يقضي عطلته الصيفية فيه، كذلك الأمر بالنسبة للجنرال الفرنسي المقيم في لبنان زمن الإنتداب شارل ديغول، وفي العام 1932 تم إجراء أول مسابقة جمال في لبنان داخل "القاصوف"، كما كان مقراً لكبار فنانين العرب منهم أسمهان وأم كلثوم وفريد الاطرش، أما الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب فقد حجز له في هذا الفندق غرفة خاصة به ليطلق منها اجمل الحانه وهو يحتسي قهوته الصباحية في بهو الفندق المطل على مشارف الشوير.

الفندق المؤلف من ثلاثة طوابق حجرية ويتيمّز بهندسة فاخرة مبنية من الصخر  كما أنّ أروقته كانت يزيّنها البلاط والرخام المستوردة من إيطاليا، و تحيط به حديقة كبيرة مع مقاهي ومطاعم متعددة، لكنه آبان الحرب اللبنانية وتحديداً في  العام 1977 توقف العمل به كما تعرّض لقذائف على مدار السنوات.

في العام 2010 حاول رئيس البلدية آنذاك الياس بو صعب إعادة الحياة إليه عبر إقامة حفلة ملكة جمال المغتربين، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم كان "القاصوف" ينشط يوماً واحداً في السنة عبر إستخدام الحديقة لإجراء الإحتفال إلى أن قرر بو صعب وبالشراكة مع رئيس البلدية الحالي، الياس صوايا، شراء الفندق وترميمه.

وفي حديث خاص مع "الإقتصاد" أشار صوايا إلى أن كلفة شراء الفندق وصلت إلى حدود الـ20 مليون دولار أميركي، وقد تمت الصفقة منذ سنة فقط لكنها لم تخرج إلى الإعلام، وأن العمل في إعادة الترميم ستًجرى في غضون ستة أشهر على أن يتم الإنتهاء به بعد سنتين تماماً.

وفي هذا السيّاق يقول صوايا أنّ  الميزانية المالية المفروزة لإنشاء غرف وقاعات جديدة عدا عن فرش وشراء أثاثات ستصل إلى نحو الـ30 مليون دولار أميركي، وأن هذه القيمة المالية الضخمة تستحق أن تُصرف على مشروع ضخم كهذا من شأنه إعادة الفندق إلى الخارطة السياحية العربية وفي لبنان.

وعن  "القاصوف" في عهدته الجديدة يقول " سيكون هناك 105 غرف جاهزة لإستقبال الزوار، منها أجنحة ملكية للشخصيات المميزة، كما سيتم إنشاء 3 قاعات خاصة بالمؤتمرات و مسبح مغلق مع بناء قاعات خاصة بالأعراس وأعياد الميلاد، وسيتضمن مطعمين شرقي وغربي ومقهى داخلي لإحتساء المشروبات ومقهى خارجي يستقبل زوار من خارج الفندق.

ويؤكد صوايا  بأنّ هذا الفندق سيؤمن أكثر من 600 فرصة عمل من كافة القطاعات كالفندقية والمحاسبة وإدارة الأعمال وحتى عمال عاديين.

"صوفر الكبير" و 40 مليون دولار أميركي

على طريق الشام الدولية وفي أشهر مصيّف في قضاء عاليه وتحديداً بلدة صوفر يقبع فندق ضخم وفخم بتصاميمه الهندسية التي تشبه القصور في الأساطير، هو "فندق صوفر الكبير" الذي توقفت الحياة داخله منذ العام 1981، وخلال الإجتياح الإسرئيلي للبنان تم إحتلاله من قبل الإسرائيليين ومن ثم تعرّض لقذائف دمّرت جزءاً منه.

منذ 36 سنة و "صوفر الكبير" ينتظر من ينفض الغبار عنه، تعود ملكية الفندق إلى السيّدة إيفون سرسق كوكرن بعد أن آل إليها بالإرث ومنها الى الورثة الآخرين من أبنائها والفروع.

يقول رئيس بلدية صوفر، كمال شيّا، في حديث مع "الإقتصاد" أن القيمة التقديرية للفندق تساوي اليوم حوالي 15 مليون دولار أميركي، وهو من بين أقدم الفنادق لربما الأول في لبنان، وقد شهد عزّا كبيرا من مهرجانات وإستضافة أسماء كبيرة من عالم الفنّ كذلك الشخصيات السياسية والخليجية البارزة.

ويضيف " يضم الفندق حالياً زخارف ومنمنمات في البناء الذي شيد في نهـاية القرن الثامن عشر، لم يعد  أحد يتقن عملها، فضلاً عن أن الأسقف الصامدة بعد والتي تجمع بين الحديد والخشب وحجارة القرميد التي تعتبر قيمتها المالية باهظة جداً تتخطّى مليوني دولار أميركي.

ويقول شيا أنه  تداولت معلومات منذ خمس سنوات عن  إحتمال هدمه، إلا أن رودريغ كوركن إبن الراحلة إيفون سرسق سارع منذ فترة الى البدء ولو ببطء بترميم الطابق السفلي للفندق  بكلفة تتراوح قرابة نصف مليون دولار أميركي، وهو يأمل بأن يستمثر هذا الطابق ضمن مشروع يستقبل المناسبات من حفلات زفاف كبيرة وأعياد ميلاد مهمة إلى جانب مؤتمرات أو ورشات تدريب تابعة لمنظمات عالمية ، ويكون بذلك قد رفع خطر إزالة هذا المعلم السياحي التاريخي، ومما يساعد في بنائه رويداً رويداً فيما بعد. 

ويحمل هذا الفندق "رخصة كازينو" من وزارتي السياحة والمالية،  وتحمل الرقم واحـد فهذا الفندق شهد قيام أول كازينو في لبنان خلال فترة الحكم العثمـاني، ونتيجة لوجود الكازينو فرض المتصرف مظفر باشا آنذاك، على بلدية صوفر إقامة حديقة عامة ومسرح صيفي ومخفر يتسع لستين دركياً.

"هوليداي إن" والمزاد العلني : 

في منطقة كليمنصو  يرتفع مبنى فندق "هوليداي إن" الشهير بجدرانه المثقوبة

وهيكله الخاوي بعد ان كان رمزا لعصر ذهبي مر به لبنان.

الفندق المهجور منذ العام 1976 وقد كان مقراً للقناصين خلال الحرب، سيشق طريقه مجددا إلى الحياة وخلال الأشهر المقبلة، إذ وسيطرح المبنى الواقع في المنطقة العقارية الاغلى في بيروت للبيع في مزاد علني بعد ان عجز مالكوه، وهم من الجنسية الكويتية، عن الإتفاق على مصيره، بعد وفاة المالكيين الأصليين وصراع الورثة.

ويقول رولان عابديني، رئيس مجلس ادارة مجموعة "سيل" (الشركة العقارية اللبنانية المساهمة في الشركة المالكة للمبنى)،  لموقع "الإقتصاد" أن "قيمة الفندق الحالية وبحالته هذه تساوي فوق الـ20 مليون دولار أميركي، إذ يُعتبر من أكبر الفنادق من حيث عدد الطوابق مع ساحة كبيرة أمامه،  ويمتد على مساحة 150 ألف متر مربع بينها 110 آلاف قابلة للإستثمار في قلب المدينة"

ويضيف " خلال الايام القادمة، تنتهي مدة الشركة مالكة المشروع التي تساهم فيها (سيل)  بنسبة 34 % ، بينما تملك مجموعة كويتية أكثر من 50% من الأسهم. ويفرض القانون طرح ممتلكات الشركة في مزاد علني، في حال عدم الإتفاق على تمديد مدتها".