محليا:

إنعكست الأوضاع السياسية السيئة التي سيطرت على الوضع الداخلي اللبناني خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2016 بشكل سلبي على الإقتصاد، إضافة إلى إستمرار الحروب المشتعلة في المنطقة وخاصة في سوريا .. فجاء أداء الإقتصاد اللبناني في 2016 ضعيف إجمالا وسط تراجع في معظم القطاعات والمؤشرات الإقتصادية.

وعليه تراجع أداء مؤشرات القطاع الحقيقي، وفقد الإقتصاد قسطاً من وتيرة نموه، ووفقاً لمسح أجرته وكالة "بلومبرغ" من المتوقع أن ينمو الإقتصاد بنسبة 1.7% وذلك بتخفيض توقعاتها السابقة للنمو من نسبة 2.2%.

وإنكماش الإستثمارات الخارجية والداخلية وسط ترقب وحذر  من المستثمرين الأجانب، ما تسبب بمزيد من الركود الإقتصادي.

إلا أن حل أزمة الرئاسة الأولى عبر إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الأول الماضي، ثم تشكيل أول حكومة في العهد الجديد برئاسة سعد الحريري في 18 كانون الأول الجاري، نشر جواً تفاؤليا كبيرا في البلاد، وأنذر بموسم أعياد مميز ومزدحم، خاصة أن إنجاز هذين الإستحقاقين أثبت أن هناك نيّة جدية لدى الأطراف السياسيين في لبنان لإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة.

وفيما يتعلق بالتحليل والأرقام فإن معظم مؤشرات القطاع الحقيقي تُشير الى تراجع في نموها، فقطاع العقارات تراجع بشكل ملحوظ مقارنة بالعام 2015 (-12.4%)، قطاع السياحة بدوره تراجع أقله في الأشهر الـ6 الأولى من العام قبل ان يعود ويعوّض بعد الخسائر مع بداية الصيف الماضي، العجز التجاري ارتفع بـ1.04 مليار دولار على صعيد سنوي الى حوالي 13.23 مليار مع نهاية الأشهر الـ10 الأولى من العام 2016، الصادرات الزراعية والصناعية بقيت تحت الضغط، القطاع التجاري قدّم أداءاً متواضعاً بتسجيله تراجعاً بلغت نسبته 18% مقارنة بالعام 2015.

أداء القطاع العام جاء سلبياً فإزداد نمو العجز المالي العام بنسبة 8.5% على أساس سنوي ليبلغ ما يوازي 1.9 مليار دولار. الدين العام بلغ في نهاية شهر تشرين الأول الماضي 74.51 مليار دولار.

اما على صعيد سنوي فقد إرتفع الدين العام الإجمالي بـ 5.46 مليار دولار مقارنة بالمستوى الذي كان عليه في تشرين الأول 2015 والبالغ حينها 69.05 مليار دولار.

أما الإعتمادات المستندية المفتوحة للتصدير، وهي مؤشر لقياس حركة التبادل التجاري في لبنان، إنخفضت بنسبة 6.33% سنوياً الى 3.665.74 مليون دولار مقابل 3.913.30 مليون دولار في الفترة نفسها من العام المنصرم.

وحده القطاع المصرفي اللبناني حافظ على نسب نموه المرتفعة فحققت الميزانية المجمعة للمصارف زيادة بنسبة 7.36% (20.627 مليار ليرة) الى (199.67 مليار دولار) خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام 2016 مقابل (185.99 مليار دولار) في نهاية 2015.

الودائع المصرفية إزدادت بدورها بنسبة 4.16% الى حوالي 161.40 مليار دولار في نهاية تشرين الاول 2016 مقابل  154.95 مليار دولار في نهاية العام 2015.

بإختصار، العام 2016 إقتصادياً.. محصّلته ضعيفة، وبطيئة، على امل أن يحقق العام 2017 قفزة على المستوى الإقتصادي لتعويض بعض الخسائر، والبناء على أسس سليمة للمستقبل.

عربيا:

*إستدانة السعودية للمرة الأولى

اتجهت السعودية للإقتراض من الخارج لأول مرة في تاريخها بعد إنخفاض أسعار النفط فى محاولة لزيادة الاحتياطي الأجنبي لديها .

وتم تكليف بنوك "Citigroup" و"HSBC" و"JPMorgan"  لتنسيق عملية بيع سندات بقيمة تجاوزت الـ 15 مليار دولار.

* دول الخليج 2030.. رؤى استراتيجية طموحة تتجه نحو اقتصاد رقمي

أعلنت السعودية في شهر نيسان من العام 2016 رؤيتها "السعودية 2030"، والمتوقع أن يمتد أثرها خارج حدود المملكة؛ وذلك لتأثير السعودية الواسع على محيطها والمنطقة في مختلف الملفات والمجالات، ويأمل الملك سلمان بن عبد العزيز بأن تكون نموذجاً يحتذى في العالم.

وإتبعت خطى السعودية دول خليجية أخرى، فإعتمدت  قطر رؤية استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة للأعوام الـ15 المقبلة، بشكل مبكر، وتسير عليها بشكل حثيث، كما عززتها باستضافة عدد من الفعاليات العالمية المرموقة؛ على رأسها مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

وتعد رؤية قطر الوطنية 2030 خريطة الطريق لتحويل قطر إلى مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة؛ بهدف توفير مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين بحلول عام 2030.

من جهتها مازالت البحرين ومنذ إطلاقها رؤيتها الاقتصادية 2030 في عام 2008 تسير في الطريق السليم، حيث تهدف الخطة إلى استخدام موارد المملكة المتاحة بذكاء وإنصاف، وهي-"رؤية اقتصادية شاملة من شأنها تحديد وجهة واضحة للتطوير المستمر للاقتصاد البحريني".

بدورها أطلقت العاصمة الإماراتية أبوظبي رؤيتها الخاصة "أبوظبي 2030"، وهي عبارة عن خطة شاملة من الحكومة لتحويل اقتصاد الإمارة وتنويعه على المدى البعيد.

وتهدف إلى تقليل الاعتماد على قطاع النفط كمصدر رئيسي للنشاط الاقتصادي، وزيادة التركيز على الصناعات القائمة على المعرفة، وزيادة مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة (الناتج المحلي الإجمالي) بحلول عام 2030.

وكانت دولة الكويت اول من أعدت مشروع "رؤية الكويت 2010 – 2035" في عام 2007، وتم إقرارها في أيار 2008، وشارك في هذه الرؤية ما يقارب 119 شخصية وطنية ووزيراً وقيادياً، إضافة إلى مؤسسات حكومية وأهلية وشركات وجمعيات.

*الخليج يسعى لعملة موحّدة !!

ناقش قادة دول الخليج تشكيل الاتحاد الخليجي المُلح خلال قمة المنامة التي عقدت في 7 كانون الأول، ودعا الخليجيون إلى إقرار عملة موحدة، ثم الانتقال إلى خطوة أبعد تتمثل بفك الارتباط الخليجي بالدولار؛ للتأثير على إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طالب الخليجيين مؤخراً بدفع الأموال مقابل "الحماية".

كما ناقشت اجتماعات القمة الخليجية مسألة اتحاد دول الخليج لمواجهة التحديات الخارجية المشتركة؛ والمتمثلة بعواقب قانون "جاستا"، وملامح العلاقات الخليجية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تشكيل كتلة اقتصادية وتنموية منافسة عالمياً.

وسبقت القمة الخليجية جولة تاريخية للعاهل السعودي استهلها بالإمارات، ثم قطر ثم البحرين لحضور القمة الخليجية، ثم توجه إلى الكويت، حيث يرى مراقبون أنها تهدف إلى مناقشة مستقبل دول المجلس، وتقوية البيت الخليجي في ظل التهديدات الخارجية.

*لأول مرة في تاريخها.. مصر تقوم بالتعويم الكامل للجنيه

في صباح الثالث من تشرين الثاني 2016، قام البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه (العملة المحلية).

والتعويم الكلي للجنيه أمام الدولار، هو تقويض ثبات سعر الصرف بين العملتين، والسماح لهما بالحركة وفقًا لمتطلبات قوى العرض والطلب، وهو ما يطلق عليه نظام سعر الصرف الحر، وهو ما فعله البنك المركزي المصري.

وقد اتخذت مصر هذا القرار في إطار سعيها، للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وهو ما حدث بالفعل بعد التعويم، بالإضافة إلى ما أعلنه الخبراء عن رغبة البنك في القضاء على السوق السوداء، وتقوية مركز مصر المالي، من أجل تحسين تصنيفها الائتماني، ومن ثم تدفق الاستثمارات الأجنبية عليها.

*البنوك المركزية في الخليج تستجيب لقرار الفيدرالي برفع أسعار الفائدة

اتخذت 5 بنوك مركزية خليجية قرارات برفع أسعار الفائدة، عقب قرار المجلس الاحتياطي الأميركي، برفع الفائدة.

وقررت مؤسسة النقد العربي السعودي، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) من 50 نقطة أساس إلى 75 نقطة أساس مع إبقاء معدل اتفاقيات إعادة الشراء عند 200 نقطة أساس، وذلك بعد دقائق من قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي برفع معدلات الفائدة القياسي.

وفي الكويت، قرر البنك المركزي رفع سعر الخصم ربع نقطة مئوية إلى 2.5%.

وقرر مصرف البحرين المركزي، وبأثر فوري، رفع سعر الفائدة الأساسي على ودائع الليلة الواحدة من إلى 0.75%. وكذلك سعر الفائدة على الودائع لأسبوع واحد إلى 1%.

وأعلن مصرف قطر المركزي عن تعديل أسعار الفائدة؛ حيث تم سعر فائدة الإيداع لدى المصرف من 0.75% إلى 1%.

وقال مصرف الإمارات المركزي في بيان، إنه قرر رفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع بواقع 25 نقطة أساس بأثر فوري.

عالميا:

*راوندا الأكثر نموًا في العالم خلال العشر سنوات الأخيرة

أعلنت "الكوميسا"، التي تجمع السوق الإفريقية المشتركة لدول شرق وجنوب إفريقيا، أن رواندا باتت الآن واحدة من رواد القارة في النمو الاقتصادي، وقد سجل اقتصادها هذا العام معدل نمو بلغ تقريبًا 7.5%، ووفقًا لتقرير البنك الدولي فإن اقتصاد رواندا عرف التطور الأكبر على مستوى العالم كله، منذ عام 2005، ومعدلات نموه، حتى في أسوأ حالاتها، تعد مذهلة في ظل مستويات النمو المنخفضة في العالم كله.

* محاولة الانقلاب الفاشلة وتأثيرها العميق على الاقتصاد التركي

مر نصف عام تقريبًا على محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا بشهر (تموز) 2016، لكن آثارها على الاقتصاد التركي لم تنته بعد، وبالنسبة للبعض فإنها لن تنتهي قريبًا أيضًا، وكانت وكالة بلومبيرغ المعنية بالشؤون الاقتصادية والمالية، قد توقعت بعد فشل محاولة الانقلاب، أن تتحول تلك المحاولة إلى أزمة اقتصادية طويلة الأمد في البلاد.

وخفضت وكالات التصنيف الائتماني، توقعاتها لتركيا، وأعطت وكالة "موديز" لتركيا تصنيفًا عالي المخاطر؛ مما يهدد تدفق الاستثمارات على تركيا، كما أعلنت عديد التقارير الاقتصادية الدولية بعد ذلك، وعلى فترات متلاحقة خلال العام، عن تباطؤ الإنتاج الصناعي في البلاد، وتراجع معدلات النمو، وقلة أعداد السياح الآتين إلى البلاد منذ تاريخ محاولة الانقلاب الفاشلة.

وتراجعت العملة المحلية بشكل كبير، كما خفضت السلطات التركية توقعاتها للنمو في 2017، حيث توقعت أن ينمو اقتصاد البلاد في 2016، بنسبة 3.2%، و4.4% عام 2017 فقط.

*"البريكست" وآثاره الاقتصادية

يعتبر العديد من المحللين، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان أهم حدث أثر على الاقتصاد العالمي في 2016.

وعلى الصعيد البريطاني، تشير التحليلات والإحصاءات إلى تراجع كبير لمركز بريطانيا المالي والصناعي، وسط توقعات بمزيد من التراجع لصالح دول أوروبية أخرى، نتيجة "البريكست"، كما غادرت شركات صناعية بريطانيا؛ خوفًا من الرسوم الجمركية المرتقبة، مثل "نيسان" و"فولكسفاغن"، و"بي إم دابليو"، بالإضافة إلى شركات وبنوك أخرى تعمل في بريطانيا، وضعت الخطط الأولى لنقل أنشطتها إلى دول أوروبية أخرى.

*فوز ترامب 2016 .. "نهاية التاريخ"

فاز رجل الأعمال الأميركي دونالد ترامب بسباق الغنتخابات الرئاسية في أميركا، وأعلن عن نواياه في هدم أسس التجارة العالمية، عبر الانسحاب من اتفاقية "نافتا"، واتفاقية الشراكة عبر الأطلسي مع أوروبا، واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، بالإضافة إلى نيته في فرض تعريفات جمركية كبيرة على السلع المستوردة القادمة لبلاده، من بعض البلدان.

وفوز ترامب سيعني ربما ضربة قوية للغاية للنظام الاقتصادي العالمي الليبرالي.

* إتفاق "أوبك"

توصل أعضاء منظمة "أوبك" لاتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً، إلى32.5  مليون برميل.

ويبدأ تطبيق الاتفاق الجديد مطلع العام المقبل، في محاولة لتخفيض المعروض وتحسين أسعار النفط عالميا.

كما وافقت11 دولة من منتجي النفط من خارج "أوبك" على خفض إنتاجها من النفط بمعدل 558 ألف برميل يوميا، وذلك اعتبارا من الأول من كانون الثاني المقبل.

*عام الاستحواذات الصينية الخطيرة على الشركات الغربية

يمكننا أن نطلق على عام 2016، أنه عام تدفق الاستثمارات الصينية خارج بلادها بصورة غير اعتيادية، وأنه تحديدًا عام الزيادة الضخمة في الاستحواذات الصينية على الشركات الغربية؛ إذ صبت الاستثمارات الصينية في مختلف قطاعات الاقتصاد العالمي، من العقارات السكنية، وصولًا إلى شركات صناعة الأسمدة، ومن ألمانيا إلى بريطانيا، وصولًا للولايات المتحدة الأميركية.

ويعتقد العديد من السياسيين الغربيين، بالأخص اليمينيين منهم، أن تلك الاستحواذات الصينية التي تتدفق على بلدانهم، قد تؤدي إلى مخاطر متعلقة بالأمن القومي والسياسة الدولية والنظام العالمي؛ بسبب تأثيرها الممكن على البنية التحتية الحيوية، وعلى التكنولوجيا الغربية بشكل أخص.

وذكرت صحيفة "تليغراف" البريطانية في تقرير لها، أن تلك الاستثمارات الصينية، لا تسعى فقط إلى المكاسب المالية بشكل قريب، وإنما بالأساس للحصول على التكنولوجيا الصناعية، والهيمنة السياسية، وأن الشركات الصينية تسعى أيضًا إلى ترسيخ أقدامها في أكثر الأسواق تنافسية بأوروبا وأميركا.

*الفيدرالي الأميركي يرفع أسعار الفائدة .. والدولار يحقق مكاسب خيالية

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 14 كانون الأول، سعر الفائدة بنسبة 0.25% إلى نطاق 0.50% - 0.75%، وذلك للمرة الأولى منذ كانون الأول 2015.

وقالت لجنة السياسة النقدية بالمجلس في بيان صدر بإجماع أعضائها بعد اجتماع استمر يومين "من منظور يراعي الأوضاع الحالية والمتوقعة لسوق العمل والتضخم.. قررت اللجنة رفع النطاق المستهدف".

وألمح البنك المركزي الأميركي إلى تسريع وتيرة زيادات الفائدة العام القادم مع تولي إدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، السلطة، بعد أن اقتصرت على مرة واحدة هذا العام.

كما ارتفع متوسط توقعات المركزي لرفع الفائدة إلى 3 زيادات كل منها بمقدار ربع نقطة مئوية في عام 2017 من زيادتين توقعهما المركزي في أيلول الماضي، وهو ما يشير إلى أنه يشعر بأن الاقتصاد لا يزال يكتسب قوة دافعة.

ومن المتوقع أن يعقب ذلك ثلاث زيادات أخرى في كل من 2018 و2019 حتى تستقر الفائدة عند مستوى "طبيعي" في الأجل الطويل عند 3%.

وأدى رفع اسعار الفائدة إلى رفع قيمة الدولار لأعلى مستوى له منذ 14 سنة مقابل عملات العالم، مما إنعكس إيجابا على الدول التي تمتلك إحتياطات نقدية كبيرة بالدولار، واصول خارجية مقيمة بالدولار الأميركي.