فرحة الأعياد...شجرة الميلاد..ضحكة الأطفال..والهدايا، كلها عناصر تجعل من موسم الأعياد ببهجته وتقاليده فرصةً كبيرة أمام التجار لتعويض ما فات من ركود بالمبيعات ولتحقيق بعض الأرباح في ظل الأزمة الإقتصادية التي يمر بها لبنان، فينتظرونها بفارغ الصبر لعلَّهم يستقون ما عجزوا عنه في ما مر من السنة.

تختلف القدرة الشرائية من فرد إلى اَخر باختلاف نوعية البضائع التي تعرض في المحال التجارية فمن الطبيعي ان نجد متاجر تتميز بأسعارها المتدنية ومتاجر أخرى بأسعارها الخيالية. هل سنرى أناسا يحملون الأكياس ويبحثون عن ما سيسعد ذويهم في العيد؟ أم أنهم يبحثون فقط عمّا لا يزيد عن السعر المحدد لكل هدية في الميزانية؟ هل سيرضى كلٌ عن ما يتلقاه من هدية؟ وهل ستكون هدية العيد بالنسبة للتجار أرباحاً يحققونها تنتشلهم من الركود المرير؟

في محاولةٍ لموقع "الإقتصاد" بالإستقصاء عن بعض الإجابات قصدناعددا من الأسواق والمراكز التجارية في مدينة ​بيروت​.

الأسواق

يغص شارع الحمرا بالمتجولين المبتهجين بموسم الأعياد يحمل البعض الأكياس والبعض الاَخر يبحث عمّا يناسب ذوقه الرفيع، وينقسم المتسوقون بين من يرى أنه واجب عليه شراء الهدايا وإسعاد الاَخرين وبين من لا يبالي بها.

تقول إحدى المتسوقات الثلاثينية "أحب أن أشتري الهدايا لعائلتي ولا أبالي بكم أدفع ثمناً لها، ثم أنني قد اعتدت على مر السنين أن أشترى من محال معينة ولا أود أن أغيرها لأنني أجد أنه هناك تجاوبا وحسن معاملة فيها، وأجد ما يعجبني".

وفي المقابل تعلق فتاة أخرى بالقول أنها ونظراً لما تتقاضاه من أجر تبحث عمّا لا يتعدى الميزانية المسموح بها كي لا تقع في فخ الكسور في الدفع، وترى أن بإمكانها إيجاد بعض الهدايا المناسبة الثمن بعد البحث والإستقصاء عنها".

ومن جهةٍ ثانية يرى مدير أحد المحال التجارية أن المبيعات جيدة نسبياً بالرغم من تفاوتها مع مبيعات العام الماضي حيث كان هناك مغتربين أكثر من العام الحالي والأوضاع الإقتصادية كانت تسمح بالبيع بنسبة أكثر، وهم بدورهم يقومون ببعض العروضات بحيث يظلون قادرين على تحقيق الأرباح وجذب الناس في اَن معاً.

من ناحية أخرى، وصفت موظفة في محال لبيع الألبسة، منطقة وسط بيروت بمدينة الأشباح، رغم كل العروض المتنوعة التي تقدمها كل المحال والتي تتراوح بين 30 الى 50% حسومات . وتقول إن المغتربين أحضروا هداياهم معهم وغالبية الزبائن هم من اللبنانيين. وختمت " هذا الموسم كان بمثابة دمار شامل للمتاجر في السوق".

فيما يستغرب رجلٌ أربعيني الأسعار المرتفعة للهدايا والألبسة قائلاً "نحن في ظل أزمة إقتصادية تمر على الغني والفقير معاً فلماذا لا تكون الأسعار مدروسة أكثر ليتمكن الجميع من الإحتفال بالعيد؟"

وعائلة أخرى كانت قد اشترت كل غالٍ ونفيس تقول إن العيد فرحة تجمعنا خلال العطلة التي لا نستطيع أن نجتمع في غيرها، لذلك نسعى إلى شراء كل ما له أن يفرحنا والأسعار طبيعية".

المراكز التجارية

بعد جولة على المراكز التجارية التي كانت مشغولة بالزينة على مدى أيام وخلال عطلة نهاية الأسبوع إكتظت بالناس اللذين يريدون إلتقاط الصور إلى جانب شجرة الميلاد والإستمتاع بموسيقى العيد والإحتفالات والعروضات التي تقام، كان "السيتي سنتر" شبه خالٍ من المتسوقين في وسط الأسبوع.

ووصف مدير أحد محال الألبسة الفخمة أن "هذا الموسم لم يكن إيجابياً ونتحدث هنا عن معدل ناقص من الأرباح، وكانت مبيعات العام الماضي أفضل إجمالاً ووصلت إلى الضعف. ومقارنةً مع فصل الصيف الذي كان الداعم للأرباح بحيث قصد متجرنا العديد من العراقيين والسياح من الدول العربية الأخرى". وأضاف أنه هناك فرق من متجر إلى اَخر ولا يمكننا المقارنة بشأن العروض والبضائع. وأكد أن عملية البيع والشراء تتأثر بالمحيط فبعد إنتخاب رئيس الجمهورية تحسن الوضع إلى حد ما، "ونتأمل خيراً بتشكيل الحكومة..لعل الموازين تنقلب في الأيام المقبلة".

فيما وصفت موظفة في متجر للألبسة والأحذية الولادية أن لهذا العيد فرحتين تتمثل إحداهما بالأرباح التي يحققها المتجر والتي تحقق الهدف المرجو دون الضرورة لوجود عروض أو حسومات، بعد الإقبال الكثيف لشراء الألبسة "فالأطفال هم أكثر من يفرح بالعيد، كما أن الزبائن كانوا كما العادة من السياح الذين أتوا من كندا وأميركا وأفريقيا والسعودية لقضاء العيد في لبنان". ولكن لم توافقها الرأي زميلتها العاملة في متجر الألعاب التي رأت أن مبيعات هذا العيد ضعيفة ولم يأتِ زبائن من غير المعتاديين، والذين بدورهم كانت لديهم ميزانية مخصصة لم يتخطوها بالرغم من العروض على الألعاب.

متجر اَخر للهدايا إستقبل اللبنانيين والسياح مع عروضات على مر السنة كمحفز لزيادة المبيعات التي تختلف من فرع إلى اَخر، بحيث يحقق نظيره في منطقة أخرى نسبة أكبر من المبيعات.

وأحد زبائن هذا المتجر شعر أن الأسعار مرتفعة إلى حد ما ولا يمكنه الشراء منه، خاصة وأن هدايا العيد كثيرة ودخله محدود فلا يمكنه إنفاق هذا المبلغ وسيسعى إلى الشراء من أماكن أخرى بحسب قدرته الشرائية. ووافقه الرأي أحد المتسوقين الذي قال إن "الأسعار مرتفعة بالنسبة إلى الهدايا الكثيرة فإضطررت إلى اتباع إستراتيجية مغايرة عن العام الماضي، وقمت بتقليص الهدايا، ولم أقصد سوى الأسواق التجارية التي تعلو فيها أسعار الألعاب ومطالب الأطفال باتت مختلفة وجريئة بعض الشيء".

أما أحد الشبان فرأى أن موسم الأعياد هو إستغلال للمواطن، فالأسعار مرتفعة طبعاً بحسب المتجر ونوعية السلعة المعروضة. فهو كمواطن دون الدرجة الإقتصادية سيفكر بالسعر وكمواطن ذكي يفضل النوعية وهو حائر بين الإثنين لذلك سيكون هدفه معنى الهدية.

وفي مركز "ABC" أشرفية أكد أحد الموظفين أن "المنافسة محتدمة  بين متاجر الألعاب مقارنة بالعام الماضي وهذا ما يقتل مبيعاتنا، بالإضافة إلى قيام المنافسين بالعروض والحسومات التي تجذب الزبائن بمختلف الطرق. لكن ما يميزنا هو خدمتنا المميزة للزبائن الذين يقصدون هذا المركز التجاري بالتحديد لأجلها بالرغم من رفضه لأي نوع من أنواع التخفيضات والعروضات". وأضاف: "العام الماضي كان مختلفاً تماماً فكان أمامنا تحدٍ لتحقيق مبيعات بقيمة مليون دولار..وبالفعل حققنا ما هو أكثر من ذلك، أما هذا العام فمن واظب على الشراء من متاجرنا قد إلتزموا بوضع ميزانية محددة." وقال: "ما زلنا نأمل بأن تكون الأيام المقبلة أفضل، وأن يتوافد كما العادة المواطنون والمغتربون لشراء المزيد من الهدايا".

إذاً، تتفاوت الاَراء حول الوضع الإقتصادي تماماً كتفاوت المبيعات من متجر إلى اَخر. لكن، أمر واحد ثابت لا يختلف عليه اثنان هو ما يعانيه اللبنانيون جميعاً نتيجة الأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد منذ فترة بات يمكننا القول أنها طالت، الا ان اللبنانيين وكما هو معلوم، سينتزعون عن أنفسهم رداء "القلق" الذي خلقته هذه الضائقة ليلة العيد المجيد ويقضونها كما يليق بهم...بالفرح والمحبة والسلام.