بدأت مسيرته المهنية مع العلم اللبناني، فحمله وقرر أن يجوب به كل بلدان العالم. وعمد الى الحفاظ على جو من الألفة والمحبة في كل رحلاته، فتميّز بطريقته في التعامل مع الناس، وقربه منهم، وتركيزه على أدق التفاصيل المتعلقة بهم، حتى بات كل زبائنه جزءا من عائلة تكبر وتتوسع يوما بعد يوم!

"الاقتصاد" التقت مع مؤسس شركة "Vladimir" السياحية، زياد خيرالله، وتحدثت معه عن مراحل تأسيس شركته، واستراتيجيته في العمل، بالاضافة الى العوائق التي يفرضها مجاله، وطموحاته المستقبلية.

- أين كانت البداية ومتى؟

تخصصت في مجال الهندسة المدنية، أما الرحلات السياحية فبدأت على نطاق العمل الاجتماعي؛ اذ كنت أنتمي الى رعية كنسية، وكان وضعها المادي سيء للغاية، وبالتالي كنا بحاجة للحصول على بعض المساعدات المدرسية.

الانطلاقة كانت في العام 1995 في رحلة الى صيدنايا ومعلولا، وكنت في سنتي الجامعية الأولى. وهذه الرحلة أدخلت مردودا ماديا تمكنا من خلاله، من مساعدة عدد من التلاميذ. وبعدها، بات الناس يعيشون في جو عائلي، وأصبحوا أصدقاء ومقربين من بعضهم البعض.

بدأنا على صعيد منطقة الأشرفيه، لكن النشاط الرعوي توقف بسبب خلافات صغيرة ضمن نطاق الرعية، انما وعدت الناس أن أستمر في جمعهم من وقت الى آخر؛ وهذا ما حدث.

عندما أنهيت تخصصي الجامعي، كان العمل في مجال الهندسة في لبنان ضعيف للغاية، وكان المتخرجون يتجهون الى الدول العربية، لكنني رفضت أن أترك لبنان، ووجدت نفسي أدخل الى مجال تنظيم الرحلات من باب الصدفة، ودون التخطيط لذلك. وعمدت منذ البداية، أن أحافظ على جو العائلة، وأن لا يكون الأمر بمثابة مهنة بالنسبة لي.

ولقد بدأنا في لبنان وسوريا، وركزنا في لبنان على وجهات لا يعرفها الناس، لأن بلدنا كبير وجميل، ولدينا مناظر طبيعية رائعة وخلابة. ومن ثم اتجهنا الى الاردن وتركيا، وبدأنا بالتوسع الى أوروبا والشرق الأقصى؛ اذ نحاول دوما تقديم وجهات غير تقليدية، والخروج من الروتين.

ولا بد من الاشارة الى أننا لا نتكل على الاعلانات، ولا نسوق لشركتنا، بل نعتمد على أصداء الناس الايجابية. كما أنني أتواجد دوما مع المسافرين، وأحمل علم لبنان وأتنقل من بلد الى آخر، ولقد تعرفت على زوجتي خلال الرحلات. وأشكر الله على محبة الناس، لأنها أمر أساسي، كما أشكر الناس على ثقتهم بنا وبخدماتنا؛ فهذه الثقة تحملني مسؤولية كبيرة للغاية.

- هل هناك علاقة برأيك بين الدراسة الجامعية والنجاح المهني؟

أنا لم أتخصص في هذا المجال، ولكن أعتقد أن كل ما نتابعه بالعلم يثمر أكثر. فكل رحلة أنظمها، أقوم بدراسة عنها، وأبحث عن كافة المعلومات المتعلقة بها. لكن العمل مع الناس على الأرض، والصدق، والمسؤولية، تشكل عوامل أساسية في هذا المجال.

كما يجب أن تكون شخصيتي قوية لكي أتمكن من التأثير على الناس، اذ علينا أن نكون ديكتاكوريين في أماكن معينة، بهدف خلق جو متجانس يجمع بين كل الفئات والأعمار والأشخاص المتواجدين في الرحلة. فالصداقات التي تتكون خلال الرحلات جميلة للغاية، وعندما نتواجد على الأرض مع الناس، نستطيع تغيير العديد من الأمور دون أن يشعر الشخص المسافر معنا.

لكن لا بد من القول أن الاختصاص وحده لا ينفع، وفي مجال عملنا يجب التركيز على محبة الناس، وتقبل الغير، ومعرفة كيفية معالجة الأمور بسلاسة.

- هل تعتقد أن رأس المال هو عامل أساسي لتحقيق النجاح المهني؟

رأس المال لا يشكل عاملا أساسيا للنجاح، اذ من الممكن أن يبدأ الانسان من الصفر، ولكن يجب أن يتمتع بالارادة الصلبة.

ففي مجال عملنا، توجد منافسة كبيرة، وما يميز الشخص عن غيره، هو مدى صدقيته واحترامه للناس، بالاضافة الى الخدمات التي يقدمها؛ فالاستمرارية تبنى على الصدق والمعاملة الجيدة.

كما أننا نسعى دوما الى خلق وجهات جديدة، اذ أحب أن أقدم خدمات غير موجودة في شركات أخرى، ولقد تميزنا من هذه الناحية وخاصة في أوروبا، اذ أقدم مثلا الوجهات المألوفة ولكن بطريقة مميزة وجديدة.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في مجال السياحة والرحلات؟

الصعوبات كثيرة، وأحيانا لا نكون سبب المشاكل، بل تصدر الأخطاء من السفارات والفنادق مثلا. لذلك يجب أن يتحلى الانسان بالصبر، ويكون سريعا في اتخاذ القرارات، ويحافظ على الابتسامة، لكي لا يشعر الناس بالمشكلة.

- هل شعرت يوما بالتقصير تجاه أي جانب من جوانب حياتك بسبب انشغالك في العمل؟

نعم بالطبع، فعملنا في مجال الرحلات السياحية، ينشط خلال العطلات، مثل عيد الفصح ورأس السنة وفصل الصيف، وبالتالي أغيب عن عائلتي في كل المناسبات. وهذا الأمر يترك أثرا سلبيا عن العائلة والأهل والأولاد.

لكنهم بدأوا يسافرون معي خلال الصيف، وبالتالي تفهموا طبيعة عملي. لذلك أقول أن في الحياة، اذا أراد الانسان أن ينجح، عليه أن يضحي في مكان ما.(وهنا أخبر زياد خيرالله عن حادثة مؤثرة واجهته في حياته العئلية مع أبنه بعمر 5 سنوات حين  صرخ في وجهه متذمرا من كثرة أسفاره "أن كنت تغيب عني من أجل المال من أجل مستقبلي أنا لا أريد المال أريد أبي").

- هل لديك المزيد من الطموحات المهنية التي تسعى الى تحقيقها؟

طموحي في الحياة كان الصحافة، وكنت أكتب المقالات، ومن هنا أتى اسم "Vladimir"، اذ كنت أوقع مقالاتي بهذا الاسم المستعار. لذلك عندما قررت اطلاق الشركة، اخترت هذا الاسم.

أما اليوم، فأسعى الى الاستمرارية رغم الطروف القائمة، لأن عملنا يتأثر بأي تفصيل صغير وبالوضع الأمني في البلاد، فنحن مجبرون على القيام بالحجوزات في وقت مبكر للغاية لذلك نواجه مخاطر كبيرة. وبالتالي لا نتمكن دوما من توسيع طموحاتنا، لأن البلد غير قادر على اعطائنا بالمقابل.

اشارة الى أنني أحمل علم لبنان، في كل رحلاتنا، وأتنقل من مكان الى آخر، وهذا الأمر يترك آثرا بين الناس، فهناك أشخاص يعرفون بلدنا، ولديهم ذكريات جميلة في لبنان، وبالتالي يتكلمون عن الضيافة اللبنانية، والطعام، والطبيعة،... وهذا العلم بات اليوم قطعة مني، ولدي ارتباط وثيق به.

- الى أي مدى تؤثر الأسعار على حركة العمل في "Vladimir"؟

أنا لا أتابع خدمات غيري، لكنني أعرف أن هناك العديد من الشركات الأرخص، انما أقول دوما أنه ليس من المهم ما ندفعه عندما ننطلق من لبنان، بل ما دفعناه في نهاية الرحلة. لذلك أقدم أسعار رائعة، وبالتالي آخذ حقي وأعطي الزبون حقه أيضا، وبالتالي لم نواجه يوما أي مشكلة في الموضوع المادي، فزبائني يعرفون ماهية الخدمة التي أقدمها، لذلك لا يكترثون للأسعار الأرخص لدى الشركات المنافسة.

- كيف تقيم الحركة خلال موسم صيف 2016؟

الحركة كانت جيدة، وكل المشاريع التي قمنا بها كانت ناجحة، ولم أواجه أي مشكلة. وأنا أشكر الله دوما على هذا النجاح، وعلى الأشخاص الذين أصادفهم في مسيرتي؛ من شركات الطيران، والفنادق، والزبائن، والمرشدين، والسائقين،... وبالتالي أشعر أن كل رحلة نقوم بها، يباركها الرب من الأعلى.

- من خلال تجربتك المهنية الشخصية، ما هي النصيحة التي تقدمها الى جيل الشباب؟

بعض الشبان اللبنانيين يسعون الى تحقيق النجاح بسرعة، ويريدون منذ البداية أن يحصلوا على الراتب الأفضل والمركز الأفضل، لكن عليهم التحلي بالصبر من أجل الوصول. كما أن التخصص يعتبر بمثابة سلاح للانسان.

وعلى الانسان أن يحب عمله ويعطيه من كل قلبه، لكي يبادله هذا الحب. فمن يسعى الى النجاح، سيصل حتما، ولكن عليه أن يثابر ويتعب ويصبر. ولا بد من الاشارة الى أن الصدق مع الناس هو أمر مهم للغاية.

من ناحية أخرى، أنا أحب العائلة والحياة الاجتماعية، ولم أندم يوما على البقاء في لبنان، فبلدنا يحتوي على الكثير من المجالات والفرص، في حين أن الاغتراب يولد العديد من المشاكل والعوائق. لذلك فإن النجاح يبدأ من الذات!